تواجه قطر حقيقة نفسها كدولة داعمة للإرهاب باعتراف مسؤولين من داخل نظام حكمها وتقارير دولية، وتعد منطقة القرن الأفريقي إحدى الساحات التي تنشط فيها قطر عبر عملاء وأذرع إرهابية.في مايو الماضي شهدت مدينة بوصاصو، شمال شرق الصومال، والتي تعتبر المركز التجاري لولاية إقليم بوتلاند تفجيراً إرهابياً استهدف سيارة رئيس محكمة الدرجة الأولى، لحظة دخولها مقر المحكمة في المدينة، وأدى إلى تسجيل عدد من الإصابات قبل أن يعلن مقربون من داعش تبنيهم العملية.لكن قبل ذلك، وتحديداً في أوائل فبراير، أعلنت حركة الشباب الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة تبنيها لعملية نفذت من قبل رجلين متنكرين في هيئة صيادين أطلقا النار على رئيس عمليات شركة ميناء المدينة بول أنتوني فورموسا أثناء توجّهه إلى ميناء بوصاصو.ندد حزب «ودجر» الصومالي المعارض، باستخدام قطر لإرهابيي داعش وحركة الشباب المتطرفة لتحقيق مصالحها في الصومال، استناداً إلى تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، داعياً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.وأشار بيان أصدره الحزب، إلى أن الصحيفة كشفت عن مكالمة هاتفية مسجلة جرت بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة، وخليفة كايد المهندي، رجل الأعمال القطري المقرب من الأمير تميم بن حمد.وقدم حزب ودجر مجموعة من المطالب، شملت، إبداء الحكومة الصومالية موقفها حيال قطر، وقطعها العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المقربين من قطر ممن يتولون مناصب حساسة في الدولة.مشروع الفوضىإن دور قطر في إدارة الإرهاب بالصومال أمر مثبت لدى كل المتابعين والأجهزة الأمنية الدولية، وما ورد في تقرير الصحيفة الأمريكية يمثل اعترافاً مهماً، كما أنه يكشف عن طبيعة ما قد يؤدي إليه التغلغل القطري عبر أدواته في مؤسسات الدول سواء كانت أمنية أو استخباراتية أو من خلال الأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الأهلية وشبكات الاتصال ووسائل الإعلام ومنظومات البيانات الشخصية والاستثمارات وغيرها.حيث إنها تستعمل كل ذلك في الاستقطاب والتجنيد والتجييش والتخطيط لمشاريعها التخريبية بما في ذلك الأعمال الإرهابية ليس خدمة لأهدافها فقط، وإنما لضرب مصالح القوى ذات الأجندات المناقضة لأجنداتها وفي مقدمتها الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب.إدارة الإرهابووفق المراقبين، فإن ما أورده تقرير نيويورك تايمز لم يكن مستغرباً، نظراً لتغلغل النظام القطري في الجماعات الإرهابية واعتماده عليها في تنفيذ أجنداته في عدد من دول المنطقة مثل ليبيا والعراق وسوريا واليمن وغيرها.ومنذ تأسست حركة الشباب في الصومال المرتبطة بتنظيم القاعدة في 2004، وجدت دعماً من نظام الدوحة سواء في عهد الأمير السابق حمد بن خليفة أو في عهد نجله تميم بن حمد، وهو ما أكدته تقارير أمنية أمريكية، أبرزت أن قطر ضالعة في تمويل الحركة عبر ممولين للإرهاب تحت يافطة العمل الخيري والإنساني .ومن بينهم عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي تربطه حسب تقرير لوزارة الخزانة الأمريكية علاقة وثيقة بزعيم حركة الشباب حسن عويس، حيث تولى تحويل نحو 250 ألف دولار في عام 2012 إلى قياديين في الحركة، مصنفين على قوائم الإرهاب الدولية.وفي يوليو 2017 أكدت تقارير أمنية أمريكية أن قطر ضالعة في تمويل حركة الشبيبة، وجاءت تلك المعلومات تزامنا مع ما كشفت عنه تسريبات ويكيليكس بشأن مطالبة الولايات المتحدة في وقت سابق، قطر، بوقف تمويل هذه الحركة الإرهابية، حيث لعب ممولون معروفون للإرهاب يعيشون في قطر بحرية دوراً محورياً في تمويل الحركة، المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، بشكل مباشر وغير مباشر.اختراق المخابراتلم تجد قطر صعوبة تذكر في تحريك خيوط الإرهاب في الصومال، خصوصاً بعد أن نجحت في زرع واحد من أهم أتباعها في جهاز المخابرات الاتحادية، وهو فهد ياسين حاج طاهر، الذي بدأ حياته ناشطاً في جماعة «الاعتصام»، ثم التحق بجماعة الإخوان.حيث أقام علاقات قوية مع داعية الإرهاب يوسف القرضاوي، ليكون بعد ذلك وسيط التمويلات بين نظام الدوحة والجماعات الإرهابية في الصومال، قبل أن يصبح رئيساً لديوان الرئاسة في مقديشيو في مايو 2017.كان ياسين قد عمل في قطاع الإعلام، وتحديداً في موقع «صومال توك» قبل أن يلتحق بقناة «الجزيرة» ليعمل مراسلاً لها في الصومال.إرهابي بونتلاندلم يتوقف الاختراق القطري للصومال عند فهد ياسين، وإنما شمل مؤسسات وجماعات وميليشيات وعناصر، من أبرزها محمد علي سعيد أتم، الذي أدرج اسمه ضمن القائمة العربية للجماعات والعناصر الإرهابية، ويعتبر قائد الإرهابيين في شمال شرق الصومال.والرجل الثاني في الحركة، ونفذ العديد من العمليات الإرهابية ضد ولاية بونتلاند، التي أكدت حكومتها أنه لا يزال يمارس نشاطاً يزعزع الأمن في الأقاليم الصومالية من خلال وجوده في دولة قطر التي حصل على اللجوء السياسي فيها، كما أنه حصل على جواز سفر قطري ليتنقل بين دول عدة بهدف تنفيذ مخططات الدوحة في استقطاب الإرهابيين وتجنيدهم لخدمة مشاريعها التخريبية في المنطقة.
مشاركة :