«فيسبوك» يهدد قيادة الدولار عن طريق «ليبرا»

  • 7/28/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد:بنيمين زرزور لا تكف بيوت الخبرة التقنية العالمية ما ظهر منها وما بطن، عن محاولات إصدار عملات رقمية مشفرة، سعياً وراء عدد من الأهداف المعلنة، لعل أبرزها التحرر من سيطرة البنوك المركزية على حركة رؤوس الأموال والحوالات وسيطرة الدولار وغيرها من الخدمات المالية، وتحقيق المكاسب في سباق تقوده شركات التقنية العملاقة للتحكم بالنظام المالي العالمي، أو بدافع الطموح العلمي والابتكار، رغم العثرات التي تتعرض لها مشاريع الإصدار التي ربما كان أبرزها مشروع عملة «بيتكوين». إلا أن هذا المنحى اكتسب بعدا جديدا خلال الأشهر القليلة الماضية في ظل إعلان مؤسسات مالية وتقنية من الوزن الثقيل عن خطط لإصدار عملات مشفرة تخفي وراءها طموحات وربما محاولات خبيثة للسيطرة على سوق المدفوعات العالمي بآفاقه الشاسعة وتفرعاته وتعدد أدواته ولاعبيه.وآخر من كشف عن خطة طموحة لإصدار عملة رقمية ونظام مالي جديد لتحويل الطريقة التي يتحرك بها المال في جميع أنحاء العالم، وليس فقط في تطبيقاتها الخاصة هي شركة «فيسبوك». وتقود الشركة ائتلافا يضم علامات تجارية عالمية رائدة لإصدار عملة رقمية مفتوحة المصدر تسمى «ليبرا»، من المقرر إطلاقها في النصف الأول من العام المقبل.والهدف المعلن للمطورين هو تأمين خدمات مالية للمستهلكين، لتسهيل انتقال وتحويل الأموال في جميع أنحاء العالم بدون رسوم، تماما كما يتم إرسال صورة أو رسالة.لن يتم تشغيل عملة «ليبرا» عن طريق فيسبوك، بل عن طريق مؤسسة غير ربحية تدعمها مجموعة من الشركات والمؤسسات. ولكن لدى فيسبوك خطة للاستفادة منها مع شركة فرعية جديدة أنشأتها هي«كاليبرا»، وأنشأت لها محفظة رقمية بنفس الاسم لتخزين وتبادل العملة.وأكدت الشركة على إن المعلومات المالية التي تجمعها من محافظ المشتركين الرقمية لن تُستخدم لاستهداف الإعلانات على منصات فيسبوك لأن القسمين سيبقيان منفصلين تماماً.وقال ديفيد ماركوس، رئيس فريق عمل «كاليبرا» في فيسبوك، «لقد رأينا الإنترنت يغير قواعد اللعبة في كل شيء يمكن ترقيمه، باستثناء المال».وأضاف ماركوس الذي كان رئيسا لشركة «باي بال» قبل أن يترأس قسم «ماسنجر» في الشركة: «لندع الأرقام تتحدث عن نفسها. هناك 1.7 مليار شخص في جميع أنحاء العالم ليس لديهم حسابات مصرفية، ونفس العدد تقريبا لا تتوافر لهم خدمات مصرفية جيدة. والآن، يمكن لأي شخص لديه هاتف ذكي رخيص الوصول إلى جميع المعلومات التي يريدها في العالم مجاناً من خلال خطة بيانات أساسية. فلماذا لا يعمل المال بنفس الطريقة؟»يأتي هذا الإعلان بعد أن واجهت فيسبوك عددا كبيرا من المشكلات المرتبطة بقضايا الخصوصية، ما أثار أسئلة حقيقية حول ما إذا كان مستخدمو منصات شبكة التواصل الاجتماعي التي تديرها سوف يثقون بخدماتها ومعلوماتها المالية. لكن ماركوس طمأن الجميع بأن فيسبوك لن تتحكم بالعملة الجديدة.وربما يرى البعض أن المشروع جدلي لكن ماركوس يقول إنها أفضل طريقة لعرض آفاق التطور الفكري، حيث ندرك ما يمكننا التحكم به وما لا يمكننا، ومن غير الضروري أن نستطيع التحكم به.والشبكة التي تتيح لمليارات الأفراد تحريك أموالهم عبر الإنترنت من التطورات التي لا يمكن لأحد التحكم بها ولا ينبغي لأحد التحكم بها. من هم المشاركون في ائتلاف «ليبرا»؟ انضمت إلى فيسبوك 28 شركة ومؤسسة أخرى من الأعضاء المؤسسين. وهناك جهود تبذل لإيصال عدد المؤسسين إلى 100شركة ومؤسسة على الأقل قبل إطلاقها العام المقبل. سيقوم كل عضو في الائتلاف بإدارة واحدة من «الحلقات»، أو المواقع التي يتم فيها التحقق من المعاملات التي ترتبط بالعملة الجديدة «ليبرا».