"نظف وأنت تمشي" رحلة من الغابة إلى الشاطئ في تونس

  • 7/22/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن مبادرة “نظف وأنت تمشي”، التي أطلقتها جمعية تعنى بالبيئة في منطقة منزل جميل التابعة لمحافظة بنزرت شمال تونس، فريدة من نوعها، لكنها تبدو الأكثر إصرارا من رجال ونساء، صغارا وكبارا، من سكان تلك المنطقة للمحافظة على إرث تناقلوه من أجدادهم في منطقة ساحلية تعد ضمن أجمل الشواطئ في تونستهدف المبادرة إلى تمويل برنامج متكامل لتوفير الاحتياجات الأساسية لتلاميذ من أسر تونسية فقيرة في تلك المنطقة، عبر بيع مواد بلاستيكية يجمعها النشطاء خلال حملاتهم للمحافظة على البيئة حيث ستتواصل على مدار موسم الصيف في غابة الرمال وشاطئها بمنطقة منزل جميل. وتسعى جمعيتا “أحباء غابة الرمال” و”منزل جميل كيما نحبوها (مثلما نحبها)” من خلال الحملة إلى نشر التوعية بضرورة المحافظة على نظافة الغابة والشاطئ معا من أجل خلق بيئة نظيفة وآمنة. ولاقت الحملة صدى إيجابيا لدى سكان المنطقة والزوار الذين يأتون من مناطق ومحافظات تونسية أخرى. وغابة الرمال في منطقة منزل جميل، تبعد عن العاصمة تونس نحو 55 كيلومترا وتصل مساحتها إلى نحو ثلاثة آلاف هكتار حيث وقع تأسيسها وزراعتها بالأشجار الغابية بين عامي 1902 و1904 بعد تصاعد المخاوف من زحف رمال البحر إلى الأراضي الزراعية القريبة. يقول علي العلوي، رئيس جمعية أحباء غابة الرمال لـ”العرب”، إن هذه الغابة وظيفتها الأساسية بيئية لحماية مدينة منزل جميل والأراضي الزراعية والطرقات من زحف رمال الشاطئ.وعانت منطقة منزل جميل التابعة لمحافظة بنزرت من انتشار النفايات في الشاطئ والغابة، إضافة إلى وجود إهمال متعمد من بعض الذين يرتادون شاطئها الممتد على مساحة مهمة، لكن المنطقة استعادت عافيتها بعد الحملات المتتالية من نشطاء المجتمع المدني للحفاظ على نظافة الغابة والشاطئ معا. ويضيف العلوي أن جمعيته تهدف من وراء حملة “نظف وأنت تمشي” إلى نشر التوعية بضرورة المحافظة على نظافة البيئة في منطقة منزل جميل، إضافة إلى نشر ثقافة سليمة بين المواطنين للمحافظة على النظافة في الغابة والشاطئ والمنزل والشارع والمقاهي وكل مكان. ويوضح أن الهدف الأساسي من الحملة هو “الذهاب إلى المواطن لنريه أنه قادر على المساعدة في المشاركة بحملات النظافة”. ويرى أن هناك تحسنا كبيرا في عدد المشاركين بالمبادرة منذ انطلاقتها في منطقة منزل جميل. وعملت جمعيات ومؤسسات من المجتمع المدني في تونس على إطلاق حملات عديدة في مناطق مختلفة للحفاظ على نظافة الشواطئ، حيث انتشرت الكثير من حملات التوعية بهدف دعوة المواطنين إلى ضرورة جعل الشواطئ آمنة ونظيفة.وتقول التونسية بسمة العلش -وهي مشاركة في الحملة- إن هناك تقصيرا من البلدية بعدم وضع حاويات للقمامة على الشاطئ، داعية في الوقت نفسه المواطنين الذين يقصدون الشاطئ إلى المحافظة على نظافته عبر “جلب أكياس لجمع القمامة وعدم تركها في أمكنتهم على الشاطئ”. وترى أن الحملة “رائعة وجيدة لأنها تهدف إلى بيع البلاستيك الذي يتم جمعه لمساعدة التلاميذ في المدرسة”. أما الناشطة سلوى الحجاج فتؤكد أنه ليس من الضروري تحميل البلدية والجهات الرسمية مسؤولية وجود القمامة على الشواطئ، معتبرة أن مسألة التوعية من مشمولات الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وهذا “من دور المواطن في الحفاظ على نظافة” الشاطئ. وتقول إنه من خلال الفعاليات يتم العمل “على إيصال رسالة (تفيد بـ) أنه عندما يجد المواطن القمامة ينزعج”، وتشير إلى أنه “لا يمكن تغيير العقليات إلا بطول المدة” عن طريق التوعية المتواصلة. وأضافت “أنا من منزل جميل وأحب الغابة وشاطئ الرمال، ولا يأتي في بالنا أن نجلس في مكان فيه القمامة.. والغاية (من الفعالية) هي أن تكون بلادنا نظيفة”.يقول القائمون على مبادرة “نظف وأنت تمشي” إنهم يهدفون إلى الوصول لهدف سام وهو تمويل برنامج متكامل لرعاية تلاميذ من منطقة منزل جميل طوال الأعوام الدراسية حيث يقع اختيار أطفال من أسر فقيرة في تلك المنطقة. ويؤكد سليم البرناوي، رئيس جمعية منزل جميل كيما نحبوها -وهو عقيد سابق في الحرس الوطني التونسي- لـ”العرب” أن برنامج “نحب نقرأ (أريد أن أقرأ)” مبادرة للإحاطة بالتلاميذ الذين يواجهون صعوبات مالية واجتماعية لمساعدتهم طوال العام الدراسي، مشيرا إلى أن المبادرة تهدف إلى إعطاء التلاميذ “فرصة نجاح”. ويوضح أنه لتحقيق غاية تمويل البرنامج التعليمي للتلاميذ، تم إطلاق حملة لجمع القوارير البلاستيكية ثم بيعها للحصول على تمويل البرنامج. ويؤكد أن حملة “نظف وأنت تمشي” لاقت إقبالا واسعا حيث شارك فيها نحو 90 شخصا (يوم الأحد 14 يوليو الجاري) وذلك خلافا للمرة السابقة التي شارك فيها نحو 40 شخصا. وحققت الحملة “نجاحا ولاقت تجاوبا كبيرا من المواطنين” منذ انطلاقتها، إذ يؤكد القائمون عليها أنها تشبه “كرة الثلج تسير وتكبر، وأن الفائدة منها أن تكون الغابات نظيفة”.ويقول مكي شبوحة، المسؤول في جمعية أحباء غابة الرمال، إن هدف الحملة هو معاضدة مجهودات العمل البلدي في المحافظة على نظافة البيئة، إضافة إلى الهدف الاجتماعي المتمثل في تبني تلاميذ من عائلات معوزة من منطقة منزل جميل على مدار عام كامل لتوفير ملابس وجميع احتياجاتهم المدرسية. ويوضح أن نشاط جمعيتي أحباء غابة الرمال ومنزل جميل كيما نحبوها ينسجم بشكل تكاملي لتحقيق أهداف الحملة الخاصة بتمويل برنامج القراءة والتعليم للتلاميذ الصغار. ويؤكد أنه تم استخدام منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك من أجل الترويج للحملة والمطالبة بضرورة الاحتفاظ بالقوارير البلاستيكية لاستخدامها في تمويل الحملة التعليمية للتلاميذ، مشيرا إلى وجود تفاعل كبير مع الحملة من الأصدقاء والمواطنين. ويقول إنه يجب إنجاح الحملة الآن لتوسيعها إلى أماكن أخرى.

مشاركة :