دعت المملكة العربية السعودية المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمُّل مسؤولياته عن توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ووضع حد لاعتداءات إسرائيل، وانتهاكاتها الممنهجة ضد المقدسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، مؤكدةً أنها تدين وتستنكر بشده قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدم عشرات المنازل في منطقة وادي الحمص ببلدة صور باهر شرق القدس، التي تؤوي مئات المواطنين الفلسطينيين، وهو ما أدانه مجلس الوزراء في المملكة في جلسته اليوم. وحذر المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي -في كلمة المملكة الثلاثاء أمام مجلس الأمن في نيويورك، بصفته رئيسًا للمجموعة العربية لهذا الشهر، ونيابةً عن الدول العربية الشقيقة- من المحاولات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير الوضع التاريخي القائم في القدس، ومن مخططات إسرائيل الاستيطانية التوسعية غير القانونية على حساب الأراضي الفلسطينية، مطالبًا بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 ، مؤكدًا أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشرقية، وخصوصًا الحرم القدسي الشريف، ودورها الرئيس في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية. وقدم السفير المعلمي شكره لوكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري دي كارلو، مثمنًا لها إحاطتها القيمة. وأوضح السفير المعلمي أن القمة العربية التي انعقدت في تونس في شهر مارس الماضي، والقمة العربية الطارئة التي انعقدت في مكة المكرمة الشهر الماضي؛ أكدتا أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة إلى الأمة العربية، وأنها قضية العرب الأولى، وأكدتا الهوية العربية للقدس الشريف عاصمة دولة فلسطين، و التزام العرب بالسلام خيارًا استراتيجيًّا لا بديل عنه. وشدد السفير المعلمي على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت في عام 2002م، ودعمتها منظمة التعاون الإسلامي.. هذه المبادرة التي لا تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها قضية اللاجئين، وهي المبادرة التي توفر الأمن والقبول والسلام لإسرائيل مع جميع الدول العربية، مؤكدًا الالتزام بالمبادرة، والتمسك بجميع بنودها، داعيًا المجتمع الدولي للسعي إلى أن يكون جزءًا من الحل العادل لهذه القضية. وبيَّن السفير المعلمي الحرص على وحدة ليبيا وسيادتها، وتجديد رفض الحلول العسكرية وكل أشكال التدخل في شؤونها الداخلية، مطالبًا بالإسراع إلى تحقيق التسوية السياسية الشاملة في إطار التوافق والحوار دون إقصاء، وعلى أساس الاتفاق السياسي، ووفق المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة، بما يعيد الأمن والاستقرار إلى ليبيا ويُنهي معاناة الشعب الليبي الشقيق، لافتًا النظر إلى الدعم لكل الجهود الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية واستئصال الخطر الذي تمثله على ليبيا وعلى جوارها وعموم المنطقة. وقال السفير المعلمي: «إننا نشدد على ضرورة إيجاد حل سياسي ينهي الأزمة السورية، بما يحقق طموحات الشعب السوري الذي يئن تحت وطأة العنف، وبما يحفظ وحدة سوريا، ويحمي سيادتها واستقلالها، وينهي وجود جميع القوات الخارجية والجماعات الإرهابية الطائفية فيها، استنادًا إلى مخرجات جنيف (1)، وبيانات مجموعة الدعم الدولية لسوريا، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخاصةً القرار رقم 2254؛ فلا سبيل لوقف نزيف الدم إلا بالتوصل إلى تسوية سلمية، تحقق انتقالًا حقيقيًّا إلى واقع سياسي تصوغه وتتوافق عليه كل مكونات الشعب السوري عبر مسار جنيف الذي يشكل الإطار الوحيد لبحث الحل السلمي. ونحن ملتزمون مع المجتمع الدولي بتخفيف المعاناة الإنسانية في سوريا لتفادي أزمات إنسانية جديدة، كما نؤكد دعمنا المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا جير بيدرسون في جهوده لحل الأزمة السورية، وتشكيل اللجنة الدستورية في أقرب وقت». وأضاف قائلًا: «إن استمرار السلوك السلبي لإيران في المنطقة ليس من شأنه إلا تقويض الأمن والسلم الدوليين؛ فالدعم الواضح الصريح لميليشيات الحوثي الانقلابية أصبح يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي، ولحركة الملاحة الدولية، وخطرًا على المدنيين في المنطقة؛ فتهديد الحكومة الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز، واستمرارها في مهاجمة واحتجاز السفن التجارية؛ يحمل مجلسكم الموقر مسؤولية الوقوف بحزم والاضطلاع بمهامه الرئيسية والعمل على صون الأمن والسلم الدوليين». وأردف السفير المعلمي يقول: «إننا نسعى إلى استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة. وإن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة مبادئ حسن الجوار، والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سيادتها. وإن سلوك إيران في المنطقة ينافي تلك المبادئ ويقوِّض مقتضيات الثقة ومن ثم يهدد الأمن والاستقرار تهديدًا مباشرًا وخطيرًا، مع تأكيد استعدادنا لإقامة علاقات التعاون بين الدول العربية وإيران القائمة على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها». وأبان السفير المعلمي أن استمرار الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران ببسط وفرض السيطرة على مفاصل الدولة في صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية الشقيقة للعام الخامس على التوالي؛ أوجد بؤرة في المنطقة تحتضن الأعمال الإرهابية وتصر على الاستمرار في زيادة الكوارث الإنسانية من تجويع وانتشار للأوبئة؛ فهذه الميليشيات تستمر في استخدام الموارد والمساعدات الإنسانية الدولية سلاحًا لمفاوضاتها «غير الشرعية»، غير آبهة للشعب اليمني واحتياجاته الأساسية. ولفت السفير المعلمي النظر، في ختام كلمته، إلى أن ما تقوم به هذه الميليشيات من ترويع الآمنين واستهداف المنشآت المدنية والبنى التحتية في المملكة العربية السعودية؛ يكشف عن الفكر الهدام الذي لا يعرف سوى الخراب والدمار، مطالبًا مجلس الأمن بتأكيد تنفيذ قراراته 2140 و2216 و2451 ذات الصـلة، مشددًا على أن حل الأزمة اليمنية يكمن في الحوار السياسي وفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
مشاركة :