وتشمل قائمة الشركاء شركات في مجال المدفوعات منها «فيزا» و«سترايب» و«باي بال»، والتي ستكون قادرة على مساعدة المتداولين والشركات التجارية على قبول «ليبرا». كما ضمت بعض شركات الخدمات القائمة على التكنولوجيا الحديثة مثل «إي باي» و«ليفت» و«اوبر» و«سبوتفاي» ومنصة الدفع الأمريكية اللاتينية «ميركادو باجو»، وهناك شركتان أوروبيتان هما «فودافون» و«إلياد»، ما يعزز فرص الإقبال على العملة الجديدة. أما شركات المشاريع الناشئة الجريئة التي انضمت إلى الائتلاف فتتمتع بخبرات مكثفة في مجال الدفعات الرقمية،فمن أبرزها شركة «أندرسن هوروتز» و«يونيون سكوير» و«نان بروفيت»و«ريبيت كابيتال» و«ثرايف كابيتال». وتركز المؤسسات غير الربحية والمؤسسات الأكاديمية في الائتلاف على مساعدة الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية مثل «كريتيف ديستراكشن» و«كيفا» و«ميرسي كوربس» و«ويمنز ويرلد بانكنج». أما شركات تقنيات بلوك تشين فمنها شركة «أنكوريج» و«بيسون تريلز» و«كوين بيز» و«شابو هولدنجز».ويدل تنوع تشكيلة الائتلاف على أن «ليبرا» تحظى بقبول واسع الانتشار لدى الكثير من الشركات الموثوقة التي ترغب في الانضمام إلى الركب خشية أن يفوتها قطار الابتكارات،وهو ما يرجح نجاح المشروع وهيمنته على النظام المالي العالمي للقرن الحالي.وقد استثمرت هذه القائمة من الأعضاء المؤسسين حتى الآن، ما لا يقل عن 10 ملايين دولار لتمويل تكاليف انطلاقة مؤسسة «ليبرا» غير الربحية، وكذلك لإطلاق برنامج تحفيزي لبدء سلسلة «ليبرا» بلوك تشين الأساسية ورصيد اعتماد العملة. هل هذا المشروع برمته قابل للتنفيذ؟ يقول القائمون على المشروع إن «ليبرا» هي العملة المشفرة الأولى عالميا التي تضع العملات الرقمية على مسارها المستقبلي. وقالت شركة«أنكوريج» أحد الأعضاء المؤسسين المسؤولة عن الوصاية المؤسساتية على الأصول المشفرة، إن«ليبرا» هي أول عملة تشفير جديدة لديها فرصة حقيقية لتسخير العملة الرقمية لصالح عامة الناس.وقال ديوجو مونيكا، المؤسس المشارك ورئيس شركة «أنكوريج»: إن المشروع يحل بعض القضايا الأساسية التي لم تتمكن العملات المشفرة الأخرى من الوصول إلى حل لها.وأضاف:«يعتمد ذلك على سلسلة مفاتيح قابلة للتوسعة وفعالة للغاية، ويمكنها إجراء عدة آلاف من المعاملات في الثانية. وهذه عملة مدعومة بالودائع المصرفية والأوراق المالية الحكومية مثل الدولار الأمريكي، لذلك سيكون معدل التذبذب منخفضًا». ويبدو أن تشكيلة الائتلاف وشبكة علاقاتها الموسعة تمنحه الأدوات الفعالة في مواجهة التحديات المتوقعة.وعلى صعيد الأمان سوف تعتمد «كاليبرا» نفس عمليات التحقق ومكافحة الغش التي تستخدمها البنوك وبطاقات الائتمان. ولكي يستفيد منها المشتركون، يجب أن يكون لديهم هوية صالحة صادرة عن جهة حكومية رسمية وأن يستخدموا نظام توثيق الحماية الثنائي، وتقنيات مثل التعرف إلى بصمة الوجه،ومع ذلك تعد كاليبرا من يتعرض لعملية نصب أو احتيال برد ما خسره وتعويضه.أما فيما يتعلق بالحصول على موافقات هيئات التنظيم العالمية فيقول المؤسسون إنهم يجرون مفاوضات مع عدد منها بخصوص الحصول على تراخيص تحويل الأموال، والتي يتوقعون الحصول عليها قبل إطلاق العملة الجديدة العام المقبل.