بعد ساعات من مظاهرات للمحاربين القدامى في وسط مدينة بيروت احتجاجا على أي مس بمزاياهم في الموازنة العامة للدولة، كانت العاصمة اللبنانية تشع نورا، مساء الجمعة، من حفل للفنان زياد الرحباني تناغم مع أوجاع المواطنين ضمن مهرجانات أعياد بيروت. وقدم زياد لجمهوره أغنيات على إيقاع الموسيقى السياسية التي تحاكي كلماتها بسخرية اضطراب الشارع وتعزف على أوتار المطالب الشعبية. وتحت عنوان “بما إنو” كانت فرقة زياد الرحباني تؤدي أغنيات عاشت في ذاكرة اللبنانيين ومنها “شو هالأيام الي وصلنالا/قال إنو غني عم يعطي فقير/كنّو المصاري قشطت لحالا/ع هيدا نتفه وهيدا كتير”. ولدى صعوده إلى المسرح وقف الجمهور وصفق بحرارة لمدة دقائق قبل أن يعزف الرحباني على البيانو أشهر مقطوعاته الموسيقية وبينها “أبوعلي” و”ميس الريم”.وشاركت في الحفل مغنية الجاز الأميركية ليزا سيمون التي قدمت أغنيات لوالدتها المغنية الراحلة الشهيرة نينا سيمون بتوزيع خاص لزياد الرحباني الذي اشتهر باعتماده على هذا النوع من الموسيقى. وكانت ليزا سيمون التي بدأت شهرتها في برودواي قد شاركت في مهرجانات بعلبك الدولية عام 2016. واعتبرت فاطمة عبدالله، الصحافية في جريدة النهار، أن زياد يحاكي الواقع، وكتبت في تغريدة على تويتر تعلوها صور من الحفلة “هذا يمس الصميم”. وضمت فرقة زياد الرحباني 40 عازفا بقيادة المايسترو كارن دورجاريان ومن بينهم أعضاء الفرقة الهولندية وعازفون من مصر وسوريا ولبنان. وتنوعت الآلات بين الكمنجات وآلات النفخ والإيقاع والآلات الشرقية، حيث عزفت الفرقة ورافقتها جوقة بقيادة التينور إدغار عون. وشارك في الغناء والعزف على العود الفنان المصري حازم شاهين والمغنية دعاء السباعي. وأدت دعاء أغنيات بعضها للفنانة فيروز والدة زياد الرحباني من بينها “بكتب اسمك يا حبيبي” و”اشتقتلك”. وقال الناقد الفني جمال فياض “جمهور زياد الرحباني يشبه دولة وشعبا يحكمهما زياد ويتصرّف ويأمر وينهي فيهما. وعندما نأتي لحضور عرض يقدمه زياد الرحباني، نكون كمن يأتي باستدعاء الحاكم لشعبه ليعلن لهم أمرا أو يبلغهم فرمانا. أتينا وسمعنا واستمتعنا وأطعنا”. وأضاف “موسيقى متنوّعة فيها الكثير من الألوان. لا جديد، لكنها لحظات قصيرة، أيقظ فيها ذاكرتنا المنهكة بالكثير من الفنون الرديئة، على أشياء ما زالت محفورة فينا كما الأسماء المحفورة على الحور العتيق. لم نتوقع جديدا، لكن تمنيناه. ولم نقع في الخيبة، لكن هذه الوصلة كانت من المختصر اللذيذ. شكرا زياد، ما زلت في حياتنا نحبك وتحبنا بلا تعب التعبير عن الأشواق”. وكانت مهرجانات أعياد بيروت في نسختها الثامنة قد افتتحت في 11 يوليو الحالي مع الفنان اللبناني وائل كفوري وفي 14 من الشهر نفسه حل المغني السوري ناصيف زيتون ضيفا على المهرجان. وبعد غياب سنوات عن الحفلات اللبنانية يحيي الموسيقار العالمي ياني ليلة عالمية بامتياز على مسرح أعياد بيروت، مساء 23 يوليو، وتشاركه أوركسترا ضخمة. وفي 26 يوليو تطل الفنانة إليسا على جمهورها، ويختتم المهرجان دورته بموسيقى شبابية.
مشاركة :