تقاتل تركيا اليوم على الأراضي الليبية بصورة غير قانونية مخالفة في ذلك قرار مجلس الأمن رقم (1970) الصادر عن الأمم المتحدة في 26 فبراير 2011 والذي يحظر توريد جميع أنواع الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة إلى ليبيا أو بيعها لها أو نقلها إليها بشكل مباشر أو غير مباشر، ويشمل هذا الحظر وفق قرار مجلس الأمن الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية وشبه العسكرية وقطع غيار ما تقدم ذكره. تتدخل تركيا اليوم بشكل فج وسافر في الشؤون الليبية عن طريق أفرادها وعتادها وطائراتها المسيرة داخل الأراضي الليبية دون مواراة، داعمة ميليشيات متطرفة وجماعات إرهابية مما يصعد من حدة التوتر ويفاقم حالة التناحر بين الليبين. ولا تبتعد دولة قطر عن هذا الدور، فمنذ سقوط الرئيس السابق معمر القذافي لعبت مع تركيا أدواراً مشبوهة في مساندة المليشيات والمقاتلين وأفراد مصنفين على قوائم الإرهاب عن طريق توفير شتى أشكال الدعم، من تسخير منصات إعلامية مختلفة وصرف أموال طائلة وتهريب أسلحة للميليشيات الإرهابية وتسهيل تدريباتهم العسكرية. الدور القطري التركي في زعزعة استقرار العديد من البلدان وسفك الدماء ونشر الفوضى والدمار وتشريد الأبرياء سيبقى وصمة عار في تاريخ البلدين، وممارسة هذا الدور في ليبيا ليس وليد اليوم ولطالما كان حاضراً في المشهد الليبي، فقطر وتركيا أصبحتا حاضنتين رسميتين للتطرف وملاذ آمن للارهابيين، فلا يخفى دور الضباط القطريين وتواجدهم في الداخل الليبي ودعمهم للارهابيين بالمال والعتاد أبان سقوط نظام القذافي، ونقدم في السطور التالية بعض الأمثلة على هذا الدور الذي أناط تنظيم الحمدين وأردوغان لدولتيهما في دعم شخصيات إرهابية تسعى لزعزعة الاستقرار في ليبيا وغيرها من الدول بما في ذلك دول الخليج. عبدالحكيم بلحاج: ارهابي ينتمي لتنظيم القاعدة قضى سنوات عديدة في أفغانستان ومن المصنفين على قائمة الارهاب من الدول الأربعة (السعودية والبحرين والامارات ومصر) يقيم اليوم في تركيا بدعم قطري. اعتقل بلحاج في عام 2004 في ماليزيا بمساعدة المخابرات الأمريكية والبريطانية وتم ترحيله إلى ليبيا وسجن لارتباطه بجماعات جهادية متطرفة، وليس بغريب إن علمنا بأن إطلاق سراحه في 2010 جاء بوساطة قطرية متمثلاً بشكل رئيسي في يوسف القرضاوي وعلي الصلابي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع لقطر والمصنف ككيان إرهابي من الدول الأربعة. عند سقوط حكم القذافي كان بلحاج يصول ويجول مرتكباً أبشع الجرائم في ليبيا برفقة ضباط قطريين، استغل بلحاج الفوضى التي أعقبت سقوط القذافي فنهب خيرات الشعب الليبي وتحول في عشية وضحاها إلى ملياردير مالك لشركة طيران الأجنحة التي تستغلها اليوم تركيا لنقل الإرهابيين إلى ليبيا، كما وأسس قناة النبأ التي تنتهج ذات نهج قناة الجزيرة القطرية بالتحريض على العنف والإرهاب وإراقة الدماء من ناحية، وتمجيد الجماعات المتطرفة والإرهابية من ناحية أخرى كالقاعدة وانصار الشريعة وجبهة النصرة، هذا بالإضافة لدعم الأجندات القطرية والتركية. بداية كانت القناة تبث سمومها من داخل ليبيا غير أن دورها الفاضح كمنصة للارهاب والتحريض على سفك الدماء جعل مجلس النواب الليبي يصنف القناة ككيان ارهابي من بعد الدول الأربعة، مما حال دون استمرارها، إلا أنها