< عندما أسدل الستار عن نهائيات كأس العالم الماضية، ظن البرازيليون أن خيبة منتخبهم ستستمر وقتاً طويلاً، وقد تمر سنوات قبل ان يتعافى من صدمة السباعية الالمانية، لكن بتعيين النجم ومدرب المنتخب السابق دونغا فانه نشل الملايين من مرارتهم وأعاد بعضاً من الكبرياء لعملاق الكرة العالمية، لكنه هل نجح بمخدر للآلام أم وجد علاجا دائما لأزمة السامبا؟ بعد ثمانية شهور على أقسى هزيمة في تاريخ السامبا فان دونغا نجح في رد الاعتبار في المباريات الثماني التالية محققاً انتصارات لافتة ، كان آخرها الفوز على تشيلي 1/0 ، حيث اعتبر 63 % من مشجعي السامبا بعد المباراة أن دونغاً فعلاً نجح في اعادة الكبرياء خصوصاً ان الانتصارات الثمانية المتتالية جاءت كلها خارج البرازيل، ومن بينها انتصارات على عمالقة مثل الغريم التقليدي المنتخب الارجنتيني وفرنسا وتشيلي وكولومبيا، مسجلاً خلالها 18 هدفاً ولم تستقبل شباكه سوى هدفين، علماً أن دونغا الذي درب المنتخب من 2006 وحتى الاقصاء من مونديال جنوب افريقيا في 2010 من الدور ربع النهائي، لا يملك شعبية بين انصار السامبا، لكن جاء في وقت عصيب ونجح الى حد كبير في تغيير هذه الصورة، رغم ان الاختبار الحقيقي لقدرات دونغا ستأتي خلال أسابيع الصيف المقبل في منافسات "كوبا أميريكا" لأمم امريكا الجنوبية، كما سينتظر حتى شهر أكتوبر (تشرين الاول) المقبل قبل ان يخوض أول مباراة رسمية على أرضه في حقبته الجديدة،عندما تخوض البرازيل منافسات تصفيات كأس العالم 2018. لكن ماذا فعل دونغا يختلف عما فعله سلفه لويس فيليبي سكولاري؟ أحد أهم عوامل نجاح البرازيل في السنوات الاخيرة التألق الدائم والمستمر للنجم الاول نيمار، فرغم انه لم يتعد 23 عاماً الا ان كثيرين يعتقدون انه لولا اصابته في المباراة امام كولومبيا في ربع نهائي المونديال الماضي، لما سقط المنتخب في نصف النهائي، لان الفريق انهار سيكولوجياً من غيابه، والدليل انه سجل 8 أهداف من الاهداف الـ18 التي سجلها الفريق خلال انتصاراته الودية الثمانية، كونه يعطي الفريق العامل الاضافي لجعل المنتخب رائعاً بدلاً من عادي، وهذا ما عززه دونغا خلال الشهور الماضية، لكن الاهم انه نفض الفريق المخيب في المونديال ليبني فريقاً شبه جديد، حيث لم يتبق من المنتخب المونديالي سوى 9 لاعبين. وأبرز النجوم الجدد المهاجم فيرمينو الذي يلعب مع هوفنهايم الالماني، والذي يعد مغمورا الى حد كبير بين انصار السامبا ، حتى تعرفوا عليه في المباراة الودية امام استراليا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما شارك بديلاً في وقت متأخر وسجل هدفا رائعاً جلب الفوز للبرازيل، وساهم في صنع هدف رائع امام فرنسا الاسبوع الماضي، قبل ان يعود ليسجل هدف الفوز امام تشيلي في المباراة الاخيرة ليتبين الفارق الشاسع بينه وبين البطيء والثقيل فريد الذي اعتمد عليه سكولاري في المونديال، كما برز المدافع الأيمن دانيلو الذي ذكر بالاسطورتين كارلوس البرتو وكافو، وتغلب على الازمة في هذا المركز والتي فشل في حلها داني الفيش و مايكون. كما اعطى دونغا فرصة لميراندا المتألق مع اتلتيكو مدريد والذي أقصاه سكولاري من التشكيلة المونديالية، ليرحل المخفقين دانتي وماكسويل وهنريكي ورافينيا. الفارق بين برازيل سكولاري وبرازيل دونغا أن الاخير بات يتمتع بقدرات مهارية وسرعة في الخط الهجومي، وأصبحت هناك عقلية مشابعة لمنتخبي 1970 و1982 اللذين اعتمدا كثيراً على التمريرات السريعة والدقيقة والمهارات العالية وهو ما افتقده منتخب 2014 الذي اعتمد اكثر على الكرات العالية واللعب المباشر بالاضافة الى حسن قراءة الخصوم وصد هجماتهم بأي وسيلة كانت، حيث ارتكب البرازيليون في مباراتهم الاخيرة امام تشيلي 32 خطأ في مقابل 15 للتشيليين، ما يعكس مدى جدية التعامل مع الخصم وفعل ما ما يلزم لافساد هجمات الفريق المقابل، وأيضاً عكست عقلية دونغا في التعامل مع هذه الوديات بصورة جدية، حتى انه أجرى خمسة تغييرات في الدقائق العشر الاخيرة في مباراته امام فرنسا كي يكسر وتيرة خصمه وافكاره الهجومية. ورغم كل المؤشرات الايجابية التي عكستها الشهور الثمانية الماضية منذ قدوم دونغا والانتصارات في ثماني مباريات، الا ان الوديات لا تعكس عادة القدرات الحقيقية للمنتخب البرازيلي، فسكولاري حقق 9 انتصارات متتالية في الوديات التي سبقت المونديال الاخير مسجلاَ 30 هدفاً ولم تستقبل شباكه سوى هدفين وهو سجل أفضل مما حققه دونغا حتى الآن، لكن الاختبار الحقيقي لقياس مدى التطور الذي حققه دونغا سيأتي بعد شهرين في كوبا أميركا.
مشاركة :