واصل القطاع الأكبر من الشعب السوداني، الساعات من مساء أمس الثلاثاء حتى ظهر اليوم الأربعاء، ترقبا لهذه اللحظة التاريخية المتعلقه بالتوافق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وإتمام الاتفاق السياسي وتوقيعه بين الطرفين. ويمثل توقيع الاتفاق السياسي صباح اليوم، خطوة لإدارة المرحلة الانتقالية في الفترة القادمة، وتحقيق الطموحات الشعبية لسودان جديد، بعد إسقاط نظام الرئيس عمر البشير، عقب احتجاجات شعبية وضعت كلمة النهاية في مطلع أبريل/نيسان الماضي. ومع إتمام الاتفاق السياسي، والاحتفال بهذه الخطوة، يتوقف السودانيون أمام ما هو أهم لإنجاح المرحلة الانتقالية القادمة، والتي ستصل مبدئيا إلى 3 سنوات، وتتعلق بتوقيع الوثيقة الحاكمة أو ما يعرف بـ”الإعلان الدستوري”، الذي سيحدد صلاحيات كل طرف من أطراف تقاسيم السلطة. بداية من مساء الجمعة المقبل، ستعقد جلسات الإعلان الدستوري، الذي يحدد بشكل أساسي صلاحيات السلطات الثلاث بالفترة الانتقالية، وهي مجلس السيادة، مجلس الوزراء، المجلس التشريعي، حيث يرى مراقبون وسياسيون سودانيون، أن هذه الصلاحيات ستكون محور عملية التوافق وذوبان أي خلاف والسير بالمرحلة الانتقالية في سلام. التخلي عن فكرة الحصانة المطلقه لأفراد المجلس العسكري والصلاحيات الإضافية التي يرغب فيها المجلس السيادي في الوثيقة الدستورية، هي نقاط خلاف باقية حول الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري والقوى السياسية، التي يقودها “الحرية والتغيير”. وبحسب سياسيين سودانيين، فإن نقاط الخلاف تكمن في رغبة القوى السياسية في أن تكون سلطات مجلس السيادة، الذي سيمثل بشكل كبير المجلس العسكري، “شرفية”، وألا يكون المجلس العسكري متدخلا في تعيين المسؤولين والوزراء، سواء في مجلس الوزراء أو المجلس التشريعي، وأن يكون دوره في التعيينات هو الاعتماد فقط لما يتم اختياره من جانب القوى السياسية. وفي السياق ذاته، يقول الكاتب الصحفي السوداني حمور زيادة، إن هناك ضرورة لإنجاح جلسات الوثيقة الدستورية، بتنازل المجلس العسكري عن فكرة الحصانة المطلقه لأفراده أو الصلاحيات الإضافيه التي يرغب بها في المجلس السيادي. وأكد حمور، في تصريحات لـ”الغد”، على ضرورة أن تكون سلطات مجلس السيادة شرفية، وأن يكون دور المجلس العسكري في إقرار التعيينات هو الاعتماد فقط دون التدخل في الاختيارات. بينما أوضحت عضو اللجنة الفنية للتفاوض السوداني، ابتسام سنهوري، أن الوثيقة الدستورية (الإعلان الدستوري)، الذي سيتم مناقشته بدءا من يوم الجمعة، ستحدد بشكل تفصيلي الأجهزة الثلاثة، وهي المجلس السيادي، ومجلس الوزراء، والمجلس التشريعي وتوصيفاتها واختصاص عمل كل جهاز، وأيضا ما يتعلق بوضع حقوق الإنسان في الفترة القادمة بالسودان. وعبرت عن آمالها بأن تكون الوثيقة الدستورية مقدمة لنظام مدني برلماني قريب من النظام الرئاسي. وتتوقع الخبيرة القانونية عدم وجود عقبات في الإعلان الدستوري، طالما تم الاتفاق على الخطوط الحاكمة في الاتفاق السياسي، الذي