عاودت البث مرة أخرى ولكن هذه المرة من تركيا ملاذ ومنصة الارهابيين والهاربين من العدالة. علي الصلابي: يعد علي الصلابي القيادي في تنظيم الاخوان من المتطرفين الذين تلطخت أياديهم بدماء الليبيين بدعم قطري تركي وهو مدرج على قائمة الارهاب لدى الدول الأربع. يقيم الصلابي في قطر منذ سنوات ويطلق عليه «قرضاوي ليبيا»، كما أنه عضو في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التابع لقطر الذي يرأسه القرضاوي ويعد أحد تلامذته. تطبيقاً هو مع الايدلوجية الاخوانية في التلون السياسي وممارسة التقية في سبيل تحقيق مآربهم، ناهض الصلابي ابتداءً نظام القذافي باعتباره نظام طاغية، ثم انقلب إلى داعم لنجل القذافي سيف الإسلام بعد أن أطلق الأخير مشروع «ليبيا الغد» الذي حاول من خلاله احتواء الجماعات المتطرفة ومن بينها جماعة الاخوان المسلمين، فوجد الصلابي من محاولات سيف الإسلام منفذاً للتغلغل وتفيذ مخططات الجماعة. الصادق الغرياني مفتي ليبيا المعزول المعروف بـ«مفتي الدم الليبي» من أبرز المقربين من النظام القطري، يقيم في تركيا وذو صلة بجماعة الاخوان، استغل الغرياني الرداء الديني بإصدار فتاوى مختلفة داعمه للارهاب ومحرضة لكل من يعارض الفكر الاخواني المتطرف وفي الوقت ذاته يمجد في خطاباته قطر وتركيا الداعمتين للتطرف والارهاب في ليبيا. تسبب في سفك دماء الكثيرين من الشعب الليبي وذلك عن طريق خطاباته وفتاويه ذات الجدل والتي تحرض على العنف وتدعو لحمل السلاح في وجه الجيش. أسست قطر قناة «التناصح» لتكون منصة رئيسية للغرياني ليبث فيها فتاوى الدم، ويدير القناة نجله سهيل الغرياني من تركيا. ومن فتاوى الغرياني التي تمس دول الخليج واستقرارها: إصداره لفيديو مسجل صادر من تركيا يدعو فيه للارهاب ضد دولة الإمارات وفرنسا تحت ما أسماه بالجهاد، كما أفتى بحرمة الحج والعمرة في السعودية مشدداً بأن من يعتمر أو يحج في السعودية فهو آثم وطالب المسلمين بالتبرع بالمال المخصص للحج لتمويل ما أسماهم بالمجاهدين. وما يُظهر بشكل جلي أجندة الغرياني والجهات الداعمة له، عندما أقر في فيديو آخر مسجل تهريب قطر للأسلحة وبدورها في دعم الجماعات المسلحة حيث قال «كنا في أحلك الظروف وقطر أعطت لنا من المساعدات ما يعجز عنه غيرها وتحايلت قطر بكل الوسائل لإسقاط نظام القذافي، حتى إنها أدخلت لنا السلاح في صورة أدوية». عبد العزيز السيوي: من قادة الاخوان وصاحب علاقة وثيقة بقطر، ويعد من أبرز الداعمين لعملية فجر ليبيا الممولة من قطر وتركيا بقيادة ميليشيات متطرفة في ليبيا والتي أسفر عنها تدمير مطار طرابلس وشل الحركة في ليبيا وإجلاء الامم المتحدة وإغلاق السفارات مما أدى بدوره لفرض عقوبات أمريكية على مهندس تلك العملية. حرض السيوي بشكل صريح في عام 2018 في فيديو مسجل على ارتكاب أعمال إرهابية في كل من المملكة العربية السعودية والامارات ومصر. أصبحت كل من قطر وتركيا راعيتين للإرهاب، وحيثما كان لهما موطئ قدم أو دعم في بلد ما، حل به الدمار، والسبب وراء ذلك هو أن هاتين الدولتين لا تسعيان اليوم في تحركاتهما لتحقيق أي مصالح للشعوب الأخرى، نظام الحمدين ونظام أردوغان يملكان أطماعاً في الزعامة والتوسع، وهما مستعدان لتدمير البلدان عن بكرة أبيها وتشريد أبنائها ونشر الإرهاب فيها في سبيل أطماعهما دون هوادة.
مشاركة :