تجمع قواسم مشتركة عديدة بين الجزائري جمال بلماضي والسنغالي آليو سيسيه: ولدا بفارق يوم، نشأا في المدينة ذاتها في فرنسا، لكل مسيرته كلاعب كرة قدم، وكلاهما يدرب منتخب بلاده. أين يفترقان؟ عند الضفة حيث سيقفان في نهائي كأس الأمم الإفريقية. في 1976، ولد آليو سيسيه، وفي اليوم التالي أبصر جمال بلماضي النور في شامبينيي - سور -مارن. في المدينة الواقعة في ضواحي باريس، شق كل منهما مسارًا تقاطع مع الآخر في مراحل مختلفة، قبل أن يجتمعا مجدداً في لحظة تعد الأهم في مسيرتهما التدريبية: تنافس على لقب النسخة الثانية والثلاثين من بطولة أمم إفريقيا، سيرفعه الفائز. لكل رغبته وحمل ثقيل على كاهله: الجزائري يريد منح بلاده لقبها الثاني في تاريخها والأول منذ 1990 حين توجت على أرضها، والسنغالي يريد أن يهدي مواطنيه لقباً أول في تاريخ مشاركات بلاده في البطولة. قال بلماضي بشأن سيسيه: «معرفتنا قديمة، وأنا أقول ذلك بكثير من العاطفة». عندما اختار لاعب الوسط الجزائري أن يطلق مسيرته مع نادي باريس سان جرمان، كان المدافع السنغالي يحط الرحال في مدينة ليل الشمالية. لم يحصل في مسيرتهما أن تزاملا في فريق واحد في الوقت عينه، لكنهما تواجها مراراً على المستطيل الأخضر في مباريات المسابقات المحلية الفرنسية، حيث خاض كل منهما مسيرة امتدت لزهاء عشرة أعوام. المفارقة أن النادي الباريسي كان محطة لكل منهما لكن في أوقات مختلفة، التقى بلماضي الذي كان يدافع حينها عن ألوان فريق مرسيليا الجنوبي، بناديه السابق سان جرمان الذي كان حينها يضم في صفوفه سيسيه، في مباراة خرج الأول فائزاً بها 1 - صفر. على صعيد الأندية، خاض اللاعبان في ما بينهما نحو 180 مباراة في دوري الدرجة الفرنسية الأولى، موزعة بين ستة أندية مختلفة. لكن نجم بلماضي وسيسيه سطع بشكل أكبر مع المنتخب الوطني. حط سيسيه وبلماضي الرحال. الأول كان قائد المنتخب الذي حقق أفضل نتيجة له في بطولة أمم إفريقيا، بحلوله وصيفاً للكاميرون العام 2002، والثاني خاض مسيرة قصيرة نسبياً دفاعاً عن ألوان المنتخب. من سيخرج فائزاً اليوم؟ أي توقع للنتيجة سيكون بمثابة الضرب في الرمل. الجزائر قدمت في هذه البطولة أداء لافتاً دفع العديد من النقاد والمدربين المنافسين لاعتبارها أبرز المرشحين للقب، في حين أن السنغال تبقى أفضل منتخب على صعيد القارة بحسب تصنيف الاتحاد الدولي (فيفا)، وقدمت في مصر أداء ثابتاً، رغم أنها لم تفتك بشباك منافسيها. النهائي سيكون الأول في البطولة القارية يجمع بين مدربين محليين منذ تواجه المصري محمود الجوهري والجنوب إفريقي جومو سونو في نهائي 1998 الذي انتهى لصالح منتخب الفراعنة بثنائية نظيفة. في قارة عرفت منتخباتها العديد من المدربين الأجانب لاسيما الفرنسيين، سيكون بلماضي وسيسيه أمام تحدي إثبات جدارة أبناء القارة بألقابها. قال السنغالي: «الأمر أكثر تعقيداً عندما نكون محليين من حين نكون أجانب. علينا (الأفارقة) أن نثق بأنفسنا، بأبنائنا، وبمدربينا. شيئاً فشيئاً، بدأت الأمور بالتبدل». أما بلماضي، فاعتبر أن «خوض هذا النهائي ضد صديقي سيسيه استثنائي، هي رسالة جيدة نبعث بها إلى المسؤولين عن كرة القدم في إفريقيا أنا أعرف سيسيه وهو يقوم بعمل جيد». مدرب على صورة لاعب منذ توليه مهامه في 2015 خلفاً للفرنسي ألان جيريس، بنى سيسيه منتخباً سنغالياً يتقدم رويداً رويداً: بلغ نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا بعد غياب 16 عاماً، ويخوض أول نهائي له في أمم إفريقيا منذ 2002، علما أن بلوغه نصف النهائي كان الأول له منذ العام 2006. في المقابل، تولى بلماضي تدريب المنتخب الجزائري مطلع أغسطس 2018، بعد أعوام من عدم استقرار في صفوف محاربي الصحراء أخرجهم بشكل مبكر من أمم إفريقيا 2017، وأبعدهم عن مونديال 2018. طيب العلاقة بينهما يبدو واضحاً في حديث كل منهما عن الآخر. بالنسبة إلى بلماضي «سيسيه هو مدرب على صورة اللاعب الذي كان عليه. شخص منضبط جداً. على رغم نقص خبرته في التدريب، حقق نتائج سريعة وتجانساً في عمله بفضل مسيرته المذهلة (كلاعب)». رد الأخير التحية بالقول: إنه «جمال تكتيكي كبير، مدرب جيد جداً. يعرف أن يدفع فريقه إلى اللعب بقدر ما يحب أن يراه يلعب».
مشاركة :