ولعل مصدر تفاؤل المشاركين الأبرز هو أن المشروع سيدار بشكل لا مركزي، ويستقطب عمالقة الشركات في مختلف قطاعات التقنية والاقتصاد الرقمي. محفظة «كاليبرا» الرقمية على فيسبوك تجهز فيسبوك لإطلاق محفظة «كاليبرا» التي هي عبارة عن محفظة رقمية يمكن الوصول إليها كتطبيق مستقل ودمجها في تطبيق«ماسنجر» وتطبيق«واتس أب». وتقول الشركة إنها مصممة لتمكين أي شخص من تخزين الأموال بشكل آمن مجانا على هاتفه والسماح للناس بإرسال واستقبال «ليبرا» بشكل آمن في جميع أنحاء العالم، دون أي رسوم للمستهلكين، على الرغم من أن فيسبوك تفكر في فرض رسوم «رمزية» على التجار.ويتوقع ماركوس أن تطرح فيسبوك خدمات مالية أخرى، مثل القروض التي يمكن أن يستفيد منها جميع المشتركين في حال أحرزت الشبكة النجاح المتوخى منها.أما في المدى البعيد فإن الهدف غير المعلن الذي تسعى إليه فيسبوك يتمثل في تحفيز الناس على قضاء وقت أطول على منصاتها. وسوف يمكّن هذا الإطلاق 2.7 مليار مشترك يستخدمون تطبيقات الشركة المختلفة كل شهر، من إجراء عمليات شراء بسهولة من 90 مليون شركة مسجلة على نظامها الأساسي. وكلما كان من السهل على هذه الشركات زيادة مبيعاتها على فيسبوك، زاد احتمال إقبالها على شراء المساحات الإعلانية.وعلى الرغم من أن محفظة «كاليبرا» مملوكة بالكامل لفيسبوك، إلا أنها تعمل كشركة تابعة لها وتبقى منفصلة عن أعمال الإعلان على فيسبوك، لذلك يمكن تنظيمها بشكل أفضل.والوظيفة الأساسية لمحفظة «كاليبرا» هي التحويلات المالية. وتفيد البيانات المالية العالمية التي استندت إليها فيسبوك بأن المهاجرين يسددون 25 مليار دولار سنويا رسوم تحويل لشركات مثل «ويسترن يونيون» وغيرها، ناهيك عن المراسلات التي تتم بين المرسل والمستقبل والمخاطر التي تنطوي على ذلك.وقال كيفين ويل المشرف على مشروع «كاليبرا» والذي كان مسؤولا عن إطلاق خدمة «إنستجرام» لمواجهة «سناب تشات»: «إن من أهم ميزات كاليبرا سهولة التعامل مع معدلات أسعار الصرف وتحويل العملات من العملة المحلية إلى العملات العالمية. وكلما كان التنقل ذهابا وإيابا بين العملة المحلية و»ليبرا» سهلا، زادت ثقة الناس بها». ما هي ليبرا ؟ ليبرا، هي عملة رقمية مشفرة من المقرر إطلاقها في النصف الأول من عام 2020. وسوف تديرها مؤسسة غير ربحية، مقرها في جنيف بسويسرا. هدفها هو أن تكون مستقرة وآمنة ومتاحة على نطاق واسع.وخلافا لتجارب سابقة مثل تجربة بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، والتي يمكن أن تكون متقلبة وتخضع لمضاربات مكثفة وعمليات احتيال، سيتم دعم «ليبرا» بعملات احتياطية مستقرة نسبيا ومدعومة من الحكومة.فإذا اشتريت «ليبرا» بخمسين دولارا مثلا، فإن مبلغ 50 دولارا يدخل إلى كتلة احتياطيات «ليبرا» التي صممت بحيث تكون مستقرة وتعطيك قيمة على وديعتك بالليبرا، ما يجعلها أشبه بالعملة التقليدية، وهو ما لا يتوافر في أي من العملات الرقمية حتى الآن. وهذه هي الطريقة التي تم بها إنشاء النقود الورقية.وبما أن«ليبرا» هي تقنية بلوك تشين مفتوحة المصدر، فهذا يعني أنه يمكن لأي شخص إنشاء خدمة أو تطبيق يستخدم العملة من خلاله. وستكون المحافظ التي تم تطويرها للاستفادة من الخدمة قابلة للتشغيل المتبادل، لذلك سوف يكون بوسع المشتركين إرسال الأموال من محفظة «كاليبرا» على فيسبوك إلى أي نظام آخر يقبل التعامل بالعملة المشفرة الجديدة.أما تفاعل المستهلكين فلن يكون مع ائتلاف «ليبرا»، ولكنهم سيتفاعلون فقط مع تقنيات بلوك تشين «ليبرا» من خلال محفظة رقمية أو مشغل. بالنسبة للأشخاص الذين لا يملكون القدرة على شراء «ليبرا»رقميا باستخدام بطاقة ائتمان أو حساب مرتبط رقميا، فسوف تعمل الشركات ذات الصلة بالخدمات المالية في الأسواق الناشئة على إنشاء مواقع يمكن للأفراد من خلالها استبدال «ليبرا» مقابل النقد أو العملة المحلية.

مشاركة :