نجحت ثلاث مواطنات إماراتيات في تكوين فريق نسائي مميز لتدريب الكلاب البوليسية في إدارة التفتيش الأمني الـK9 بشرطة دبي، ليقتحمن ميداناً ظل لسنوات طويلة حكراً على الرجال. دفعهن إيمانهن برسالتهن لتأدية مهامِّهن في عالم تدريب الكلاب البوليسية بكفاءة عالية ومهارة كبيرة شهد لها الجميع. وقالت المدربات الثلاث لـ«الإمارات اليوم»: «نؤمن أن عملنا هو ردّ فعل عملي لرد الجميل للوطن، الذي شملنا بعطفه وتربينا على أرضه ونلنا من خيراته، ونعمنا بأمنه واستقراره، كما إنها وسيلة نثبت بها للعالم أن الفتاة الإماراتية قادرة على المشاركة في أصعب المجالات، وأنها لا تعرف المستحيل». 9 سنوات عن تجربتها في عالم تدريب كلاب الأثر تقول الرقيب فاطمة إبراهيم الجسمي لـ«الإمارات اليوم»: «أفتخر بعملي كمدربة كلاب بوليسية منذ أكثر من تسع سنوات، فكل يوم يمر عليّ يزيدني تعلقاً بمهنتي ويولد داخلي إصراراً للاستمرار وتأدية مهامي على أكمل وجه، فكنت على يقين أن عملي سيمنحنني الفرصة الكبرى للتميز والنجاح، وتثبيت قدميّ في مجال صعب ظل سنوات طويلة حكراً على الرجال». وتضيف الجسمي أن خبرتها في التعامل مع الحيوانات وتحديداً الكلاب أهَّلتها لاجتياز المجال دون أن تشعر بأي صعوبة، حيث تمت الموافقة على انضمامها إلى هذا المجال بمجرد أن اجتازت بعض الاختبارات التي أثبتت قدرتها على فهم الحيوان، ونجاحها في التعامل معه والسيطرة عليه ليؤدي مهمته كما ينبغي. نظرة المجتمع وعن الصعوبات التي تواجهها، كونها امرأة، في ذلك العمل الذي يعتمد على القلب الجريء الذي لا يعرف الخوف، توضح الجسمي أنها لم تواجه أي رفض من قبل أسرتها، ولكن طاردتها «بعض النظرات المجتمعية السلبية التي ترفض اقتحام المرأة لمجالات غير نمطية»، لكنها لم تلقَ بالاً لهذه النظرات، رغم أنها ظلت تلاحقها طوال السنة الأولى لاستلامها مهام عملها، ولكن سرعان ما تلاشت «حين أصبح المجتمع أكثر تقبلاً وتقديراً لدور المرأة في الحياة العملية بأشكالها كافة». وتتابع الجسمي: «بفضل الله ودعم وتشجيع المسؤولين، استمررت في أداء كل ما يسند إليَّ من مهمات»، أمّا بالنسبة لعمليات التدريب والتعامل مع الكلاب، فقد واجهت الجسمي بعض الصعوبات ومنها أن الكلاب التي يتم تدريبها صغيرة السن، حيث إن العمر المناسب لتدريبها على التفتيش هو عمر ستة أشهر، إضافة للتحديات التي واجهتها أثناء تدريب الحيوان وتلقينه على الأساليب الشرطية في التفتيش، ولكنها تخطَّت كل ذلك عبرالالتحاق بالدورات التخصصية كافة التي أفادتها وزادت من رصيد خبرتها في عالم تدريب الكلاب وفهم طبيعة الحيوان وردة فعل كل فصيلة. وعن طبيعة مهام عملها، توضّح الجسمي أنها اختارت مجال الكشف عن المتفجرات، وتأمين مواقع الفعاليات المهمة، والاحتفالات الكبرى، والمعارض التي تستضيفها الإمارات، والمواقع التي يتفقدها ضيوف الدولة من كبار الشخصيات والسفراء والدبلوماسيين، إضافة إلى تقديم العروض التي تقدم التوعية الأمنية التي تستضيفها المدارس والجامعات في أنحاء الدولة كافة. وتتابع الجسمي شارحة مهام تدريب كلاب الأثر، وأنها تتمثل في عمليات الكشف عن المخدرات، والبحث