انطلقت عاصفة الحزم بأهدافٍ سياسية واضحة على رأسها دعم الشرعية في اليمن وإعادة مؤسسات الدولة المنتخبة. غير أن الفضاء الإعلامي المفتوح عبر مواقع التواصل الاجتماعي أبان عن فئة من المثقفين والإعلاميين المؤدلجين الذين انحرفوا بتعليقاتهم حول عاصفة الحزم عن أهدافها وانزلقوا إلى هاوية العزف على الوتر الطائفي بشكل فج. إن مَن يتابع الإيجاز الصحفي اليومي للمتحدث الرسمي بوزارة الدفاع العميد أحمد عسيري يلحظ بوضوح أن الأهداف التي تستهدفها طائرات التحالف هي أهداف عسكرية محضة لا تستهدف المدنيين أيًّا كان انتماؤهم المذهبي، فهي ليست ضد الحوثيين من حيث كونهم حوثيين، ولكنها ضد الميليشيات المسلحة التي انقلبت على الشرعية وضد مخازنها العسكرية. إلا أنه من المؤسف أن ما نشاهده أو نقرأه في تعليقات بعض الدُّعَاة والمُثقَّفين هو عكس ذلك الهدف تمامًا. فالبعض في معرض حماسه يُشوّه الدور الشريف الذي تقوم به المملكة بتصويره للحرب بأنها ضد طائفة بعينها، مما يوحي بأنها ضد المدنيين أيضًا وهي غير ذلك تمامًا. وبينما ينتقد الجميع الطائفية، ينزلق البعض في تعليقاته وحواره نحو الطائفية من حيث يعلم أو لا يعلم. لذا فمن الضروري أن يستحضر المثقفون والإعلاميون هذا الفرق الدقيق بين موقف المملكة الرسمي والفعلي وبين ما يتصورونه وهم يدخلون في جدال وعراك طائفي مع الآخرين حتى لا يتم تشويه موقف المملكة النبيل في غمرة الحماس والجدل بين أطياف المثقفين والإعلاميين. وبدلًا من أن ينمو الحوار المدني الحضاري بيننا حول هذا الحدث السياسي نجد أننا عدنا لنصنف بعضنا بعضًا، ونكيل الاتهامات والسباب الطائفي لمن يختلف عنَّا في التوجه الفكري، ونتراجع لنقطة الصفر التي تجاوزناها باعتبارنا دولة حديثة لا تقوم على الانتماء المذهبي أو التطرف السياسي. صحيح أن هذا النفس الطائفي يُمارَس مِن قِبَل أصحاب الفكر المتطرف لدى كافة الأطراف، إلا أنه علينا الآن وأكثر من أي وقتٍ مضى أن نكون أكثر وعيًا بأهمية مجابهة هذا التوجه الطائفي في حواراتنا وتعليقاتنا وأن نرتقي فوق هذه المنزلقات الخطيرة. حمى الله بلادنا من الشرور والفتن، وسدد خطى قيادتنا الحكيمة، ونصر صقورنا البواسل.
مشاركة :