يواجه العديد من رجال الأعمال الأتراك خسائر بعد أن تعرضت منتجاتهم لحظر منهجي في العراق، في الوقت الذي تسعى إيران، التي تعرضت لعقوبات أميركية، إلى تحقيق مصالح تجارية خاصة بها في العراق. وعلى مدى العقد الماضي، زاد حجم التجارة التركية في السوق العراقية بسرعة، وراوحت الصادرات من الآيس كريم إلى المعكرونة القادمة من المحافظات التركية الشرقية والجنوبية الشرقية، والتي تأخذ طريقها داخل العراق. صعوبات وشعر رجال الأعمال الأتراك الذين لديهم استثمارات كبيرة في العراق بالارتياح عندما أجرى رئيس الوزراء العراقي الجديد، عادل عبدالمهدي، زيارة تاريخية لتركيا في شهر مايو، وناقش إمكانية زيادة التجارة الثنائية من 13 مليار دولار إلى 20 مليار دولار. ولكن بدلاً من ازدهار تجارتهم يواجه مجتمع الأعمال التركي صعوبة في السوق العراقية، حيث حظرت حكومته تدريجياً المنتجات التركية، ما تسبب في خسائر كبيرة للمتعاملين من محافظات شرق وجنوب شرق تركيا، والتي تعتمد اعتماداً كبيراً على الاقتصاد المخصص للتصدير. ويقول رئيس اتحاد صناعة الأغذية والمشروبات في تركيا، عبدالقادر كولاهسي أوغلو: «في شهر مايو تم حظر البيض، وفي شهر يونيو المشروبات الغازية والآيس كريم، والآن الملح، والمعكرونة، وكما علمنا سيتم أيضاً حظر المنتجات الزراعية المُصنّعة تدريجياً». ويمضي قائلاً: «هذا يعني أن تجارة محلية يقدر حجمها بنحو مليار و600 مليون دولار، لن تستطيع الآلاف من شاحنات البضائع أن تنقلها بعد الآن، وستضطر المصانع إلى تسريح عمالها، وستكون هناك مشكلات في التوظيف أيضاً». وتقول الحكومة العراقية إن الحظر سيستمر لمدة عام واحد فقط، لأن العراق يعتزم زيادة إنتاجه المحلي من هذه المنتجات، إلا أن كولاهسي أوغلو يرى أن مبررات الحكومة العراقية غير واقعية، مؤكداً أن تركيا لديها حجم سوق يبلغ 68% في المعكرونة وحدها، وحتى إذا بدأ العراق في إنشاء مصانع لإنتاج المعكرونة، فلن يستطيع تلبية الطلب المحلي. ويقول إنه لملء هذه الفجوة، قد تتدخل إيران «لتعويض حصة تركيا، لأن إيران منافس رئيس لتركيا في السوق العراقية». ويؤكد أن استيراد المعكرونة من إيران ليس أرخص من استيرادها من تركيا، «لذلك أعتقد أنه قرار له دوافع سياسية». ويعتقد أن المصدرين الأتراك لن يكونوا قادرين على الحصول على الحصة التجارية نفسها مرة أخرى، بعد أن يتم رفع الحظر بعد عام واحد. وتتمتع إيران تقليدياً بنفوذ قوي في العراق يساعدها في ذلك الأغلبية الشيعية من المسؤولين والميليشيات المدعومة من إيران مثل الحشد الشعبي، والمعروف أن الأحزاب السياسية الشيعية العراقية، مثل حزب الدعوة والفصائل الشيعية الأخرى، تهيمن إلى حد كبير على المشهد السياسي في البلاد، ولهذا السبب فإن المنتجات الإيرانية ستهيمن أيضاً على الأسواق المحلية في العراق. ومع إعادة تطبيق العقوبات الأميركية في مايو 2018 على إيران، أصبحت بغداد مرة أخرى مركز شد وجذب بين إيران والولايات المتحدة، والتي حافظت أيضاً على نفوذها منذ غزوها للبلاد عام 2003. وفي ظل هذه العقوبات القاسية، ازداد اعتماد إيران على الأسواق العراقية كما لم يحدث من قبل. ويقول