يشغل جدل العمادة بين نادي الاتحاد والوحدة مجالس الجماهير من الفريقين والكتاب والنقاد والمؤرخين الرياضيين، حول أحقية كل نادٍ وشواهده وأدلته في لقب العمادة التي عُرف بها الاتحاد منذ سنوات طويلة. وفي كتابه الجديد يحسم المؤرخ الرياضي أمين ساعاتي، موجة من الصراع والجدل حول موضوع العمادة، بالأدلة التي يسوقها كتابه والشواهد المتعددة التي يثبت فيها أحقية الاتحاد بلقب العمادة وعدم وجود نادٍ يسمى بالمختلط والذي ينسب نادي الوحدة نفسه إليه. ويسوق ساعاتي، في كتابه “العمادة اتحادية بشهادة وحداوية” الكثير من الأسئلة للوحداويين والمؤرخ الرياضي محمد غزالي يماني، الذي عاد من زمن للتشكيك في عمادة الاتحاد والتأكيد على أحقية الوحدة باللقب. وشدد ساعاتي على أن “التاريخ الصادق الأمين لا يكتب على أساس المبني للمجهول، بل يكتب على أساس المبني للمعلوم، والمؤرخ الذي يضع كل البيانات الأساسية للنادي الذي يؤرخ له على أساس المبني للمجهول فإنه يسجل فشله في الوصول إلى المعلومة الصحيحة والصادقة التي ينتظرها القارئ من المؤرخ الأمين، بمعنى إن وظيفة المؤرخ أن يبذل المجهود المضني كي يجعل كل مجهول معلوم حتى يصل عند القارئ إلى دوحة الإقناع”. ونوّه بأن نادي المختلط الذي يزعم الوحدة أنه امتداد له، لا أساس له في الوجود، ولم يكن إلا ناديًا وهميًا مصطنعًا، موجهة جملة من الأسئلة حول حقيقة وجوده، منها: لماذا فريق المختلط بدون مؤسسين؟! ولماذا المختلط بدون ذكر لاسم أول رئيس له؟! ولماذا المختلط بدون أسماء لاعبين ؟! ولماذا المختلط بدون شعار، وشعاره فقط سراويل أبو دكة وثياب؟! وتساءل أيضا: لماذا المختلط بدون ملعب يلعب فيه الفريق؟! ولماذا لم تنشر الصحف عن المختلط خبراً واحداً طوال 35 سنة؟! ولماذا المختلط بدون صورة فوتوغرافية واحدة للاعبين؟! ولماذا لم يلعب المختلط قط مباراة واحدة مع فريق آخر؟! ولماذا لا يعرف المختلط كرة القدم ولم يلعب بها، بل لعب بكرة الشراب؟! ولماذا نؤسس الوحدة من الوهم، ولا نؤسسه في عام 1366هـ من اليقين؟! وبيّن أن فريق المختلط هو فريق وهمي لا وجود له، وأن فريق الوحدة الذي تأسس في عام ۱۳۶۹هـ له كل هذه المقومات والمبادئ الأساسية، له مؤسسون، وله اسم لأول رئيس، وللاعبيه أسماء ذائعة الصيت، وشعاره الأحمر والأبيض، وله ملعب معروف، ونشرت عنه الصحف الكثير جداً من الأخبار، وله الكثير من الصور الفوتوغرافية، ولعب العديد من المباريات، وعرف كرة القدم ولعب بها في كل الملاعب، مشددا على أن الوحدة الذي تأسس في عام 1366هـ يتمتع بكل المقومات الأساسية لتأسيس الأندية الرياضية. واستدل ساعاتي على موقفه من حديث ابن مكة الأستاذ أحمد سباعي في كتابه “تاريخ مكة الأوضاع السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية في مكة المكرمة في عام ۱۳۰۰هـ وحتى عام ۱۳۳۶هـ (۱۹۱۹م)، وهو العام الذي يزعم المشجع الوحداوي أن نادي الوحدة تأسس فيه. ويقول سباعي “إن التوتر وعدم الاستقرار، والاستعداد للدخول في الحرب العالمية كان يسود عموم المجتمع الحجازي وبالذات العاصمة مكة”. وبيّن ساعاتي أن “الصحيفة التي كانت تصدر في ذلك التاريخ (الحجاز)، ثم صحيفة (القبلة) لا نجد فيهما خبرًا واحداً عن الأندية الرياضية؛ لأن الأندية لم يكن لها أي وجود في الحجاز، وكانت الأوضاع العسكرية والسياسية والاقتصادية المضطربة والمتأزمة لا تسمح بممارسة الرياضة، ولا أي نوع من القوة الناعمة، ولا تسمح بمجرد التفكير في تأسيس الأندية، وأكثر ما كان يمكن أن يمارسوه الناس في فراغهم هو الخروج إلى الضواحي إلى جعرانة، أو وادي فاطمة، أو وادي ميمونة، أو وادي الشهداء، أو أداء المزمار”. ويتساءل “إذا أرادت الأندية أن تكتب تاريخها، فهل يتعين عليها أن تتسلق جدار الأندية الكبيرة وتكتب تاريخها من خلال الأندية الكبيرة؟ بمعنى إذا أراد المشجع الوحداوي أن يكتب تاريخ نادي الوحدة فإنه يتعين عليه أن يكتب تاريخ الوحدة من خلال النادي العميد الاتحاد، وإنه إذا لم يفعل ذلك فإنه لن يستطيع كتابة تاريخ نادي الوحدة”. وأوضح أن “كتاب تاريخ نادي الوحدة كتب عن الاتحاد العميد أكثر مما كتب عن نادي الوحدة، وهو منهج شوه تاريخ الناديين الكبيرين، وإزاء ذلك فإن ما نود أن نؤكد عليه هو أن تاريخ الأندية يكتب من خلال مؤسسيها، وميادينها، وجمهورها، وملاعبها، ومبارياتها، ومن خلال لاعبيها، ومن خلال بطولاتها، وإنجازاتها، وكل هذه المفردات نحصل عليها من خلال الاتصال بالمؤسسين، ومطالعة المراجع والصحف والوثائق الحقيقية، وليست الوثائق المصنّعة والمفبركة”. وأضاف “إنني أنتظر من مشجع نادي الوحدة أن يبدأ من جديد كتابة تاريخ الوحدة على أسس موضوعية توصله في نهاية المطاف إلى المعارف الأساسية للأندية الكبيرة، وأهم المعارف التي تتوخاها هو الوصول إلى معرفة أجواء البلاد في الظروف التي قرر فيها المؤسسون تأسيس ناديهم، مع ذكر أسماء المؤسسين، ومعرفة اسم أول رئيس للنادي، ومعرفة تفاصيل اجتماع المؤسسين وقراراتهم بتحديد اسم النادي، وأسماء لاعبيه، ومجلس إدارته وملعبه، ومبارياته، وكل نشاطاته المنشورة في الصحف التي كانت تصدر في ذلك التاريخ”.
مشاركة :