في الصيف... تتحسن علاقة الكُتاب المغاربة بالكِتاب

  • 7/29/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نشرنا أمس الحلقة الأولى من ملف «قراءات الصيف»، التي تحدث فيها كتاب ومبدعون سعوديون ومصريون، عن قراءاتهم لكتب ربما بقيت تنتظر طويلاً على رفوف المكتبات، في انتظار الفسحة الزمنية المناسبة، التي يوفرها موسم الصيف بعيداً عن أعباء العمل، والمتطلبات الحياتية اليومية، وأسباب اختياراتهم لهذه الكتب أو تلك. وتبين من الحلقة الأولى أن المثقفين الخليجيين يميلون لقراءة «الكتب الثقيلة»، بينما رأى معظم الكتاب المصريين أن القراءة ليست لها موسم معين، وأنها رهن بتوفر الكتاب الجيد والوقت المناسب. هنا الحلقة الثانية المخصصة للكتاب المغاربة واللبنانيين. جمال بدومة: كتب في الخزانة يقول الكاتب جمال بدومة، متحدثا عن علاقته بصيف هذه السنة، على مستوى القراءة: «في الصيف، عندما أذهب في عطلة، أحمل معي بعض الكتب التي لم يسعفني الوقت لقراءتها خلال السنة، بالإضافة إلى مؤلفات سبق لي قراءتها لكنني أحتاج إلى إعادة تأملها من جديد، خصوصا من الكلاسيكيات. أحيانا لا أعيد قراءتها كاملة، أعود فقط إلى فصول أو صفحات بعينها. أزاوج عادة بين كتب التاريخ والفكر والمؤلفات الإبداعية، بالعربية والفرنسية». ويستعرض بدومة مجموعة من الكتب التي قال إنه لم يقرأها بعد، رغم أنها في خزانته منذ مدة: «المؤلف الجديد للمؤرخ الإسرائيلي والباحث في المستقبليات يوفال نوح هراري، «واحد وعشرون درسا للقرن الحادي والعشرين». هناك كمية مدهشة من الذكاء في الكتابين السابقين لهذا المؤرخ، الذي يستكشف ماضي ومستقبل الجنس البشري («الإنسان - الإله: موجز تاريخ الغد»، و«العاقل: موجز تاريخ الجنس البشري») وأتمنى أن يكون مؤلفه الثالث تأكيدا لذلك. بين يدي أيضا كتاب المؤرخ والأديب التطواني محمد داود وهو عبارة عن مذكرات تحت عنوان «على رأس الأربعين»، على شكل سيرة فكرية تعيدنا إلى أجواء مغرب الأربعينات، كما أنوي قراءة الكتاب التوثيقي الذي ترجمه المؤرخ الراحل زكي مبارك مع محمد لخواجة تحت عنوان «الحكومة المغربية واحتلال الجزائر»، وهو من تأليف المؤرخ الجزائري إسماعيل حمت. معي أيضا كتاب للصحافي والكاتب الفرنسي من أصل مصري روبير صولي، وهو تجميع للأعمدة القصيرة والثاقبة، التي كان يوقعها في جريدة «لوموند»، صادر عن دار «لوب». في الإبداع أحمل معي رواية الكاتب عبد القادر الشاوي «بستان السيدة» ورواية حسن أوريد الأخيرة «رباط المتنبي» ورواية أحمد الكبيري «كلاي» وديوان الشاعر مراد القادري «طرامواي» وتأملات الشاعر سعد سرحان «مرايا عمياء». من الكلاسيكيات أحمل معي كتاب «شار - في ورشة الشاعر» الصادر عن دار «غاليمار» وهو يضم أشعار ووثائق الشاعر الفرنسي روني شار، جمعتها رفيقة دربه في السنوات الأخيرة من حياته ماري - كلود شار. كما سأعيد قراءة مسرحية «فوست» للكاتب الألماني يوهان وولفغانغ غوته في ترجمتها الفرنسية، وهو عمل مدهش، يستحق أن نقرأه عشرات المرات، ليس فقط لأن كتابته استغرقت حياة كاملة، بل لأنه يعري المناطق الأكثر غموضا في النفس البشرية. - طارق