تريث رياض محرز قبل أن يسدد الركلة الحرة في الثواني الأخيرة من المباراة ضد نيجيريا في نصف نهائي كأس الأمم الإفريقية في كرة القدم. انتظر قائد «محاربو الصحراء» اللحظة، وأطلق كرة تحولت إلى أحد أجمل أهداف البطولة، ودغدغت أحلام الجزائريين الباحثين عن لقب طال انتظاره منذ 29 عاماً. اليوم الجمعة، يعود محرز المتوج في الموسم المنصرم بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مع مانشستر سيتي، إلى الملعب ذاته، آملاً قيادة بلاده لرفع الكأس على حساب السنغال ونجمها - غريمه في إنجلترا - ساديو ماني لاعب ليفربول المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا. على الجناح الأيمن، شكل محرز ركناً محورياً مع ثلاثي المقدمة سفيان فغولي، يوسف بلايلي وبغداد بونجاح. هؤلاء، وغيرهم، حققوا للجزائر فعالية هجومية فائقة وصلابة دفاعية نادرة: سجل محاربو الصحراء 11 هدفاً في ست مباريات، واهتزت شباك رايس مبولحي مرتين فقط. في مباراة نصف النهائي، كان محرز خلف الهدف الأول لبلاده الذي أتى بنيران نيجيرية صديقة، وانتظر حتى الثواني الأخيرة ليطلق بقدمه اليسرى ركلة حرة رائعة هزت شباك منتخب «سوبر إيغلز» (النسور الممتازة)، محتفلاً بمنح بلاده الفوز 2-1. تأثير غوارديولا اللاعب الذي نشأ في فرنسا لاسيما مع فريق لوهافر، عبر القناة الإنجليزية في مطلع 2014، منضماً إلى فريق مغمور حينها اسمه ليستر سيتي. لم يكن في حساب أشد مشجعي ليستر تفاؤلاً، أن يتوج الفريق بعد عامين بلقب الدوري الممتاز (2016). حقق الزرق المفاجأة، وشكل محرز أحد أفضل عناصرهم في موسم انتهى بنيله جائزة أفضل لاعب في الدوري الممتاز، وأضاف إليها بعد أشهر جائزة أفضل لاعب إفريقي. في الموسم التالي، تراجع ليستر، وتراجع محرز. نفحة الحياة المتجددة بثها فيه انتقاله في صيف 2018 الى مانشستر سيتي، ليعمل بإشراف المدرب الإسباني الفذ جوسيب غوارديولا، المعروف بتأثيره الإيجابي على لاعبيه بقدر إبداعه في الخطط التكتيكية. أنهى محرز في موسمه الأول مع مانشستر سيتي لقبه الشخصي الثاني في الدوري الممتاز، بعدما شارك في 27 مباراة سجل خلالها سبعة أهداف، آخرها في المرحلة الختامية للموسم ضد برايتون (4-1)، في مباراة كانت نتيجتها حاسمة لضمان اللقب بفارق النقطة الوحيدة عن ليفربول. بالنسبة إلى المدرب المخضرم على مستوى القارة السمراء، الفرنسي كلود لوروا، ثمة جانب من غوارديولا في أداء محرز والجزائر في أمم إفريقيا. على هامش البطولة، قال الفرنسي لوسائل إعلام جزائرية، إن منتخب الجزائر «منظم بشكل جيد جدا، مضبوط بشكل جيد جدا، غوارديولي (نسبة إلى غوارديولا) في استعادة الكرة من الخصم». وتابع «هذا ربما تأثير محرز مع جمال بلماضي». حانت اللحظة مع بلماضي. النجم الجزائري السابق الذي تولى مهامه على رأس الإدارة الفنية للمنتخب في 2018، عهد لمحرز شارة القيادة في الميدان، وجعله اللاعب الذي يعول عليه لصنع الفارق بموهبته متى احتاج إليها منتخب يتفوق في ابتكاره الجماعي. محرز الذي بات أول جزائري يسجل ستة أهداف في كأس الأمم (ثلاث مشاركات)، يحمل على كتفيه آمال مواطنيه المتوقع حضور الآلاف منهم في استاد القاهرة عبر جسر جوي ستقيمه السلطات الجزائرية بين البلدين. في المباراة الأخيرة له على هذا الملعب، وقف محرز في الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع لتنفيذ ركلته الحرة. عبر شاشة «بي إن سبورتس»، ردد المعلق الجزائري حفيظ دراجي، ولنحو عشر ثوان متواصلة، عبارة «حطها في الغول (ضعها في المرمى) يا رياض»، قبل ان يسدد اللاعب الكرة. لهفة المعلق ونبرة صوته المتأثرة بعد الهدف، تختصران مشاعر الجزائريين في تلك اللحظة، ببلوغ النهائي للمرة الأولى منذ لقب 1990. يدرك محرز جيداً ما يعنيه اللقب للجزائريين.
مشاركة :