التجنيد: كارثة عسكرة الشعب

  • 4/13/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لا أريد أبدا للحديث العشوائي الطويل في اليومين الأخيرين عن فكرة "التجنيد الإلزامي" أن يكبر مثل كرة الثلج، ثم نجد أنفسنا أمام كرة ثلج كبيرة في أخطر قرار لـ"عسكرة" هذا الشعب. خذوا هذه الأسباب: أولا، عسكرة الشعوب تحت اسم التجنيد الإلزامي لم تكن سوى فكرة ابتدعها "لينين" مطلع القرن الماضي، ثم تلقفها من بعده "ماو تسي تونج" قبل أن تنتقل إلى "هتلر" و"تشاوشيكو" و"عبدالناصر"، وهؤلاء جميعا لم يتركوا من بعدهم سوى ألمع شعوب أغرقوها في الرصاصة والبندقية بدلا من النانو وشرائح "التشبس" الإلكترونية. ثانيا، عسكرة الشعوب باسم التجنيد الإلزامي ليست سوى فكرة خاطئة، تسبح ضد طبيعة العصر التقني الذي تلعب فيه الآلة الإلكترونية مكان 10 آلاف مقاتل في حروب اليوم ومعاركه. خذوا هذه المقاربة: بـ100 طائرة مقاتلة يقف في قلبها أقل من 500 طيار سعودي، ومن خلفهم ألفا طاقم أرضي فقط استطاعت هذه التقنية المتطورة، وبأقل ما يمكن من العدد البشري، أن تشل الحركة لا في كل جنوب الجزيرة العربية، بل أيضا على مياه البحر الأحمر وبحر العرب خلال أقل من نصف ساعة من بدء العاصفة. ببضعة آلاف فقط من أبطال قواتنا البرية وكوادر الدفاع الجوي الملكي السعودي، استطعنا أن نؤمن هذه الحدود الطويلة التي تمتد لما يقرب من 1500 كيلومتر، بفضل بضعة أزرار على أجهزة إلكترونية للمضادات والصواريخ والبطاريات. خذ في المقابل أن ميليشيا عبدالملك الحوثي وفلول الرئيس المخلوع "عفاش" حشدوا على الأرض نصف مليون مقاتل، ولكن "بالطبخة" على ظهور 10 آلاف سيارة شاص، ثم يهربون مثل آلاف الجراد حين ترشهم طائرة إبادة واحدة يقف خلفها طياران وبضعة أفراد من الطواقم الأرضية. والخلاصة أن أي فكرة لعسكرة الشعب تحت مسمى التجنيد الإلزامي ليست سوى فكرة خاطئة لسحب شباب هذا الشعب من مهمته الأساسية في البناء والسلم ورفع قواعد التنمية. سأختم بهذه المقاربة: قبل أقل من 30 عاما كانت مهمة رفع "الأسمنت" إلى سقف عمارة بألف متر مسطح تحتاج إلى 30 عاملا في يومين. اليوم تنتهي هذه المهمة تماما على يد عاملين فقط في ظرف ثلاث ساعات بأزرار إلكترونية. وسأنتهي: اتركونا، فضلا وكرما من بعض الاقتراحات الكوارثية ليتخرج لدينا في العام الواحد 5 آلاف طبيب و10 آلاف مهندس، فلا تأخذوا هذه العقول الألمعية اللامعة من العيادة الطبية والمرسم الهندسي من أجل شحنهم في عربات الجيش، مثلما شاهدنا الكوارث نفسها لشباب يُشحنون في عربات "الأمن المركزي" تحت كذبة التجنيد في دول شقيقة مجاورة. عسكرة الشعب إلغاء لسمو العقل وتحييد لطبيعة الزمن التقنية.

مشاركة :