حذرت المخرجة المسرحية منى أبو سديرة من خطورة تلقي أعمال فنية تدور حول موضوعات السحر والشعوذة، لأن الأمر وقتئذ يتعلق بمدى انخداع المتلقى في ذكاء الكاتب وإيهامه.وقالت "منى" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" إن الأدب الشعبي – في حقيقته- يزخر بالخرافات التي لجأ اليها المبدع، سواء كان كاتبًا أم رسامًا أم حكاء؛ ليتخذ منه مطية لسرد ما يهمه من أفكار أو رؤية في إطار فنى مُسلى، ورغم ذكاء المبدع إلا أننا نرصد بعض النتائج السلبية التي تلتبس على المتلقى، وربما ينخدع ويصدق سخرية الكاتب منها، فيعتنقها بدلا من رفضها والتسلي بها كنوادر ونكت، الأمر هنا جد خطير خصوصًا عندما يكون المتلقى قليل المعرفة أو أمى.وعن تجربتها في إخراج العرض المسرحي "السحرة" للكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني، والمأخوذ عن ساحرات سالم لأرثر ميلر، أكدت "منى" أن السلاموني صاغ مسرحيته في إطار شعبي، لمس بها وجدان المتلقي البسيط المتأثر بتلك الثقافة المبنية على خرافات متوارثة، ولولا وعى المؤلف لتسربت مفاهيم مغلوطة تضلل المتلقي، وتلقي به إلى وجدان مظلم، ومغلق على أفكار مسمومة معرقلة لتنويره.وتابعت الفنانة والمخرجة المسرحية، أن الأمر لا يتوقف عند نص مكتوب أو مسرحية معروضة، بل أصبح هناك أكثر من مسلسل يدخل بيوتنا ويقتحم حواسنا ويرسخ لأفكار الشعوذة والجن والعفاريت على سبيل الجد لا الهزار أو السخرية، إنه أمر جد خطير فعلا، ونذكر فيلم "البيضة والحجر" للنجم أحمد زكى هذا العالم الأستاذ بالجامعة الذى اضطر أن يسكن سطوحا في حجرة كان يسكنها مشعوذ، ومغلقة منذ سنين إلا أن سكان السطح وعلى رأسهم جارته، التى كانت تلعب دورها النجمة معالى زايد، أصابها ذعر شديد من فكرة فتح الغرفة لأنها تعتقد أن الجن والعفاريت يسكنون هذه الحجرة، هذا الأستاذ بالجامعة وجد بيئة خصبة لترويج فكرة الجن والأعمال والأحجبة ووصل سيطه إلى كبار رجال الدولة حتى أن أحد الوزراء أتى به ليعمل له عمل أو حجاب يسترد به مكانته الوظيفية وخسائره المادية. وتساءلت "منى" ألهذا الحد هناك خطورة في تناول هذه التيمة ؟ الإجابة نعم.. وبكل ثقة نعم.. فالمجتمع الفني وعلى رأسه الفنانين والفنانات، ينتشر فيه أفكار من هذه وتقام حفلات لقراءة الكف والتحصين وهناك أمور أكثر خطورة فبعضهم يري في شيوخ بعينها بركة واختراق لقدرات، فيقدرونهم على نحو مبالغ فيه يصل إلى تقبيل الأيدي والأرجل أو ما شابه. وأشارت إلى أننا في أزمة حقيقية ومروعة رغم التعليم الجامعي وادعاء الثقافة، إلا أنهم يقعون في براثن تلك الأفكار المغلوطة أو المسمومة، هذه الظواهر تمارس سرا بأشكال مختلفة وبحرص لكنها سرعان ما تنفضح ونكتشف أسماء ما كنا نشك لحظة في استنارة عقولها ونقاء وجدانها، القضية جد خطيرة، لأننا ندعى ما لانفعل، ندعى العلم ونحن لا نعرف إلا قشوره، ندعى الثقافة ولا نحفظ إلا عناوين، ندعى التدين ولا نمارس إلا طقوسه الحركية الشكلية، أخطر فئة على المجتمع هم مثقفوه وعلماءه، إذا فقدوا الضمير ضللوا المجتمع وأسدلوا الستار على كل حلم وأمل وطموح.
مشاركة :