نظمت وزارة الأوقاف ندوة للرأي بعنوان ” تنظيم الحج وترتيب الأولويات” ، من مسجد الفتح بـ”رمسيس” بالقاهرة .حاضر في الندوة كلا من محمد عبد الستار الجبالي أستاذ ورئيس قسم الفقه العام بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة، و الدكتور محمد الشحات الجندي رئيس الجامعة المصرية الكازاخستانية للثقافة الإسلامية بكازاخستان ، والشيخ محمد الوجيه البحيري إمام وخطيب المسجد ، بحضور لفيف من القيادات الدينية بالوزارة ، وجمع غفير من رواد المسجد .وأكد عبد الستار الجبالي أننا نحتاج في هذه الأيام إلى روح الشريعة الإسلامية السمحة خاصة ونحن في عصر كَثُر فيه المتنطعون والمتشددون ، وقد أقبلت علينا أشهر الحج حيث يستعد وفود الرحمن للرحلة المباركة، قال تعالى :” وَأَذِّنْ فِي النَّاِس بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ “، وروح الشريعة الإسلامية في هذا العصر أمر لا غنى عنه ، وقد جاء الإسلام بالتيسير والتخفيف في الحج ، يقول الحق سبحانه:” يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ” ، ويقول سبحانه: ” وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ” , وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : ” إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ”. وبين أن الطاعات متفاوتة ، وليست في درجة واحدة ، بل إن إطعام الجائع ومواساة المحتاج وسداد الدين عن الغارمين ذكورًا وإناثًا أولى من تكرار الحج والعمرة ، وهذا من فقه الأولويات ، ومن يسع لإحياء فقه الأولويات فإنه يحظى بحب الله (تبارك وتعالى) ، فقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أفضل الأعمال ،فقال:”أفضل العمل عند الله أن يقضي عن مسلم دينه ، أو يدخل عليه سرورا، أو يطعمه خبزا” ، كما ينبغي أن يحرص المستطيع على أداء العبادة على وجهها الأكمل والأفضل الذي يحقق لصاحبه أعلى درجات الفضل والثواب.وفي كلمته الشحات الجندي أن الحج فيه دروس عظيمة ، حيث فرضه الله (تعالى) على المستطيع من غير تكلف ومشقة ، قال تعالى:” وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا” ، والحج عبادة تظهر الوجه الحضاري للإسلام ، حيث يأتي المسلمون من كل فج عميق، ومن كل أنحاء العالم ، مبينا أنه من أراد الحج فعليه أن يبدأ بالتوبة إلى الله- تعالى- مما عسى أن يكون قد وقع فيه من الذنوب، فصفاء القلب وطلب الصفح من الغير من متطلبات الحج ، وأن يؤدي ما عليه من الديون التي تستحق حالًا في ذمته للعباد، وأن يتزود بفقه الحج.وفي ذات السياق أكد أن فقه الأولويات وترتيبها يقتضي أن تعليم أميّ لا يجيد القراءة والكتابة ، أو إطعام فقير يحتاج إلى طعام أو كسوة أفضل من تكرار الحج والعمرة ، وقد عاب الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين على أولئك الذين يذهبون إلى الحج مرارًا وتكرارًا كيف يتطوعون وبجوارهم محتاج ، أو فقير أو جائع ،لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه أصحاب الحاجات.
مشاركة :