المتخصص في شؤون العراق وإيران، تلها عبدالرزاق: «أعتقد أن هذا هو السبب الرئيس لمعاناة الأسواق التركية، لأن إيران تستغل سيطرتها السياسية على العراق من أجل تعزيز قوتها الاقتصادية». في مايو من هذا العام، قام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بزيارة مفاجئة للعراق لتحذير بغداد من زيادة أنشطتها مع ايران، مشيراً إلى ميليشيا الحشد الشعبي المدعومة من إيران. وفي محاولة لمعالجة المخاوف الأميركية، أعلن رئيس الوزراء دمج فصائل الحشد الشعبي بالكامل في الجيش العراقي. وعلى الرغم من أن هذا يعني إلغاء هذه الميليشيا، فإن الخبراء يعتقدون أن الاندماج سيتيح لإيران أن يكون لها تأثير أوسع في المؤسسة الأمنية العراقية. وفي الشهر نفسه طلبت الولايات المتحدة من العراق التوقف عن شراء الكهرباء من إيران، لكنها مددت لها فترة السماح حتى 15 سبتمبر. ويعتمد قطاع الطاقة العراقي اعتماداً كبيراً على استيراد الكهرباء من إيران، خصوصاً في أشهر الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية. وفي الوقت نفسه، ورد أن العراق أنشأ نظاماً لتجاوز العقوبات ومواصلة تجارته مع إيران، لكنه سيدفع هذه المرة بالدينار العراقي فقط. ويقول عبدالرزاق: «إن موقف العراق في ما يتعلق بالمواجهة بين واشنطن وطهران، بشأن التجارة والاقتصاد والجيش، لا يمكن وصفه بأنه يقف إلى جانب إيران. العراق هو أكبر شريك تجاري لإيران، لذلك هم مدينون لإيران في كل هذه المجالات الثلاثة المختلفة، وليس لديهم حقاً خيار». ويضيف عبدالرزاق أن «السبب في أن الولايات المتحدة لاتزال تقدم لهم التنازلات هو أنها تشعر بأنها بحاجة إلى العراق في حربها ضد الإرهاب، والمتمثل في تنظيم (داعش)». وأعلن العراق رسمياً النصر على «داعش» في يوليو 2017، بعد قتال طويل بدعم من قوات الحشد الشعبي. رد فعل ويقول مصدر تركي له استثمارات في العراق ودول شرق أوسطية أخرى إن بعض نظرائه يعتقدون أن أزمة الأسواق في العراق بشأن تركيا كانت رد فعل على مشروع سد إليسو التركي لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر دجلة، الذي يتدفق بين جنوب شرق تركيا والعراق، حيث أجلت تركيا العام الماضي ملء سد إليسو بناءً على طلب العراق بسبب الجفاف. ومن ناحية أخرى، يعتقد عبدالرزاق أنه من غير المحتمل أن يكون مشروع سد إليسو السبب وراء الحظر المفروض على المنتجات التركية. ويقول عن ذلك: «لقد بنت تركياً سدوداً عدة على هذه الأنهار منذ سنوات، وكما ذكرت الحكومة العراقية سابقاً، فإنها ستدخل في مفاوضات مع الحكومة التركية بشأن إطلاق كمية معينة من المياه للتأكد من استمرار تدفق مياه النهر في العراق». ويضيف قائلاً: «أعتقد أنه قرار ذو دوافع سياسية، قرار قائم على المصالح الإيرانية». يعتقد البعض أن أزمة الأسواق في العراق بشأن تركيا كانت رد فعل على مشروع سد إليسو التركي لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر دجلة، الذي يتدفق بين جنوب شرق تركيا والعراق، حيث أجلت تركيا العام الماضي ملء سد إليسو بناءً على طلب العراق بسبب الجفاف.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :