تعتبر ظاهرة التدخين الإلكتروني من الظواهر الحديثة نسبيا والتي تم اللجوء إليها في محاولة للإقلاع عن التدخين واستبدال السجائر العادية بأخرى إلكترونية e - cigarette تعطي نكهة مشابهة ونفس إحساس التدخين بدون أضراره المعروفة.وربما يعتقد الكثيرون أن التدخين الإلكتروني يعتبر اختيارا جيدا للمدخن ولكن الحقيقة أنه يعتبر مرحلة مؤقتة فقط للإقلاع التام عن التدخين. ولكن ما يحدث في الأغلب هو الاعتياد على السجائر الإلكترونية ربما بشكل أكبر من السجائر العادية وهو الأمر الذي يعتبر مشكلة صحية أخرى حيث إن هناك العديد من الدراسات التي تشير إلى أن التدخين الإلكتروني ليس آمنا من الناحية الصحية كما يظن البعض حتى أنه هناك بعض البلدان التي منعت تداول استخدامه أخيرا.أخطار التدخين الإلكترونيووفقا لمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها CDC في الولايات المتحدة فإن السجائر الإلكترونية يمكن أن تتسبب في حدوث التدخين السلبي لغير المدخنين المحيطين بمستخدميها وذلك خلافا للاعتقاد السائد بين معظم الناس، نظرا لطبيعة مكوناتها التي تحتوي على النيكوتين. وحتى في الأنواع التي تكون خالية من النيكوتين يحتوي الدخان المنبعث منها على مواد لا تقل خطورة عن النيكوتين مثل بعض المعادن الثقيلة كالرصاص والنيكل ومواد كيميائية أخرى من شأنها أن تسبب أمراضا في الرئة مثل التهاب القصيبات bronchiolitis فضلا عن بعض المواد التي يمكن أن تسبب السرطانات تبعا للجمعية الأميركية للسرطان.أوضح الباحثون أن تعرض الأطفال لأي نوع ولأي كمية من النيكوتين ضار بالصحة ويجب ألا يحدث حيث إن المخ في مرحلة النمو يكون شديد الحساسية للنيكوتين ويمكن أن يحدث تلف في خلايا المخ التي ما زالت في طور التكوين ويمكن أن يحفز خلايا معينة في المخ مسؤولة عن الارتباط بتذوق شيء معين أو تناوله أو شربه. ويمكن أن يسمى مجازا بمسارات المكافأة أو البهجة reward pathways. وهذه المسارات أو المراكز العصبية هي المسؤولة عن حدوث الاعتياد لمواد معينة والاعتماد عليها مثل النيكوتين والكافيين. ويمكن أن يمهد هذا الأمر إلى أن يصبح الطفل معتمدا على نسبة معينة من النيكوتين ثم اعتياده عليها.ومن المعروف أن التدخين السلبي الناجم عن السجائر العادية يسبب الآلاف من الوفيات في الأطفال سنويا في الولايات المتحدة سواء عن طريق حدوث أمراض خطيرة لها صلة مباشرة بالتدخين مثل السرطانات أو حدوث متلازمة «الموت المفاجئ للأطفال» sudden infant death syndrome التي يعتقد أن التدخين له دور أساسي في حدوثها.أضرار الجهاز التنفسيويؤثر التدخين الإلكتروني بالسلب على مرضى الأزمة الرئوية البالغين وتزداد حالتهم سوءا وحتى الآن لا يمكن الجزم أن الأمر ذاته يمكن أن يحدث للأطفال عبر التدخين السلبي ولكن هناك بعض الأعراض التي رصدتها دراسة تم نشرها في مطلع العام الحالي في مجلة الصدر journal Chest لهؤلاء الأطفال مثل السعال وازدياد حدته وكذلك تهيج الرئتين فضلا عن أن هؤلاء الأطفال والمراهقين كانوا أكثر عرضة لحدوث نوبات الأزمة بدون أن يجربوا التدخين الإلكتروني نهائيا ولكن فقط لمجرد وجودهم وسط مدخنين للسجائر الإلكترونية. وإلى جانب ذلك فإن الذرات المتناهية الصغر من المواد الكيميائية الموجودة في تلك السجائر تترسب في أنسجة الرئة التي لا تزال في مرحلة النمو وربما تؤثر بالسلب على تكوينها.وأشارت التجارب المختبرية على الحيوانات التي تعرضت للتدخين السلبي عبر السجائر الإلكترونية حدوث نقص وتراجع في النمو في الحويصلات الهوائية alveoli الصغيرة التي يتم تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون فيها في الرئة في الحيوانات الصغيرة حيث تكون في مرحلة التكوين، وهو الأمر الذي يؤكد أن التعرض للنيكوتين في مرحلة مبكرة في الطفولة يؤدي بالضرورة إلى تراجع في وظائف التنفس.ويمكن أن يكون هذا التراجع طفيفا للغاية ولا يؤثر بالضرورة بصورة واضحة على صحة الطفل وحدوث أعراض ولكن على المدى الطويل سوف يحدث التراجع. وكذلك أوضح الباحثون أن التدخين السلبي الإلكتروني مرتبط بحدوث أمراض في الجهاز العصبي أهمها مرض فرط النشاط ونقص الانتباه ADHD.يجب على الآباء أن يدركوا أن الإقلاع عن التدخين يعني الإقلاع التام عن أي سجائر سواء العادية أو الإلكترونية حيث وجدت إحصائية أن هناك العديد من الآباء يقومون بتدخين النوعين معا وهناك البعض الذي يقوم بتدخين السجائر الإلكترونية فقط كبديل للسجائر خاصة في الولايات التي تمنع التدخين في الأماكن العامة. وقد تزايدت نسبة الآباء الذين يدخنون السجائر الإلكترونية داخل المنازل أو المركبات إلى 3 أضعاف القدر الذي كانوا يدخنونه من السجائر العادية بدون أن يدركوا أن الضرر الواقع على الأطفال كبيرا جدا ويرقى للتدخين السلبي العادي. وأعربت نسبة بلغت 64 في المائة من الآباء بالتزامهم بعدم التدخين الحقيقي في المنزل بينما بلغت نسبة الآباء الذين يلتزمون بعدم التدخين الإلكتروني 26 في المائة فقط والأمر ذاته انطبق على السيارة حيث أعربت نسبة بلغت 36 في المائة بالتزامهم بعدم تدخين السجائر الحقيقية مقابل 22 في المائة فقط للالتزام بعدم التدخين الإلكتروني.وأوصت الدراسة بضرورة أن يقوم الأطباء بتوضيح أن الطفل يجب أن يعيش في بيئة خالية تماما من النيكوتين ويجب أن يعلم الآباء أن ادعاءات أن السجائر الإلكترونية آمنة هي ادعاءات غير صحيحة وأن ذرات السجائر سواء الإلكترونية أو العادية تكون موجودة على أسطح الأثاث والنوافذ وأن هذه الذرات يمكن أن تسبب ما يعرف بالتأثير الثالث third hand وتسبب الضرر حتى بعد الانتهاء من التدخين.- استشاري طب الأطفال
مشاركة :