الطرح الإعلامي ما بين الواقع والمأمول..!

  • 4/13/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

غابت البرامج الهادفة فابتعد إعلامنا المرئي بقيادة الهيئة الوليدة عن هذا النهج واستمروا في سلسلة من الانكسارات مُنذ عدة سنوات ونحنُ نستدعي الحروف والكلمات مابين إعلام مرئي ومقروء، نكتُب هُنا وهُناك، ونتحدث عبر منابر مُختلفة، نصرخ ونُناشد القائمين على الإعلام بأن يكون الطرح أرقى وأعم وأشمل ممّا هو حاصل في وقتنا الحاضر. ظلّ إعلامنا ـ مع الأسف ـ يُراوح الأزمنة، ورُبما تراجع إلى الخلف في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الصحف أو المجلات الورقية أو حتى الثورة الإعلامية التقنية، التي أظهرت لنا جيلا من الصحف الإلكترونية، ولكنها لم ترتق بإعلامنا السعودي بشكل خاص إلى مصاف العربية أو العالمية وهو ما نطمحُ إليه. ظلت هذه الاجتهادات من بعضهم «فردية» تنتهي باستقالة رئيس التحرير..! وفي الجهة المُقابلة من العُملة نجد أن الإلكترونية اختفت خلف ستار الإثارة والتكرار، ومن ثم اختفى الحماس الجماهيري لقبول هذه الصحف تدريجياً، ولو أمعنا النظر الآن في عدد الزيارات لأهم هذه الصحف، لوجدنا تراجعا عن ذي قبل، والقارئ الآن لم يعد هو قارئ الأمس، فبعد أن ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، صاحبة الريادة والمعلومة السريعة، اتجهت الغالبية إلى هُناك وحملوا حقائب البحث إليها، فاختفت صُحف وظلّت أُخرى تصارع من أجل البقاء فقط، وأتوقع إغلاقها في القريب العاجل، نظرا لعدة أسباب: أولها المصداقية، فغالبية الصحف الإلكترونية كما قُلت اعتمدت على الإثارة في صناعة الخبر دون التأكد من المصدر أو الحقائق، فخلقت لها عداوات ووضعت حواجز بينها وبين القارئ، مما جعله يهرب إلى أمكنة أخرى للتعايش مع المعلومة أو الخبر باختصار شديد يتواكب مع عصر السرعة. ولو توقفنا عند إعلامنا المرئي والمسموع مُمثلاً في هيئة الإذاعة والتلفزيون فحدث ولا حرج، كمّ هائل من الأطروحات والأسباب والهفوات والانكسارات، ووجع الهمّ الوطني والمُطالبة بزرع الهوية الوطنية والمُشاركة الفاعلة، وطرح مواضيع جادة بعيدة عن الإسفاف، وبحجة أن لنا خصوصيتنا حتى أننا ابتذلنا هذه الخصوصية، وقتلنا مُفرداتها طعناً بأهمية المكانة لهذا الوطن وموقعه العالمي. فكان إعلامنا ـ مع الأسف ـ بقنواته بعيدا كل البُعد عن مثل هذه الأطروحات وهذه الاستراتيجية، ناهيك عن صناعة الإعلام بشكل عام. وشكّل القائمون على الهيئة عديدا من الاتجاهات «في نظرهم» للتطوير فبُذلت الأموال، ولكنها عديمة المعنى قصيرة المدى، لا تنُتج إلا مزيدا من الابتعاد عن نهج الطرح الإعلامي الراقي الساعي إلى صناعة أفكار تتمحور حول برامج تهدف إلى رأب الصدع، ومحاربة القبلية والعُنصرية ـ كحد أدنى ـ وصولاً إلى المُشاركة الفاعلة في اللُّحمة الوطنية..! غابت البرامج الهادفة فابتعد إعلامنا المرئي بقيادة الهيئة الوليدة عن هذا النهج، واستمروا في سلسلة من الانكسارات اختفت من خلالها خمس قنوات كانت جديرة بأن تتربّع على مُنافسة القنوات الأُخرى ولها من كعكة المُشاهدين نصيب، ولكنها سياسة الإعلام المُتوقف عن التطوير والبحث عن الجديد، والاعتقاد والإيمان العميق بأن ما يُقدمونه يُعتبر إعلاما راقيا يتناسب ويتماشى مع الخصوصية السعودية، ولو أنهم شاركوا الآخرين أصحاب الاختصاص في إعادة هيكلة البرامج وجذب القادة المُتمكنين لقيادة دفة الإعلام المُتغيّر، والمُتجدد في عالمنا اليوم لكان خيراّ لهم من البقاء على عقليات كانت تُدير الإعلام مُنذ ثلاثين عاماً بعقلية التسعينات..! فظلّت الحُشود تهرب إلى قنوات أُخرى مُغيبّة تماماً القنوات السعودية من أجندتها، في حال رغبتها مُشاهدة برامج أو البحث عن خبر من مصدر موثوق، واختفت العلاقة، بل إنها زادت جفاءً وهجرة حتى وصلت الحال إلى تكهُّنات وإلى ظهور كاريكاتوريات وتعليقات في (تويتر) وغيرها حين يكون الخبر فقط يُعنَى بالأوامر الملكية الكريمة الصادرة، فيأتي البحث عن ترددات قنواتنا. وأقساها ما نُشر في «هاشتاق» يتساءلون كم هي ترددات قنواتنا لنراها هذا المساء ومن ثم نُغلقُها بعد ذلك..! نتمنى أن يكون القادم مُفرحاً، ومن ثم تتم إعادة الوهج الإعلامي من خلال صناعة إعلام قادر على إعادة الثقة بين المُتلقي (المواطن) بشكل خاص وبين قنواته المرئية والمسموعة..؟ وهُنا تساؤل كبير أضعه بين يدي وزير الإعلام الجديد القادم من قلب الإعلام المحترف، هل سنرى تغييرات جذرية تُعيد وهج إعلامنا للمُنافسةُ، ويضع خطوطا ذات منهجية واضحة، واستراتيجية فاعلة ليكون الإعلام مُشاركاً في العملية التنموية القادمة بقوة؟ أم نظلّ نتباكى على إعلامنا ونقول إن «الضرب في الميت حرام»!؟

مشاركة :