في أكبر عملية تغيير تطال المؤسسة العسكرية منذ تشكيل الحكومة الحالية وتعيين وزير للدفاع، أحال رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي نحو 300 ضابط برتب مختلفة في وزارة الدفاع على التقاعد. وقال بيان لرئاسة الوزراء أمس إن القرار يأتي «ضمن خطة إعادة هيكلة الجيش العراقي وجعله أكثر فاعلية وكفاءة في مواجهة المخاطر التي تواجه العراق ولحماية أمنه الوطني». ويجيء قرار العبادي بشأن الدفاع بعد قرار مماثل بحق أكثر من 26 مسؤولا كبيرا في وزارة الداخلية في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2015. وفي هذا السياق أبلغ ضابط عراقي جرت ترقيته إلى رتبة أعلى «الشرق الأوسط» بأنه «لولا إحالة هؤلاء الضباط الذين هم من رتب مختلفة قد تصل إلى رتبة الفريق لما تمكن هو وعدد كبير آخر من الضباط من الحصول على ترقية كانوا يستحقونها منذ مدة، بالإضافة إلى إمكانية تبوئهم مواقع جديدة بقيت لفترة طويلة خلال فترة الوزارة السابقة حكرا على مجموعة معينة من الضباط والمسؤولين». وأضاف أن «عملية التغييرات هذه كانت على حد علمنا الشغل الشاغل لوزير الدفاع الجديد خالد العبيدي في محاولة لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وضخ دماء جديدة في جسم الوزارة ودوائرها المختلفة والقضاء، أو لنقل الآن، الحد من عمليات الفساد المالي والإداري التي نخرت في جسم المؤسسة العسكرية». وردا على سؤال عما إذا كان من بين المحالين على التقاعد قادة فرق عسكرية أو أمراء ألوية وغيرهم قال الضابط العراقي «العبادي أجرى تغييرات قبل أيام على صعيد مناقلات بين كبار القادة الميدانيين وتعيين قادة جدد هم الآن في طور التسلم والتسليم لمهامهم الجديدة وبالتالي فإن المحالين على التقاعد هم في الغالبية من أمضى فترة طويلة في أماكن ومواقع لم تتح المجال لسواهم في العمل والاستمرار فيها، الأمر الذي أدى إلى ترهل واضح في المؤسسة العسكرية». من جهته، أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من عدم إطلاعنا على تفاصيل إحالة هذا العدد الكبير من الضباط في الجيش إلى التقاعد لكن في الواقع هناك أسئلة كثيرة تطرح نفسها في هذا السياق»، مشيرا إلى أن «هذه التغييرات التي صدرت عن العبادي إنما يقف خلفها وزير الدفاع خالد العبيدي لكن مع ذلك فإن من بين الأسئلة التي تبدو واجبة الطرح: هل هؤلاء كانوا فائضين عن حاجة المؤسسة العسكرية؟ وأين كانوا يعملون وفي أي المواقع؟ وبناء على أي الأسس تمت الإحالة على التقاعد؟ لأن القول بإعادة الهيكلة وحدها لا يكفي». وأوضح المطلبي أن «هذا الوضع كله وبالتزامن مع الانكسار الذي حصل في الجيش في الأنبار في أول مواجهة حقيقية مع تنظيم داعش يعيد السؤال الكبير نفسه: ما هو دور الجيش إذن؟ وإلى أي حد هو بحاجة إلى إعادة تنظيم؟ لا سيما أن ما تحقق من انتصارات في الكثير من الأماكن والمواقع وآخرها صلاح الدين إنما تمت على يد الحشد االشعبي وليس الجيش». وكان وزير الدفاع العراقي، القيادي في تحالف القوى العراقية عن محافظة نينوى، قد تعرض إلى حملة من قبل أطراف سياسية وبرلمانية لجهة كونه أقال عددا كبيرا من الضباط والطيارين الشيعة أو أنه يخطط لانقلاب عسكري وهو ما حمله على التهديد برفع دعاوى قضائية ضد مثل هذه الاتهامات. وقال العبيدي في تصريحات له إن «هناك عددا من السياسيين اتهموني بالطائفية وتصفية وزارة الدفاع من المكون الشيعي». وطالب العبيدي تلك الشخصيات بإثبات دعاواها بالتطهير الطائفي في وزارة الدفاع. وكان العبيدي قد نفى خلال فبراير (شباط) الماضي أن يكون قد قام بفصل أي من الضباط الطيارين من الخدمة العسكرية، مؤكدا أن ما حصل كان مجرد تغييرات عسكرية في سياق إعادة الهيكلة. وقال إن «8 طيارين و15 ضابطا أحيلوا على التقاعد بأمر من نوري المالكي في فترة الحكومة الماضية بينهم من لم يتجاوز سن التقاعد»، مبينا أن «الوزارة وعدت بإرجاع هؤلاء لعدم إكمال المدة القانونية». وكشف أن «الترهل في الوزارة بلغ حدودا غير مقبولة، حيث إن هناك 112 ضابطا برتبة فريق و1900 برتبة عميد، أي أكثر مما هو موجود في الجيش الأميركي».
مشاركة :