< بين الحرب والحب حرف «الراء» في قاموس اللغة، وما بينهما في «عاصفة الحزم» (على الحدود السعودية – اليمنية) كيلومترات معدودات وكثير من مشاعر، فالحرب خطوة نحو «الموت»، والحب خطوة من أجل «الحياة». جمعت «عاصفة الحزم» الحرب والحب في محيط كيلومترات؛ وربما أقل، ففي الوقت الذي يحتفل فيه «عرسان» (إحدى محافظات جازان الحدودية) بـ«ليالي العمر»، تواصل المقاتلات الحربية في الليالي ذاتها تحليقها المستمر فوق مقار احتفالاتهم، منطلقة نحو الحدود اليمنية لقصف الميليشيات الحوثية. ما أن يسدل الليل أستاره على محافظات وقرى جازان، حتى تبدأ ليالي «عاصفة الحزم» هبوب رياحها الجنوبية، ففي الوقت الذي يدخل العريس قاعة زفافه والعروس «كوشة» فرحها، وسط «أهازيج وزغاريد» في القاعتين المتجاورتين، ليمتزج معهما صوت «الدوي» وصداه الذي يخرس «ضجيج الحوثيين» على بعد مرمى بصر. ليالي «الحزم» لم تجمع الحب والحرب في الزمان والمكان ذاتهما فحسب، بل قرعت في لياليها طبول «الحرب» في الشريط الحدودي، في حين كان أهالي القرى يستمتعون برقصتهم المعروفة بـ«الجيزانية». «سنرقص رقصة الحرب ونتبعها برقصتنا الجيزانية»، هذا ما يقوله العريس محمد مدخلي: «أشعر بالفخر وأنا أحتفل بزواجي الليلة في وقت تواصل قواتنا عمليات عاصفة الحزم، وأهل جازان سيواصلون إقامة احتفالاتهم وأفراح أبنائهم لأنهم يشعرون بالأمن والأمان، حتى وقراهم الحدودية تشهد مواجهات عسكرية مع الميليشيات الحوثية». ويضيف بفخر: «أهالي القرى الحدودية يفخرون بأن بعض أبنائنا مرابطون على الحدود»، مشيراً إلى أن حفلات الزفاف بالقرب من الحدود الجنوبية لم تتوقف منذ انطلاق «عاصفة الحزم» قبل 14 يوماً. ويتابع: «ما يحدث هنا قلّما يحدث في دول العالم، كأن تكون المناطق القريبة من الصراعات العسكرية يمارس ساكنوها حياتهم بشكل طبيعي، وهذا فضل من الله ثم بفضل ثقة الأهالي في قدرة القوات الأمنية على دحر العدو واستتباب الأمن وعدم تأثير ذلك على حياة الناس».
مشاركة :