في محاولة لتبييض صورتها، أعلنت قطر إرسال طائرة لنقل ضحايا تفجير مقديشو للعلاج بالدوحة رغم أن أيديها ملطخة بالدماء في البلد الذي أنهكته الاضطرابات وسط تواطؤ من الرئيس محمد عبدالله فرماجو. يأتي ذلك بعد أيام من كشف تسجيل صوتي مسرب حصلت عليه "نيويورك تايمز" لرجل الأمن خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم بن حمد، ارتباط الدوحة بعلاقات وثيقة مع الإرهابيين ودعم المتطرفين الذين يشنون عمليات إرهابية لنيل مكاسب اقتصادية وسياسية في هذا البلد الأفريقي الممزق.والتسجيل عبارة عن مكالمة هاتفية بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم ورجل الأعمال خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم من حمد، يؤكد فيه المهندي أن "أصدقاء قطر" يقفون وراء التفجير الذي حدث في مدينة بوصاصو مايو/أيار الماضي "لتعزيز مصالح قطر من خلال طرد منافسيها".فسياسة قطر في الصومال ليست بعيدة عن نهجها الخبيث الذي بات مكشوفا للجميع، فهي الدويلة ذات الوجهين، ترسل الطائرة لنقل الجرحى أمام الكاميرات، بينما تجند وتمول الإرهاب وتغذي الحركات المسلحة وتسفك الدماء دون رحمة.تنظيم الحمدين يحاول تبييض صورته وتغطية جرائمه بتقديم مساعدات إنسانية لضحايا إرهاب هم المسؤولون عنه ورعايته من أجل مصالحه الخاصة وتوسيع نفوذه.وفي ضوء تلك الأدلة الدامغة التي تدين قطر كان الشعب الصومالي يترقب ردا حازما من حكومة فرماجو، أقلها طرد السفير المتورط في المؤامرة الإرهابية أو قطع العلاقات مع الدولة التي تتآمر ضد بلادهم أو طلب المشاركة في التحقيقات المزعومة مع رجل الأعمال القطري المتورط في تلك المؤامرة.كل تلك التوقعات ذهبت أدراج الرياح، وصدم الشعب الصومالي إزاء انبطاح حكومة بلادهم لتنظيم الحمدين الذي ظهر في تصريح وزير خارجية الصومال أحمد عيسى عوض الذي قال فيه: "إن الحكومة الفيدرالية ببلاده اقتنعت ببيان الحكومة القطرية الذي نفت فيه ما ورد في تقرير "نيويورك تايمز" مع أن الحكومة القطرية لم تنفِ أصلا ما جاء في التقرير، كل ما فعلته هي تنصلت من رجلها المهندي".وفي مقابلة مع إذاعة صوت أمريكا قسم اللغة الصومالية، أشار عوض إلى أن قطر أصدرت بيانا نفت فيه ما تم نشره في صحيفة نيويورك تايمز، وأنه قرأ التقرير شخصيا بالكامل ولم يحد فيه حقائق، حيث كانت كلها اتهامات.وأكد أن "الحكومة الفيدرالية اقتنعت ببيان الحكومة القطرية الذي أوصله إلى وزارة الخارجية سفير دولة قطر لدى الصومال".لكن الواقع هو أن هناك تعاونا وثيقا بين الدوحة وحكومة فرماجو، حيث يشغل عميل قطر في الصومال فهد الياسين منصب نائب رئيس جهاز الأمن والاستخبارات الذي أكدت العديد من التقارير استخدامه من قبل قطر لتنفيذ مخططاتها في البلد.ويستخدم تنظيم الحمدين الصومال لخلق قواعد سياسية وأمنية من أجل مد نفوذه واستثماره في خدمة أجندته الشريرة، مستخدما العمل الإغاثي والخيري لأكثر من ربع قرن ستارا لخلق نفوذ ورعاية مصالحه ومد الإرهابيين بالأموال والمساعدات اللوجستية.كما تقوم الدوحة عبر وكلاء محليين بتجنيد الشبان الصوماليين وإلحاقهم بالعمل كمرتزقة تابعين للجيش القطري وإيصال عملائها لسدة الحكم، مثلما فعلت مع حركة "الإصلاح الإسلامي"، إحدى أذرع تنظيم الإخوان، وكذلك مساعيها لإدماج حركة الشباب الإرهابية في المسار السياسي الحديث في الصومال.وتعتمد حركة الشباب الصومالية الإرهابية في التمويل على شيوخ قطر كمصدر أساسي، حيث تلقت تمويلا من القطري عبدالرحمن النعيمي، المتهم الأبرز في تمويل تنظيم القاعدة في سوريا والعراق والمصنف إرهابيا، بمبلغ 250 ألف دولار.ويخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد حركة "الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا تنظيم "القاعدة" وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات.ونشر موقع "ذا كريستال آيز" المعني بمكافحة التطرف والإرهاب تقريرا حول محاولات تركيا وحليفتها قطر الرامية إلى نشر الفوضى والعمليات التخريبية بالصومال عبر دعم التنظيمات الإرهابية في البلد الذي يعج بالمشكلات الاقتصادية والفقر، من أجل إضعاف مؤسسات الدولة الصومالية التي تعاني أزمات كبرى بالأساس.ومن ثم تحقيق واحد من أهم أهداف المشروع الاستعماري الجديد في القارة السمراء بالسيطرة على سواحل الصومال.أهداف قطرية تخريبية ترتكز على دعم العنف وتوسيع دائرته من خلال الدعم المستمر لحركة الشباب الإرهابية ومساعٍ لتأسيس تنظيم مسلح جديد في مقديشو.ودأب تنظيم الحمدين عبر عملائه في مقديشو على تنفيذ مخططاته التخريبية والقضاء على حكام الأقاليم المعارضين لهيمنته، ومن ثم تفتيت النظام الفيدرالي من أجل تقوية نفوذ الدوحة في البلد الواقع شرق قارة أفريقيا.كل هذا يثبت حجم التدخلات القطرية في حكومة الصومال واختراق مؤسساتها وسيطرتها على القرار، في انتهاك فادح لسيادة الصومال ينبئ باستمرار قيام الحمدين بزعزعة الأمن والاستقرار في الدولة لتعزيز مصالحها.
مشاركة :