يقدم مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة دراسة عن الحياة الاجتماعية في المدينة المنورة في عصر المماليك عام 648 - 923 هـ، التي تصدر قريباً بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز، تحكي الحياة الاجتماعية التي عاشتها طيبة الطيبة، في العصر المملوكي. وتفيد الدراسة أن من أبرز المؤثرات في الحياة الاجتماعية في المدينة في العصر المملوكي، الارتباط السياسي، والإداري للمدينة المنورة بمصر المملوكية في جميع جوانب الحياة الاجتماعية، وأبرزها التركيبة السكانية في المدينة المنورة، حيث شهد العصر المملوكي قدوم جماعات من مختلف الأمصار الإسلامية عموماً ومن مصر خصوصاً. وتكتسب الدراسة التي أعدتها الباحثة سارة أحمد الزهراني، والتي تعتمد على عدد من المصادر التاريخية والحضارية، أهميتها من بعدين المكاني والموضوعي، إذ إنها من جهة البعد المكاني تتعلق ببقعة من أقدس بقاع العالم الإسلامي، وهي مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودار الهجرة، وثاني الحرمين الشريفين، وعاصمة الإسلام الأولى وفيها المسجد النبوي، ومثوى المصطفى - صلى الله عليه وسلم. أما البعد الموضوعي فهو يتمثل في أن موضوع هذه الدراسة هو الحياة الاجتماعية في المدينة المنورة، الذي يعد من المواضيع الحضارية المهمة، وركيزة أساسية من ركائز الحضارة في هذا البلد، لأنها تتعلق بدارسة حياة الإنسان في مجتمعه. وتذهب سارة الزهراني إلى أن تلك المكونات كانت مختارة بعناية وهي من الفئات المتعلمة للنهوض بالحياة العلمية في المدينة المنورة، وبينهم فئات إدارية مدربة لشغل الوظائف القيادية في الإمامة، والقضاء، والخطابة، والدواوين، وجماعة من الفنيين المهرة في البناء والصناعة والمهن والحرف المختلفة، ومن هذه الفئات تكونت في المجتمع المدني ظاهرة الأسر المتخصصة في كثير من المجالات. وبينت الدراسة أن هذه المكونات الاجتماعية أثرت في الحياة العامة في الطعام واللباس والعادات والتقاليد والاحتفالات في المناسبات الدينية والاجتماعية، كما برز تأثير المتغير الاقتصادي في الحياة الاجتماعية في المدينة المنورة، فمنذ أواخر القرن الثامن الهجري، والرابع عشر الميلادي، بدأت مراكز التجارة العالمية البحرية في التحول من موانئ اليمن وميناء عيذاب إلى موانئ الحجاز جدة وينبع، ونتج عن ذلك نشاط الحركة التجارية في بلاد الحجاز، وتحسن في الحالة الاقتصادية للسكان، وانعكس ذلك على الحياة الاجتماعية، خاصة السكن والطعام واللباس وأدوات الزينة المختلفة.
مشاركة :