"إفراج مشروط" مسلسل كويتي مثير للجدل ومليء بالغموض والألغاز

  • 7/22/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تعرض قناة “أو.إس.إن الإماراتية” حاليا المسلسل الكويتي “إفراج مشروط”، وهو من إخراج عيسى ذياب وتأليف الكاتب عبدالمحسن الروضان، ويشارك فيه عدد كبير من الفنانين والفنانات، بينهم الفنان سعد الفرج، إلى جانب النجمة هبة الدري وخالد أمين وأحمد إيراج وعبدالمحسن القفاص ومحمد العلوي وفيصل العميري وشهد الياسين ومجموعة أخرى من نجوم ونجمات الخليج والوطن العربي. ويراوح المسلسل بين الماضي والحاضر وتتسم أحداثه بالغموض والإثارة التي تلامس حدود الأعمال البوليسية والرعب في بعض جوانبها، كما ينطوي على قدر من الخيال والأسطورة، فمسار الأحداث يعتمد إلى حد كبير على فكرة أسطورية أو سحرية تتلخص في وجود كتاب يُمكّن صاحبه من قراءة المستقبل والاطلاع على أحداث الماضي، لكنه يحمل تعويذة تربط مصيره بمصير صاحبه. والكتاب هنا يمثل وسيلة مقنعة دراميا لانتقال الأحداث بين أزمنة مختلفة، بداية من الثمانينات وحتى اليوم. خطوط كثيرة ومتشابكة ترسم ملامح الأحداث، لكنها تعتمد جميعا أو تلتقي حول خط رئيسي مرتبط بأربع فتيات (ملاك ومريم وميساء ومُرام) الفتيات الأربع تربين في دار للأيتام تُشرف عليها سيدة قاسية القلب وهي عاليا التي تلعب دورها الفنانة هدى سالخطيب. وحين تشتعل الأحداث بعد غزو العراق للكويت يُغلق الملجأ فيرتبط مصير الفتيات الأربع بمشرفتهن عاليا التي تستقر بهن في أحد البيوت الخالية من أصحابها مع والدتها. ومن خلال تصفح الكتاب الذي تعثر عليه والدة عاليا نستطيع التعرف على تاريخ هؤلاء الفتيات ومصائرهن المرتبطة بالعديد من الأحداث والشخصيات التي تظهر تباعا طوال أحداث المسلسل مشكلة مسارا دراميا معقدا ومتشابكا تتداخل فيه أحداث الماضي بالحاضر عن طريق الفلاش باك الذي يتم استخدامه بكثافة طوال المسلسل. وتنطوي أحداث المسلسل على الكثير من التشويق والغموض والصراعات والألغاز التي تحتاج أكبر قدر من التركيز، خاصة مع تشابك الأحداث وتشعبها وظهور الممثلين بأسماء مختلفة في أزمنة متباعدة، فنجد أنفسنا مثلا في بداية المسلسل في مواجهة جريمة قتل مربكة وغامضة تحوم خلالها الشبهات حول الفتيات الأربع.وحين تقرر الفتيات الانتقام من مشرفتهن القاسية يلجأن إلى توثيقها بالحبال وحرمانها من الطعام حتى تبوح بالسر الذي يعتقدن أنها تخبئه والمتعلق بهويتهن الحقيقية، وحين يتم إنقاذ عاليا من بين أيديهن وتُنقل إلى المستشفى يقوم شخص غامض بإنهاء حياتها عن طريق حقنة سامة. وانطلاقا من هذه الجريمة الغامضة تتفاعل الأحداث وتتشابك التفاصيل، لنتعرف على خلفية كل فتاة على حدة وعلاقتها بالقضية والمجني عليها. أدت أدوار الفتيات الأربع الفنانات هبة الدري وفرح الصراف وزينب غازي وشهد الياسين، وكان لحضورهنّ وقع خاص على سياق العمل بما انطوى عليه هذا الحضور من مؤامرات وتخطيط ومشاهد حركة وإن اتسمت بعض هذه المشاهد بالافتعال، كمشهد هروبهنّ من سيارة الترحيلات أو احتجازهن لسامي (أحمد إيراج). وفي المقابل نرى حياة رجل الأعمال إبراهيم، وهو مؤسس دار الأيتام، والذي يلعب دوره الفنان خالد أمين الذي يعيش حياة مليئة بالغموض والمؤامرات، إلى جانب مساعديه يعقوب (عبدالمحسن القفاص) وسامي (أحمد إيراج) ولا يتوقف الغموض عند هذا الحد، إذ تتصاعد الأحداث وتتعقد حين تعثر الفتيات على الكتاب السحري الذي يمكنهنّ من معرفة الماضي والمستقبل ليبدأ الصراع على كيفية الحصول والاستحواذ على هذا الكتاب، ومع وجود الكتاب تبدأ الأسرار بالتكشّف تباعا. ومن بين شخصيات العمل تطالعنا أيضا شخصية دعيج المصلاح وهو سياسي كويتي نافذ ويتمتع بقدر من الدهاء والوصولية، وقد أدى دوره الفنان القدير سعد الفرج، والذي مثل أحد الجوانب اللافتة في هذا العمل، فالفنان سعد الفرج يتمتع بحضور لافت ومؤثر أيضا في سياق الأحداث. الدور الذي لعبه سعد الفرج كرجل سياسي أثار حوله العديد من الجدل المرتبط بتناول مثل هذه الشخصيات السياسية في الأعمال الدرامية، فبين الشخصيات المرتبطة بهذه الشخصية تطالعنا زوجته الثانية “لقاء”، وهي ممثلة مغمورة ارتبط بها الوزير في الخفاء وتلعب دورها الفنانة غدير السبتي. وحين تم عرض المسلسل على تلفزيون الكويت حذفت الرقابة دور غدير السبتي ومشاهدها التي تجمعها بالوزير، وهو ما يثير علامات استفهام حول دور الرقابة وحدود تدخلها في سياق الأعمال الدرامية على نحو قد يصيب العمل ككل بالخلل، فالمسلسل تمت إجازته من قبل رقابة النصوص في وزارة الإعلام الكويتية، ولا يُعرف حتى الآن السبب وراء حذف هذه المشاهد، فوزارة الإعلام الكويتية لم تصدر أي بيان توضيحي تفسر به ما حدث حتى الآن رغم الاستهجان الذي قوبل به هذا الأمر. مسار الأحداث يعتمد إلى حد كبير على فكرة أسطورية أو سحرية تتلخص في وجود كتاب يُمكّن صاحبه من قراءة المستقبل والاطلاع على أحداث الماضي، لكنه يحمل تعويذة تربط مصيره بمصير صاحبه ويحمل مسلسل “إفراج مشروط” أبعادا اجتماعية وتاريخية مرتبطة بالعديد من الأحداث التي مرت على المنطقة أو المرتبطة بالكويت، منذ فترة الثمانينات من القرن الماضي، مثل الغزو العراقي ورحيل الشيخ جابر الصباح أمير الكويت وحرب الخليج والربيع العربي، وغيرها من الأحداث والتفاصيل الأخرى، ويتضافر كل ذلك مع القصة الإنسانية الرئيسية المتعلقة بحياة الفتيات الأربع ومرورهنّ بكل هذه الأحداث. ويحسب للمسلسل أنه يعد نوعية مختلفة عن الدراما الخليجية التقليدية، فهو عمل مليء بالأحداث والشخصيات والتفاصيل المتشعبة، ويعتمد بشكل خاص على جانب الإثارة التي نجح المخرج عيسى ذياب في توظيفها عبر مجموعة من العناصر المختلفة مثل الإضاءة والموسيقى التصويرية وزوايا التصوير وغيرها من الحلول الإخراجية، هذا خلافا للسيناريو بالطبع. غير أن تكثيف الأحداث ومراوحتها بين الماضي والحاضر تسببا في إحداث نوع من الارتباك والتشويش لدى المشاهد الذي وجد صعوبة في ملاحقة كل هذا الكم من الأحداث والتفاصيل المتداخلة. ومن بين الانتقادات التي وجهت للمسلسل الكويتي “إفراج مشروط” يبرز وجه التشابه بينه وبين المسلسل المصري “نيران صديقة” الذي تم إنتاجه عام 2013 للمخرج خالد مرعي وتأليف محمد أمين راضي، والذي اعتمدت قصته أيضا على وجود كتاب يُمكّن صاحبه من التطلع إلى الماضي والمستقبل ويرتبط مصيره به، ويتّسم بنفس المعالجة المعتمدة على الانتقال بين الماضي والحاضر مع التطرق إلى أحداث ووقائع تاريخية. ومع ذلك فقد سبق لمؤلف العمل وأن صرّح بأن التناول الدرامي بين العملين مختلف إلى حد بعيد وإن اعتمدا على فكرة واحدة، غير أن مؤلف العمل المصري “نيران صديقة” كان له رأي آخر، إذ عبّر عن دهشته من هذا التشابه الذي يصل إلى حد التطابق في بعض المعالجات دون الخوض في التفاصيل.

مشاركة :