لم يكن استهداف قناة الجزيرة القطرية (الذراع القذر لوزارة الخارجية القطرية) للبحرين خاصة، وللدول الخليجية إلا عمان وليد الفترة الأخيرة من الزمن، هكذا دأبت القناة، وما تنشره القناة إنما هو بأوامر ممن يمولها في الحكومة القطرية. استهداف البحرين له جذور تاريخية، وأحقاد وبغض وأمراض في النفس، لأسباب كثيرة جدا، لكني أوجز في أهم هذه الأسباب. أولا: كانت قطر تحت حكم الراية الخليفية، وتحت حكم الأسرة الخليفية المالكة، إلى أن حدث ما حدث بتدبير ومساندة من المستعمر الإنجليزي، لذلك حين جاءت أسرة آل ثاني لتنقلب على الحكم الخليفي وحدث لها ذلك بالمساندة الإنجليزية أصبح لديهم حقد غريب على البحرين، وأخذوا يتآمرون منذ ذلك الحين وحتى اليوم على البحرين وحكامها، بإيجاز فإن هذا الأمر كان أحد أهم الأسباب للأحقاد القطرية. ثانيا: كانت البحرين منذ القدم ومنذ بداية القرن الماضي منارة للعلم والمعرفة والثقافة، وكانت بالبحرين المدارس للأولاد والبنات، ولم يكن ذلك موجودا لدى غالبية دول الخليج، كما كانت البحرين وستبقى من أجمل البلدان، وكان يكسوها غطاء اخضر من النخيل، وكل ذلك لم يكن متوفرا لدول مجاورة حديثة. التعليم والماء والزراعة وصناعة اللؤلؤ والتجارة كلها مقومات كانت متوافرة بالبحرين ولم تكن متوافرة للبقية، وأذكر أن من القصص التي يرويها الآباء أن أهل البحرين كانت لديهم تجارة تصدير الماء الحلو لدول الجوار، وأولها قطر، فقد كان الماء شحيحا لديهم، وكانت أيضا المنتجات الزراعية والحيوانية تصدر من البحرين لهذه الدول، كون البحرين أرض زراعية ومتوفر بها الماء العذب، العيون (والجواجب) أي ينابيع الماء العذب وسط البحر وعلى السواحل. هذا تاريخ موثق ويعرفه أهل الخليج، ولا ينكره إلا الحاقدون الذين في قلوبهم مرض قديم. حديثو النعمة يريدون إنكار وتزوير التاريخ وهذا ليس بغريب عليهم، فهم يزورون كل شيء. أحد الأسباب أيضا موضوع حكم المحكمة الدولية الذي أكد سيادة البحرين على جزر حوار، هذا الموضوع أيضا يسبب لهم حموضة عالية، وحساسية مفرطة، فقد فعلوا ما فعلوا، ودفعوا ما دفعوا، وزوروا الوثائق في الهند وغيرها ولم ينفع شيء، وأصبح الحكم مثل الجرح النازف لهم. حتى اليوم يريدون سرقة الحرف، ويريدون سرقة كل شيء له بعد تاريخي حتى ينسبوه إليهم، فالذي ليس له تاريخ موثق يشعر دائما بعقدة النقص، وهذا ما نراه أمام أعيننا ونشعر به، وإذا أرادوا الحديث اليوم، يتحدثون عن المال، ووفرته هذا فقط الذي يعرفونه، ويريدون أن يعايروا به الآخرين، والمال من عند الله إذا شاء سبحانه يذهب به في طرفة عين، ومن يدري ما يحدث مستقبلا. عقدة النقص تجاه البحرين التاريخ والحضارة والأصالة والعلم أصبحت متلازمة عندهم ويظنون أن المال يشتري التاريخ، ويشتري الأصالة والحضارة..! رذاذ ذات مرة كنت أتحدث مع الوالد رحمه الله رحمة واسعة وجاء الحديث على رجل من عائلتنا، فقال الوالد: إن فلانا كان وضعه في ذلك الزمن بسيطا، لكنه عمل في تجارة تصدير الماء العذب والمنتجات الزراعية البحرينية في البوانيش إلى دول الجوار منها قطر، وأن هذه التجارة أدخلت عليه مردودا طيبا، حتى أصبح من الذين يملكون مالا وفيرا. الشيء بالشيء يذكر، وهذا يدل على أن خيرات البحرين كانت تعم على دول المنطقة، كما أن أبناء دول الجوار كانوا يرسلون أبناءهم لمدارس البحرين النظامية التي لم تكن متوافرة في بعض دول الجوار. كل ذلك كان تحت راية الحكم الخليفي الذي أسس لدولة حديثة متطورة، وكان أول اللبنات في تأسيس الدولة هي لبنة التعليم، وهي البوابة لكل العلوم والنهضة، ولبناء الإنسان.
مشاركة :