عبداللطيف الزبيدي هل يفتقد العالم بدر القانون الدولي في ليلة الفوضى الظلماء؟ لا شكّ، لكنها ليلة أطول من ليل القطب، والمنظمات العالمية النائمة، لا تفتح فاها: «ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ». بل إن الليل على ما يبدو يلجّ في إصراره على تيئيس إرادة الشابي: «ولا بدّ لليل أن ينجلي». القوى الكبرى لا تملك من الشاعرية، إلاّ الافتتان بالليل، فهو في عيونها البيئة الحياتية للصيد. المسألة لا تخلو من الطرافة، فهي تدعو إلى إعادة النظر في قضايا كانت تلوح محسومة، ما هو فطريّ وما هو مكتسب. جبابرة الأرض لا يرون الدول الخالية من دسم القوة المعربدة، إلاّ فرائس للاستهلاك، إلى حدّ أنهم عاجزون عن تغيير سلوكهم، فكأنه غريزي. كيف ترى عقلك لو خامرتك فكرة أن تذهب إلى عرين الأسد لتقنعه بمزايا الغذاء النباتي، وفوائد الكرفس والخس والجرجير والسبانخ، ومتع لا نهائية في الفواكه والثمار والبقول، سيندهش الضرغام لطيبتك وسخائك، مرحّبا: نعم الدعوة، فلتكن أنت العشاء الأخير. القوى الكبرى هكذا بالضبط. من البلاهة السياسية أن يطلب أحد من قوّة عظمى تقوم حياتها الاقتصادية على صناعة السلاح وتجارته، أن تغيّر مسارها كلّياً، فهي ترى أن السلام العالمي ألدّ أعدائها، هو مرادف الإفلاس وانهيار النظام. تعال أقنعها بسخرية الديمقراطية التي فخرها العالميّ الحضاري، مشاهد خرائب العراق وسوريا وليبيا. هي تراها براهين قاطعة، على بدائع التحرير، وروائع نشر الديمقراطية، بفضل القيم الحضارية الغربية. المسألة الضئيلة المترتبة على هذه السلوكيات التي صارت جزءاً لا يتجزأ من مورّثات القوى العظمى، تكمن في المثل الموزون الشهير: «إذا كان ربّ الدار بالدفّ ضارباً..فشيمة أهل البيت كلّهمُ الرقصُ». عمدة قرية الكوكب، صار قدوة في الحصول على ما يريده بالابتزاز، بالسطو المسلّح. ألف رحمة على قطاّع الطرق في أوروبا القرون الوسطى: «كيس نقودك أو حياتك»، الآن: كل ما تملك وحياتك. لزوم ما يلزم:النتيجة الاقتدائية:انهيار القانون الدولي سيجعل الفوضى قانوناً ونظاماً دوليين. لكن التاريخ ليس مهزلة إلى هذا الحدّ. abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :