بات رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج في وضع صعب، مع قرب الهجوم الحاسم الذي يستعد الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لإطلاقه بين اللحظة والأخرى، وخاصة في ظل فتور علاقات حكومة الوفاق الخارجية بسبب تحالفها مع الميليشيات وارتباط عناصر فاعلة فيها بالإرهاب. وقالت أوساط سياسية في العاصمة الليبية إن السراج مدعو إلى حسم أمره من خلال إعلان موقف واضح من الميليشيات التي تحوم حولها شبهات الإرهاب، وإلا فإن حكومته ستفقد الاعتراف الدولي بها، وهو اعتراف بدأ يميل بشكل كبير لفائدة مؤسسة الجيش التي ترفع شعارا لها تطهير طرابلس من الإرهاب، وهو ما عجز عنه السراج ليجد نفسه في آخر المطاف حليفا له بشكل أو بآخر.واعتبرت هذه الأوساط أن اللقاء الذي جمع السراح بالمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، مساء الاثنين، كان بمثابة الفرصة الأخيرة أمام رئيس حكومة الوفاق لإظهار موقف واضح من تحالفه مع الميليشيات، خاصة أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا لم تعد تتحمس لدعم حكومة تثير ارتباطاتها الكثير من الشكوك وباتت تميل إلى دعم أكبر لمؤسسة الجيش وهجومها على طرابلس. ويضع هذا الموقف الدولي الحازم حكومة فايز السراج في إحراج شديد إذ ستكون مطالبة بفك صلاتها مع المجموعات المصنفة إرهابية، وهو أمر صعب، خاصة أن تلك المجموعات تلعب دورا مهما في الحرب، وهي من تحمي حكومة الوفاق وتتحكم بالسلاح والأموال المرصودة في ميزانية الحرب. وكان غسان سلامة التقى فايز السراج وبحث معه سبل وقف التصعيد العسكري في طرابلس والعودة إلى المسار السياسي. وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في تغريدة على تويتر أن سلامة أجرى مع السراج محادثات معمقة عن الأوضاع الداخلية والخارجية. كما بحث الطرفان سبل وقف التصعيد العسكري والعودة إلى المسار السياسي ضمن إطار قرارات مجلس الأمن الدولي. وسبل معالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة التي أوجدتها الاشتباكات العسكرية. وكانت تقارير ميدانية قد أعلنت عن انطلاق الهجوم الواسع الذي تعهّد به الجيش لدخول طرابلس، لكن مقربين من المؤسسة العسكرية اعتبروا أن هجوم الاثنين لم يكن سوى رسالة لإثبات جدية الجيش في إطلاق الهجوم وقدرته على الحسم السريع، وأنه بمثابة فرصة أخيرة للوسطاء الذين يسعون للضغط على حكومة الوفاق لمراجعة علاقتها بالميليشيات، فضلا عن تغيير موقفها من دخول الجيش إلى طرابلس وما يتبع ذلك من ترتيبات. وتجددت، ظهر الثلاثاء، الاشتباكات بمحور طريق المطار جنوبي العاصمة طرابلس، بعد هدوء حذر استمر لساعات. وكانت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش قالت، مساء الاثنين، إنها قد أحرزت تقدما في محاور القتال جنوب طرابلس. وأشارت في تدوينة نشرتها عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك بأن “الوحدات العسكرية تتقدم بخطى ثابتة في جميع محاور العاصمة، وتسيطر على مواقع وتمركزات جديدة وكبدت العدو خسائر كبيرة”.بالمقابل اعترفت القوات الموالية لحكومة الوفاق أن الجيش حقق “تقدمات ليست كبيرة” على مستوى محور عين زارة، وأن مقاتلي الوفاق يحافظون على مواقعهم في طريق المطار وشارع الخلاطات جنوبي طرابلس. وفيما ذهبت بعض القراءات إلى اعتبار أن ساعة الصفر قد انطلقت فعليا لشن الهجوم الحاسم والأخير على معاقل الميليشيات استنادا على معارك، شكك خبراء عسكريون في انطلاقها لعدم إعلان الجيش عبر ناطقه الرسمي، اللواء أحمد المسماري، عن العملية وهو الأمر الذي حدث في بداية معركة تحرير طرابلس في 4 أبريل الماضي. وأعلن اللواء أحمد المسماري أن القوات المسلحة أصبحت قريبة من قلب العاصمة طرابلس. وتحيّر مراوغات الجيش الليبي بشأن ساعة انطلاق الهجوم الحاسم للسيطرة على طرابلس والذي يحشد له منذ أسابيع بقوات ضخمة على تخوم العاصمة، الميليشيات والأذرع السياسية التابعة لها. وتندرج تلك المراوغات في سياق حرب الأعصاب التي تهدف إلى إرباك الميليشيات وإحداث هزائم نفسية في صفوفها تمهيدا للعملية العسكرية الحاسمة. وتواصل قوات حفتر الرجل القوي في ليبيا منذ الرابع من أبريل هجوما للسيطرة على طرابلس حيث مقرّ حكومة الوفاق.
مشاركة :