يعتبر الأساس. وتابعت: “ننتظر جلسات طويلة مرهقة، ولكن لن يكون هناك خلاف بمعنى الصدام بين الأطراف، لأن أسس التفاهم الجيد الذي سيتتم العمل عليها في الفترة القادمة انطلقت من الاتفاق السياسي”. فيما أكد الكاتب الصحفي السوداني، شوقي عبد العزيز، أن الإعلان الدستوري سيظل معلقا ولن يتم الاتفاق عليه، في ظل تمسك المجلس العسكري بالحصانة المطلقة غير المقيدة باشتراطات قضائية. ولفت إلى أن الحصانة المطلقة غير الإجرائية، ستضع المجلس العسكري في خانة التجريم، في ظل تأهيل الاتفاق السياسي لفتح الباب للعديد من التفاهمات. وأردف: “الوسيط الإثيوبي يقول إن ملف الإعلان الدستوري أبسط في التعقيدات ولن يأخذ أكثر من جلستين، ولكن إذا توافق الأطراف سيتم التوصل إلى تفاهم سريع”. في حين قال المحلل السياسي خالد الفكي، إن الإعلان الدستوري هو العقبة الأكبر وتتطلب من الجميع تضافر الجهود وبذل مجهود أكبر، ويحتاج إلى صبر وحكمة وتقديم الطرفين العديد من التنازلات. وأشار إلى أن الاتفاق السياسي لا يرضي الكثيرين حتى الآن، لكونه لم يلب الطموحات المتعلقة بمعاقبة رموز النظام السابقة وتقديمهم إلى العدالة، سواء عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب أو الأموال التي نهبت أو تخريب المؤسسات الاقتصادية بالسودان.توقيع بالأحرف الأولى وقع المجلس العسكري في السودان وقوى إعلان الحرية والتغيير، الأربعاء، بالأحرف الأولى على اتفاق بينهما يمهد لحل أزمة الحكم الانتقالي، التي اندلعت بين الطرفين منذ إطاحة الرئيس عمر البشير في أبريل/نيسان الماضي. وبحضور الوسيطين الإثيوبي والأفريقي، تم التوقيع على الاتفاق الذي يتضمن قضايا المرحلة الانتقالية، لكنه لا يتضمن الإعلان الدستوري. وقالت قوى الحرية والتغيير، إن “التوقيع على الوثيقة الثانية من الاتفاق السياسي المتعلقة بالشق الدستوري ستتم الجمعة المقبلة”.22 بندا بالاتفاق السياسي ويشمل “الإعلان السياسي” الذي وقعه الطرفان، بعد محادثات مكثفة ليلا لإنجاز التفاصيل، 22 بندا تستعرضها 6 فصول، تنص على “المبادئ المرشدة”، و”الترتيبات الانتقالية” و”المجلس التشريعي”، و”لجنة التحقيق”، و”مهام المرحلة الانتقالية”، و”المساندة الإقليمية والدولية”. وفيما يتعلق بـ”الترتيبات الانتقالية”، نصت الوثيقة على تشكيل مجلسين، الأول مجلس السيادة والثاني مجلس الوزراء. أما مجلس السيادة فيتشكل من 11 عضوا (5 عسكريين و5 مدنيين) بالإضافة إلى شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.الحكم بالتناوب وتناول الاتفاق التناوب على رئاسة مجلس السيادة الذي يحكم البلاد لفترة انتقالية، تستمر 3 أعوام. وينص الاتفاق الجديد على أن يترأس العسكريون أولا الهيئة الانتقالية لـ21 شهرا، على أن تنتقل الرئاسة إلى المدنيين لـ18 شهرا. وفيما يتعلق بمجلس الوزراء، فستختار قوى إعلان الحرية والتغيير رئيسا للحكومة الذي سيختار بدوره عدد من الوزراء لا يتجاوز العشرين، عدا وزيري الدفاع والداخلية اللذين يختارهما العسكريون في المجلس السيادي
مشاركة :