عن المتفجرات والأسلحة، والكشف عن الجثث، وتتبع أثر الجناة، وتمييز الروائح، والكشف عن مسببات الحرائق، والبحث عن المفقودين، والحراسة، بالإضافة إلى المساعدة في الكشف عن الأدلة، والتعرف إلى مسرح الجريمة الذي يشهد تغيراً سريعاً، مؤكدة أن «الكلب من أذكى الحيوانات، ولا يخطئ مطلقاً في مهمّته، وإن حدث أي خطأ فهو يعود للمدرب». صفات المدرب الشرطية مها سالم عباس، عبرت عن سعادتها باعتبارها إحدى عضوات الفريق النسائي الخاص بتدريب الكلاب البوليسية، قائلة: «أعمل منذ أكثر من عامين في هذا المجال المميز، وقد حرصت منذ اليوم الأول لعملي، على حضور الدورات كافة التي تصقل خبرتي وتزيدني ثقة بنفسي». وتتابع: «رغم أن كثيرين يعتبرون مهنتي شاقّة وتتطلب مجهوداً يومياً كبيراً، إلا أنني أنسى متاعبي الجسدية حين أسهم في توفير الأمن للناس في كثير من الأحداث والتجمعات الجماهيرية التي أكلَّف بتأمينها، خصوصاً في أيام الأعياد والمناسبات الوطنية والاجتماعية». لافتة إلى أنه «من الطبيعي أن يتعرض المدرب أحياناً لبعض الحوادث، إلا أنني بفضل العلاقة القوية التي تجمعني مع الكلاب، والتي خلقت جواً من الألفة والود بيننا، لم أتعرض أبداً لأي حادث». وتؤكد سالم أنه منذ التحاقها بالعمل قبل عامين «اكتشفت أن الكلاب تحرص على كسب ودّ المدرب إذا ما لمست منه الحنان والعطف في التعامل، وتبني على ذلك علاقة صداقة قوية، تتيح لها التعرف إلى احتياجات وطلبات المدرب من نظرة عينه، من دون أن يلجأ إلى استخدام الإشارات، وتسعى دائماً إلى كسب رضاه والتعبير له عن ترحيبها به بنباحٍ خاص». وتتابع: «عملية تدريب الكلاب البوليسية، تتطلب من المدرب الحكمة والصبر، إذ تتفاوت المدة التي تستغرقها عملية التدريب حسب التخصص الذي ينتمي إليه الكلب، وغالباً ما تستغرق ما بين ثلاثة وستة أشهر». وتشرح سالم أن عملية تدريب الكلاب البوليسية تستلزم توافر شروط عدة في المدرب «في مقدمتها الرغبة في التدريب، فغياب هذه الرغبة يقود إلى الفشل، إلى جانب الشجاعة، والجرأة، والذكاء، وسرعة البديهة، والصبر، والقدرة على خلق جو من الألفة والمحبة مع الكلب الذي يقوم بتدريبه، وقراءة لغة جسد الكلب وتمييز الأصوات التي يطلقها، حيث إن هذه الأصوات المتباينة تتيح للمدرب فرص التعرف إلى حالة الكلب الصحية والنفسية، واحتياجاته ورغباته». وبيَّنت سالم أن أبرز أنواع الكلاب المعتمدة في المجال الشرطي هي «جيرمان شبرد» أو الراعي الألماني وموطنه الأصلي ألمانيا، و«المالينوا» وموطنه الأساسي بلجيكا، فضلاً عن «لابلادورس» و«سبرنغلز» و«الكوكر الإسباني»، و«الدوبرمان»، مشيرة إلى أنه يجب أن يُراعى عند اختيار الكلاب البوليسية نسبة حاسة الشم لديها، ومعدل الذكاء، وطرق بحث الكلب عن الأشياء المفقودة، وشجاعته وبنيته الجسمية وشكله. مهارات وخبرات عن المهارات التي يجب أن تتوافر في من يعمل في مجال تدريب الكلاب البوليسية تقول العريف أول شريفة آل علي، وهي واحدة من عضوات الفريق والأحدث انضماماً للمجال، أنها خلال فترة عملها في هذا المجال، اكتسبت خبرات ومهارات عدة زادت من تعلقها بهذه المهنة واعتزازها