المتوارث من الأخلاق الحميدة والباقيات الصالحات

  • 7/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من يتابع تطور الأحداث بالمنطقة وحجم التدخلات في شؤون الدول يرى وبشكل جلي حجم المؤامرة التي تتعرض لها الدول العربية مثل العراق وسوريا ومصر وليبيا والسودان واليمن وكذلك البحرين، قد لا تكون بحجم الحملات الصليبية أو غزو التتر أو مشروع سايكس بيكو، ولكنه الأبشع على الإطلاق لأنه قائم على محاولات تفتيت المجتمعات من الداخل وتغير هوية أبنائها. لذا كم هو مهم تذكير جيل اليوم عن بعض القيم الانسانية المتوارثة، ولربما هي في الجينات مثل (الطيبة)، وهي السمة التي تسبق المواطن البحريني في حله وترحاله، فما من دولة إلا وتحمل لهذا الشعب كل الحب والتقدير مقابل ما يحمله من طيبة وأخلاق، فالطيبة التي يتمتع بها أبناء البحرين ليست جهد جيل واحد، ولكنها ضاربة في جذور التاريخ حيث حضارة دلمون وتايلوس وأوال والحضارة الاسلامية وهذه الصفة الجميلة متوارثة، ثم جاء الفتح الخليفي في العام 1783م ليفتح الباب أمام شعوب العالم لترى تلك السمة الحضارية، ويتمازج معها قولاً وفعلاً حتى أصبحت طيبة أهل البحرين ميزاناً تقاس عليه شعوب العالم حين يقال: (هل أنت مثل الشعب البحريني في طيبته؟). الحديث عن طيبة أهل البحرين لا تقتصر على فئة معينه من الناس، ولكنها في المجتمع بأسره من أعلى الهرم من جلالة الملك المفدى وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد الذين يضربون أروع صور الطيبة حتى مع الذين يضمرون الشر للبحرين وأهلها، فإنهم يصفحون ويتجاوزون ويعفون ويسامحون وهي في خلاصتها طيبة أهل البحرين. طيبة أهل البحرين لا تقتصر على تعاملهم فيما بينهم ولكنها تمتد ليتعامل الفرد البحريني مع الآخرين بنفس الاريحية حتى أصبحت (الطيبة) عنواناً لهذا الشعب، فهم يتفهمون مشاعر الآخرين، وطريقة تفكيرهم، والظروف المحيطة بهم، فيقدمون المساعدة للغير دون مقابل، ويسعون لإسعادهم بكل الوسائل، فيسارعون بالسلام، والابتسامة، والاستماع الجيد ومن ثم المساعدة قدر الإمكان. السمات البارزة في المجتمع البحريني تتمثل في الكثير من القيم الانسانية مثل المحبة والتآلف والترابط والتماسك، والتسامح والتعايش والسلام، والاحترام والتقدير، والإيثار والتضحية من أجل الغير، وإكرام الضيف واحترام الجار، باختصار أن التعامل والطيبة تقدم للغير دون مقابل، وهي مشاعر استمدها أهل البحرين من الدين الإسلامي الحنيف، قال تعالى (والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) «النور: 3»، واستمدوها كذلك من عاداتهم وقيمهم الأصيلة الراسخة. أهل البحرين والطيبة الزائدة علاقة أزلية مهما تعرضوا لازمات، فما من شخص إلا وترى الطيبة في وجهه، وكم هو جميل أن تقف عند ثلاث شهادات عن طيبة أهل البحرين وكرمهم، مثل شهادة الفنان حسين عبدالرضا والفنانة بثينة الرئيسي والفنان الكويتي عبدالكريم عبدالقادر في فيديوهات تتداول اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وجميعهم يتحدثون عن تلك الطيبة المتوارثة وأسبابها وجذورها. الطيبة التي عليها أهل البحرين ليست ضعفاً ولكنها عنوان الاخلاق الرفيعة، فحين يتمشى الفرد في الاسواق القديمة والفرجان أو يجلس بالمجالس والدكاكين فإنه يعيد ذكريات زمن الطيبين وكيف أنهم قاموا ببناء وطنهم بالحب والطيبة، فالبحرين بمدنها وقراها واسواقها تشهد قصص وحكايات عن الطيبة والطيبين، في السياقة واحترام القوانين والذوق الرفيع ترى الطيبة، في المدارس والمعاهد والأعمال ترى الطيبة، والطيبة والبساطة حين تساعد سائق خليجي لتوصله الى مقصده، ربما إلى مجمع التنين أو جزر امواج او سيف عراد أو سوق المنامة او سوق المحرق القديم أو غيرها، وتقوله له: (أتبعني)، لتوصله إلى مقصده ولربما دعوته للضيافة كما هو من عادات العرب. طيبة أهل البحرين يشعر بها المواطن والمقيم والزائر، ويكفي الفرد وهو يقود سيارته أن يسمع أصوات الإذاعيين مثل فايز السادة ونسرين معروف صباحاً أو عماد عبدالله وسيما العريفي مساءً ليشعر بتدفق مشاعر الطيبة من كلماتهم المعبرة عبر الأثير. الطيبة التي يتحلى بها أبناء البحرين هي ثمرة مئات السنين ولربما آلاف، وهي جزء أصيل من الخصوصية البحرينية، لذا لابد من المحافظة عليها، والتنبيه والتحذير من بعض الأمور التي تؤثر في طيبة المجتمع البحريني ومنها:  التدخلات الخارجية لتغير هوية أبناء الوطن، فيتم التطاول على الحكام وتسقيط العلماء، والاستهزاء بالهوية الاسلامية والعربية، والسخرية من التاريخ والانجازات وغيرها، وهذا ما يشاهده الكثير منذ أحداث الربيع العربي الذي حول الكثير من المجتمعات الى كانتونات متصارعة بعد أن فقدت الحب والطيبة. الأمر الثاني التحزب والتخندق والتشرذم، وهي اسفين في سفينة الوحدة الوطنية، فالكثير من المجتمعات خسرت نسيجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية حين تخندقت وتحزبت، وأصبح الولاء للحزب والطائفة مقدم على الولاء الوطني. ثالثاً وهي أخطرها وسائل التواصل الاجتماعي، وهي وسائل إلكترونية في عالم افتراضي ساهمت وبشكل كبير في تفتيت المجتمعات من الداخل من خلال الرسائل النصية والفيديوهات والصور حتى شاع التنافر وعدم الثقة بين الناس. رابعاً القنوات الفضائية التي أطلقتها بعض الدول للترويج لمشروعاتها التدميرية، وقد انكشف أمر تلك القنوات مثل قناة الجزيرة والعالم والمنار والميادين وغيرها، من هنا كان لزاماً التذكير بأهمية (الطيبة) التي يتحلى بها أهل البحرين، وما دون ذلك فهي سموم وادواء قادمة من راعية الارهاب بالمنطقة (إيران) والتي حملت منذ بداية ثورتها المشئومة شعار (تصدير الثورة الايرانية) وتدمير الدول العربية!!.

مشاركة :