بكاري: الصيف للرواية من جهته، يرى الروائي طارق بكاري أن الصيف هو «الفترة الوحيدة» التي يملكُ فيها «ترف التفرغ تماما للقراءة والتهام الكتب»، مشيرا إلى أنه يزاوج في الفصول الأخرى في قراءاته بين ما هو فكري وما هو أدبي، أمّا في الصيف فإنه يخلص للرواية دونَ سواها. يوضح بكاري وجهة نظره بخصوص سؤال سبب تكريسه الصيف لقراءة الرواية من دون سواها، فيقول: «لأنها لا تتأثر بأجواء السفر بل وتكون بمعنى من المعاني سفرا في سفر». ومن الأعمال العربية التي قال إنه حصل عليها ويخطط لقراءتها في هذا الصيف، تحدث بكاري عن مجموعة أعمال روائية لكتاب مغاربة ومن العالم العربي، فضلا عن أعمال عالمية: رواية «خسوف بدر الدين» للروائي باسم خندقجي الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والمحكوم عليه بثلاثة مؤبدات، ورواية «ليست رصاصة طائشة تلك التي قتلت بيلا» للروائية السورية لينا هويان الحسن، ورواية «فونوغراف» للروائي اللبناني سليم بطي، و«الغرق» للروائي السوداني حمور زيادة. أمّا من الأعمال المغربية فقد اختار رواية «ليل الشمس» لعبد الكريم الجويطي، و«هذا الأندلسي» لحميش، و«ثلاث ليال» للأشعري. ومن الأعمال العالمية، سيعيد - كما يضيف - قراءة مجموعة من الروايات القصيرة: «في مستوطنة العقاب» لكافكا، و«ترنيمة عيد الميلاد» لديكنز، وبعض أعمال ستيفان زفايغ. وعن الذي يتميز به الصيف عن باقي الفصول، بالنسبة إليه قارئا وكاتبا، يقول: «في الحقيقة علاقتي بالكتاب والكتابة تتحسن كثيرا في فصل الصيف، ببساطة لأن هذا الفصل يمنحني ما يتمناه أي كاتب، أن يتفرّغ للقراءة والكتابة، الصيف عطلة. والحقيقة أن الكتابة لا تقبلُ أن تشركَ بها شيئا. إنهُ فصل السفر، السفر إلى المدن والقرى الجميلة، والسفر بين دفات الكتب صوب العوالم التي يبتنيها كتابٌ آخرون». - مراد القادري: مخزون الملحون مراد القادري، الشاعر والباحث ورئيس «بيت الشعر في المغرب»، اختار في حديثه عن علاقته بصيف هذه السنة، على مستوى القراءة، أن يستعيد علاقته بـالملحون، مشيرا إلى أنه قد شكل بالنسبة إليه «مرجِعا ثقافيا ومتْناً شعريّا لا يمكنُ الاستغناء عنه في الحلّ والترحال». ويقول عن سر هذا التعلق بـ«الملحون»، نصّاً وفنّاً: «على الرغم من كون هذا النصّ الباذخ لا يتجلى داخل قصيدتي الشعرية، التي نأتْ بنفسها عن تأثيره الآسر، فإنّ العودة إليه وتجْديد الصّلة به من أجل استجلاء عوالمه الفنية والجمالية والوقوف على استعاراته اللغوية وشطحاته البيانية، يظل أمرا مطلوبا بالنسبة لأي شاعر. فالملحون ديوان المغاربة وسجّل تاريخهم. لذلك، فكّرت أنْ يكون ديوانُ الملحون، الصادر عن أكاديمية المملكة المغربية، رفيقي خلال العطلة الصيفية، معه أستعيدُ بعضا من طفولتي التي تفتّقت على أشعاره مغنّاة، تتردّد على أثير الراديو في توقيت مسائي مضبوط، لا تبديل لمواقيته. ومعه سأستعيد لحظاتٍ أخرى، جالست فيها بعضا من شيوخه بمقهى الوالد بمدينة سلا، حيث كان كلامهم الجاري فيما بينهم، يستثمرُ مخزون الملحون من حكم وأقوال وأشطر شعرية، وذلك لتأكيد موقف إنساني أو التعبير عن وجهة نظر حياتية».

مشاركة :