بها، وتؤكد «حتى إنني الآن لا أرضى ببديل لها في أي مجال آخر». وتتابع: «هناك مهارات يتم اكتسابها من خلال الخضوع للدورات التدريبية، التي منها الدورة التأسيسية لتدريب الكلاب البوليسية، وهي التي تمد المدرب بأساسيات التدريب وفنون التآلف والتعارف بين الكلب ومدربه، ثم تدريبات الطاعة التي من خلالها يسيطر المدرب على كلبه ويجعله يستجيب للأوامر كافة، ثم يخضع المدرب نفسه لدورة التخصص لتحديد مجال عمله سواء في الكشف عن المخدرات، أو تتبع الأثر أو البحث عن المفقودين والجثث، إضافة إلى التدريبات اليومية لرفع مستوى كفاءته، ودورات أخرى في الأمن والسلامة والإسعافات الأولية». وتؤكد آل علي أن حبها لعملها يدفعها للتفكير فيه حتى في خارج أوقات العمل الرسمية، وتعتبر نفسها جندياً يجب أن يكون مستعداً دائماً للنزول لساحة المعركة، عندما يستدعيه قائده في أي وقت. لافتة أيضاً إلى أن ظروف عملها يمكن أن تفرض عليها العمل أحياناً لأكثر من 12 ساعة متواصلة، إلا أنها لم تشعر يوماً بالإجهاد أو الإرهاق أو الملل، فإيمانها بأن عملها رسالة مجتمعية مهمة يدفعها إلى إنجاز مهامها على أكمل وجه وبالشكل الذي يعبر عن حبها لوطنها. وتضيف آل علي أنه كثيراً ما تحرمها ظروف عملها مشاركة أسرتها فرحتها في بعض الأعياد والمناسبات الاجتماعية، إلا أن نظرة الفخر التي تراها في أعينهم واحترامهم لمهنتها وتقديرهم للدور الذي تؤديه في تأمين الجماهير والحفاظ على سلامتهم يدفعها لأن تبذل قصارى جهدها للنجاح في عملها والاستمرار في أداء مهمتها. وتستطرد: «نسعد كثيراً عندما يحضر أحد أفراد أسرنا الى إحدى المناسبات التي نقوم بتأمينها، ونشعر بالرضا عندما نرى في عيونهم نظرات الفخر بما نقدمه ما يجعلنا فخورين بما نقدمه لوطننا». وتتمنّى المدربات الثلاث أن تكون تجربتهن عاملاً يُشجّع غيرهن من النساء للتطوّع أو اقتحام مجالات يظن البعض أنها لا تصلح لغير الرجال، مؤكدات أن اقتحامهن لهذا المجال يثبت أن ابنة الإمارات قادرة على تحمّل المسؤوليات الجسام واقتحام الصعوبات، ودليل على كفاءتها العالية في إنجاز أي مهمة تُسند إليها. مزيد من المواطنات مدير إدارة التفتيش الأمني الـ K9 بشرطة دبي الرائد صلاح خليفة المزروعي، أكد أن «القيادة حريصة على توظيف المواطنات في كل المهن عملاً بسياسة حكومة دبي بدعم المرأة ودورها الفعال في رفعة الأوطان، رغم أنه كان تحدياً كبيراً أن يتم توظيف نساء في مهنة صعبة جداً مثل مهنة تدريب الكلاب البوليسية». مضيفاً أن مهنة مدرب الكلاب البوليسية «تضع على عاتق صاحبها مسؤولية كبيرة في حفظ الأمن وتحقيقه، كما أنها من المهن النادرة التي تحتاج إلى مهارات خاصة وقدرات عالية على التواصل».ودعا المزروعي بنات الإمارات للالتحاق بالمجالات العسكرية كافة، على تنوعها، مؤكداً اقتناعه الشديد بأن «المواطنات الإماراتيات قادرات على تحمّل المسؤوليات كافة التي تسند إليهن في جميع الوظائف بالدولة». التدريب يتطلَّب الحكمة والصبر، ويستغرق بين 3 و6 أشهر. الإماراتيات قادرات على تحمّل المسؤوليات الجسام.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :