ثمة مؤشرات جديدة تؤكد حيوية الاقتصاد السعودي، وقدرة القطاعات غير النفطية على تسجيل معدلات نمو متزايدة، آخر هذه المؤشرات أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء في البلاد أمس، والتي كشفت عن تسجيل الرقم القياسي العام لأسعار العقارات ارتفاعاً بنسبة 0,4%، وذلك خلال الربع الثاني من العام الجاري، بالمقارنة مع الربع الأول من العام ذاته.هذه الإحصائية الجديدة، تدعم بيانات أخرى تؤكد ارتفاع مبيعات الإسمنت في السوق المحلية، والتي سجلت نسبة زيادة تصل إلى 20% خلال الشهر الماضي، مقارنةً بالشهر ذاته من عام 2018، الأمر الذي يؤكد أن قطاع البناء والإنشاءات في البلاد، يشهد تعافياً جديداً، تزامن مع ارتفاع أسعار العقارات.وعادةً ما تكون الأرقام التي تشير إلى ارتفاع الرقم القياسي لأسعار منتجات معينة، مؤشراً مهماً تستند إليه بيوت الخبرة العالمية في معرفة حجم النشاط التجاري والنمو الاقتصادي لأي اقتصاد في العالم، يأتي ذلك في الوقت الذي يحقق فيه الاقتصاد السعودي خلال العام الحالي معدلات نمو مرتفعة، تفوق التقديرات المحلية والأخرى العالمية.وفي هذا الشأن، أصدرت الهيئة العامة للإحصاء في السعودية أمس (الخميس)، تقرير الرقم القياسي لأسعار العقارات في البلاد للربع الثاني من العام الجاري، حيث سجل ارتفاعاً نسبته 0,4% مقارنةً بالربع السابق (الربع الأول 2019)، إذ بلغ مؤشر الرقم القياسي العام لأسعار العقارات في المملكة (4,80) في الربع الثاني، مقارنةً بـ(1,80) في الربع الأول.ووفقاً لهيئة الإحصاء السعودية، جاء هذا الارتفاع كمحصلة للتغيرات التي سجلتها القطاعات المكونة للمؤشر، حيث ارتفع القطاع السكني بنسبة 0,2%، والقطاع التجاري بنسبة 0,8%، في حين انخفض القطاع الزراعي بنسبة 0,1% مقارنةً بالربع الأول من العام الحالي.وبالتفصيل، فإنه وخلال الربع الثاني من العام الحالي 2019 مقارنةً بالربع السابق من العام ذاته، شهد القطاع السكني ارتفاعاً في الأراضي السكنية بنسبة 0,2%، وارتفاعاً في الشقق بنسبة 0.5%، في حين انخفضت كل من: العمائر السكنية بنسبة 0.3%، والفيلات بنسبة 2.7%، والبيوت بنسبة 0.3%، أما القطاع التجاري فقد ارتفعت قطع الأراضي التجارية مقارنةً بالربع السابق بنسبة 0.8%، كما ارتفعت المراكز التجارية بنسبة 2.1%، في حين انخفضت المعارض (المحلات) بنسبة 1.9%، وبالنسبة إلى القطاع الزراعي فقد انخفضت الأراضي الزراعية بنسبة 0.1%.ويعتمد المؤشر على البيانات السجلية المتوفرة لدى وزارة العدل عن الصفقات العقارية، ويعدُّ أداة مهمة لدعم الجهات المعنية باتخاذ القرارات الاقتصادية والإحصائية المتعلقة بتحركات أسعار العقارات والتنبؤات المستقبلية خلال فترات زمنية مختلفة، ويشتمل المؤشر على ثلاثة قطاعات رئيسية تتكون من عدة أصناف عقارية: القطاع السكني ويتكون من الأصناف التالية (قطعة أرض، وعمارة، وفيلا، وشقة، وبيت)، والقطاع التجاري ويتكون من الأصناف (قطعة أرض، وعمارة، ومعرض/ محل ومركز تجاري)، والقطاع الزراعي ويندرج تحته صنف واحد هو الأرض الزراعية.ويجد المتتبع للإحصائيات والأرقام الصادرة حول مختلف القطاعات في السعودية، نمواً ملحوظاً، ففي الوقت الذي كانت فيه أسعار العقارات تسجل انخفاضاً خلال السنوات القليلة الماضية، تأتي بيانات الأشهر الأخيرة لتؤكد عودة الأسعار إلى الارتفاع، يأتي ذلك بالتزامن مع تزايد حجم تدفقات رؤوس الأموال الاستثمارية في السوق المحلية. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بات فيه تحسن ملحوظ في مبيعات شركات الإسمنت السعودية خلال الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي يبرهن على حيوية اقتصاد البلاد من جهة، وفاعلية قطاع الإنشاءات والمقاولات من جهة أخرى، يأتي ذلك في ظل تزايد حجم الطلب على مواد البناء، والتي يأتي من أهمها الإسمنت.وبالنظر إلى الإحصائيات الخاصة بشهر يونيو (حزيران) الماضي، ارتفعت المبيعات الإجمالية لشركات الإسمنت السعودية بنسبة 20% خلال شهر يونيو من عام 2019. يأتي ذلك بالمقارنة مع الشهر ذاته من العام المنصرم 2018. وسجل قطاع الإسمنت في سوق الأسهم السعودية خلال الأسابيع الماضية قفزات سعرية ملحوظة، ساهمت في ارتفاع جميع أسهم الشركات المدرجة في هذا القطاع، وتسجيلها زيادة سعرية ملحوظة، بفارق يصل إلى 60%، عن مستوياتها التي كانت عليها مع بداية تعاملات العام الجاري.وفي هذا الخصوص، قفزت مبيعات شركات الإسمنت البالغ عددها 17 شركة في السوق المحلية خلال شهر يونيو الماضي إلى 2.55 مليون طن، قياساً بمبيعات قدرها 2.13 مليون طن تم تحقيقها خلال الشهر ذاته من عام 2018. ويعد إعلان السعودية عن أضخم ميزانية إنفاق خلال عام 2019 مؤشراً مهماً على صعيد ازدياد حجم تنفيذ المشروعات، وارتفاع مستوى الطلب على مواد البناء، بما فيها المادة الأهم، الإسمنت.يشار إلى أن وكالات تصنيف عالمية توقعت نمواً أكبر للاقتصاد السعودي، حيث أكدت وكالتا «فيتش» و«موديز» التصنيف الائتماني للسعودية عند «+A» و«A1» على التوالي، مع «نظرة مستقبلية مستقرة»؛ الأمر الذي يبرهن على حجم الثقة العالية من وكالات التصنيف العالمية بالاقتصاد السعودي من جهة؛ وفاعلية الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها حكومة البلاد من جهة أخرى.
مشاركة :