دبي: زكية كردي ترك فيلم «الفيل الأزرق 2» بصمته الخاصة على كل من حضر العرض الخاص، أمس الأول، في «فوكس سينما» بمول الإمارات في دبي، من خلال النهاية العبقرية والمفاجئة التي جاءت على شكل قفزة زمنية غير متوقعة، لكنها مدروسة بحرفية عالية لتترك المشاهد متفائلاً بجزء ثالث للفيلم، تتصارع فيه رموز الخير والشر أخيراً داخل جسد واحد.تقول الفرضية إن مُشاهد الجزء الأول للفيلم لابد أن يدخل جزأه الثاني محملاً بكثير من التوقعات عالية المستوى، وأيضاً التساؤلات عن الجديد الذي قد يضيفه كاتب الفيلم أحمد مراد، بعد أن أفرغ مخزون دهشته في الحكاية الأولى، التي ساقها المخرج مروان حامد بعبقرية عالية، مقدماً تصوراً جديداً نوعاً ما لعالم غريب، مع كل العناصر الفنية الخيالية التي دعمت وجوده من جرافيك إلى مكياج، إلى ديكور فموسيقى وتصميم. التحدي الأكبر لأي عمل يكمن في منافسة نجاح العمل الأول، وجاء الرد هنا على شكل خلطة شعورية برتم سريع ومتلاحق على مدار 130 دقيقة لا مكان فيها لالتقاط الأنفاس، مقدماً نوعاً سينمائياً هجيناً. فالفيلم يعتبر مزيجاً من الرعب، والدراما، والاستعراض، والخيال، ولم يبتعد في هذا الخليط كثيراً عن الجزء الأول، لكنه جاء أكثر كثافة إلى حد الإرهاق، خاصة مع إضافة عنصر الطفولة إلى الفيلم، لزيادة جرعة الأدرينالين للقصة. ولاشك في أن الكاتب في كلا الجزأين أجاد الاستفادة من علم النفس والدراسات النفسية والفلسفية التي أسهمت كثيراً في صناعة أبرز الأفلام و أكثرها تعقيداً وذكاء في تاريخ السينما العالمية والمصرية، كما أجاد المخرج اختيار أبطاله، ليشكل كل منهم إضافة كبيرة للمشهد كل على طريقته، فيضعنا كريم عبد العزيز من خلال شخصية د. يحيى، على موجة مشاعره المعقدة بأسلوبه الذي يبدو أشبه بالسهل الممتنع، بينما تعزف نيللي كريم في الخلفية على سيمفونية الإيحاء بكل الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة، على الرغم من صغر مساحة الدور الذي قدمته أكثر مما هو متوقع، ولا يمر هنا وجود إياد نصّار مرور الكرام، فله سحره الخاص الذي يعلق علامات استفهام منمقة على بوابة الشعور، بينما تستعين شيرين رضا بكل جبروتها لتبرز هذا العمق الوجداني الذي يمكن أن يترك أثراً في مشهد واحد، أو أكثر بقليل.أما المراهنة الحقة التي قدمها هذا الجزء فكانت المنافسة الأبرز، والتي جاءت أشبه بمناظرة إبداعية ما بين حالة التجلي الفني التي أظهرها الفنان خالد الصاوي في الجزء الأول، واستطاع أن يستحضرها بعبقرتيه الفنية في مشهد واحد ظهر فيه في الجزء الثاني، وبين الأداء العالي الذي قدمته الفنانة هند صبري في شخصية فريدة عبيد، التي برزت براعتها في التنقل ما بين فريدة ونائل، في العديد من مشاهد الفيلم، وفي الولوج إلى أعماق المتابع بنظرات قوية محترفة تعرف كيف تترك بصمتها على ذاكرة ومشاعر المشاهد.على صعيد الإخراج والتصوير والديكور والمكياج والموسيقى، لابد من التوقف عند المجهود الكبير الذي بذله كل فرد في فريق العمل، والذي يترك انطباعاً عن التناغم الكبير والسقف المرتفع الذي كان الجميع يعمل لبلوغه كل في مجاله، وكأن المنافسة هنا جاءت على الإبداع بكل التفاصيل، ومنها استخدام الرموز الفنية بذكاء.
مشاركة :