من بين الحيوانات العديدة التي جلبها المستعمرون الأوروبيون إلى أستراليا على متن سفنهم في القرن الثامن عشر، الخنازير والخيول والثعالب والقطط، إلا أن هذه الأخيرة بالذات كانت هي التي ألحقت أكبر الأضرار بأنواع الحيوانات المستوطنة في أستراليا. ووفقا لوزارة البيئة الأسترالية، فإن القطط ساهمت في انقراض 27 نوعا من الحيوانات الثديية وتهديد 124 نوعا آخر، وفي أعقاب وصول أول المستوطنين لأستراليا عام 1788، خسرت القارة الأسترالية للأبد 34 من الأنواع المستوطنة فيها، وهو أعلى معدل على مستوى العالم، بحسب الباحثة سارة ليج، من الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا. وهناك إلى جانب القطط البرية والتي يقدر عددها في أستراليا بنحو 2 مليون إلى 3.6 مليون قط بري، نحو 3.9 مليون قطة منزلية أليفة. وقررت الحكومة الأسترالية في عام 2015 وضع حد لهذا الانتشار، وذلك في ظل الحجم المأساوي الهائل لهذا البلاء، حيث اعتبرت القطط البرية وبالا على البلاد واتخذت إجراءات واسعة لمواجهتها. وكان هدف الحكومة من وراء هذه الإجراءات هو إنقاذ أكثر من 100 نوع من الحيوانات التي أصبحت تعاني بشدة من الانقراض، لأنها لا توجد سوى في أستراليا، من بينها طيور وضفادع وجراد وسلاحف وخنافس وقشريات.وقال أندريو كوكس، عضو مجموعة العمل الوطنية التي كلفت باتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من انتشار هذه القطط البرية، غير الظريفة بالمرة “القطط البرية هي الخطر رقم 1، وهي موجودة في كل مكان، إذا لم نسيطر على هذه القطط، سنفقد جميع الحيوانات الثديية الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تعيش في أستراليا”. وبحسب ما اكتشف أصحاب دراسة نشرتها مجلة “بيولوجيكال كونسيرفيشن” المتخصصة عام 2017، يقع أكثر من مليون طائر في أستراليا يوميا فريسة للقطط. وأشار معدو الدراسة إلى أن العدد يرتفع إلى أكثر من ذلك بكثير بين الزواحف، حيث قدر عدد الزواحف التي تأكلها هذه القطط بنحو 650 مليون سنويا. وقدرت ليج في كتاب صدر مؤخرا شاركت في تأليفه، عدد الزواحف والطيور والثدييات التي تقتلها القطط البرية في أستراليا بنحو 2 مليار سنويا. ولا يقتصر دور القطط في ذلك على مجرد أنها حيوانات مفترسة تلتهم فرائسها، كما تعلم ليج، حيث إن هذه القطط تعتبر عائلا لطفيليات تنشر أمراضا مثل ما يعرف بداء المقوسات. ومن بين “ضحايا” هذه القطط، هناك أنواع تستوطن أستراليا، مثل الجرذان الأرنبية أو فأر الأباذ والتي انقرضت بالفعل في العقود الماضية. كما فقدت أستراليا البندقوط خنزيري القدم، بسبب القطط الضارية. ومنذ أن أصبحت السلطات الأسترالية تسمح بصيد القطط البرية، لم تنشر حتى الآن بيانات عن أعداد القطط، سوى مرة واحدة. ووفقا لهذه البيانات فقد قُتل ما يقدر بـ211 ألفا من هذه القطط، عام 2016، أول عام لهذه الحملة على القطط
مشاركة :