علوم الرجاجيل بالياباني

  • 4/13/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قررت اليابان تدريس الأخلاق الحميدة في مدارسها، بعد أن لاحظت ارتفاع معدلات الجريمة بين الطلاب في مدارسها، حيث سيتم تعليم الطلاب العديد من القواعد، منها طريقة المشي ومستوى الصوت أثناء التحدث مع الآخرين والكلمات التي يجب أن تقال والكلمات المعيبة، أي ــ باختصار ــ شديد، فإنها ستعلم طلابها (علوم الرجاجيل)، ولكن على الطريقة اليابانية. وأظن أن أجيالنا الجديدة بحاجة شديدة إلى هذا النوع من التدريس، بعد أن تفشى الانفلات في القول والفعل في صفوفهم، وأصبحت المدارس مسرحا للمعارك الصبيانية التي طال أذاها حتى المعلمين، وأصبحت كل جهود الأسرة في عزل الطالب عن المظاهر المعيبة والألفاظ الخادشة للحياء تذهب أدراج الرياح، حيث يعود من المدرسة وهو يحمل دكتوراه في البذاءة. أطفال وشباب اليوم هم خلطة جديدة، حيث يبدو الواحد منهم وكأنه ضرب في خلاط عظيم يحتوي على قدر بسيط من العولمة وقدر مماثل من التخلف، فيخرج الواحد منهم وهو بعير إلكتروني لا تعرف خفه من سنامه، فهم مبدعون في التعامل مع الأجهزة الحديثة وشبكة الإنترنت، ولكنهم لا يحفظون أكثر من العبارات التي تعزز التعصب القبلي والمذهبي والمناطقي، حيث يظن الواحد منهم أن مجرد حفظه لـ(شيلات البعارين) أنه ملتزم بعادات أهله، وأن وجوده في مواقع الكييك والإنستغرام سبب كافٍ لاعتباره شخصا عصريا، بينما هو أبعد ما يكون عن الالتزام بالعادات والتقاليد، كما أنه بعيد أيضا عن السلوكيات المتحضرة. وقد يكون الحل في استلهام التجربة اليابانية، بحيث يتم تعليم الطلاب الأخلاق الحميدة بالاعتماد على تعاليم الدين الحنيف وتقاليد المجتمع الأصيلة والقيم الإنسانية المتحضرة؛ لأنها هي المقياس الحقيقي لتحضر المجتمعات، فما هي الفائدة حيث يبدع أحدهم في الفيزياء بينما عقله مليء بالأفكار العنصرية؟، وما جدوى أن يحفظ أحدهم أجزاء من القرآن الكريم في الوقت الذي لا يتردد فيه بضرب أحد زملائه أو حتى معلمه.. فالحضارة أولا وأخيرا سلوك. وقد يرى البعض أن مسألة الأخلاق الحميدة تعتمد على ما تعلمه الطفل في بيت أهله، وهذا رأي غير دقيق؛ لأن المدرسة اليوم هي البيئة التي تشكل علاقة الطفل بالآخرين والعالم، حيث تغير الزمان، ولم يعد الأطفال يلعبون بالحارة ويتعاملون مع الجيران ويلتقون بأفراد العائلة الكبيرة بسبب تغير إيقاع الحياة، وإذا كان اليابانيون الذين يعتبرون من أكثر شعوب الأرض أدبا ومحافظة على العادات والتقاليد اضطروا اليوم إلى تعليم أبنائهم (علوم الرجاجيل) في المدارس، فمن المؤكد أن غيرهم يحتاج إلى دروس مكثفة!.

مشاركة :