العاهل المغربي يؤسس لمنهج سياسي جديد بعد 20 عاما من اعتلاء العرش

  • 7/29/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يجسد الملك محمد السادس الذي يحتفل بمرور عشرين عاما على اعتلائه عرش المغرب، تقاليد الاستمرارية التاريخية للملكية المغربية، لكنه في الوقت نفسه يحرص على صورته كحاكم عصري منفتح على التغيير. وتنعكس هذه الازدواجية في أسلوب التواصل غير المسبوق الذي اختاره العاهل الثالث والعشرون في سلالة الدولة العلوية الحاكمة بالمغرب منذ القرن السابع عشر. فإلى جانب الصور الرسمية التي يظهر فيها ببزات عصرية أو جلابيب مغربية تقليدية، يطل أحيانا في مظهر أكثر عفوية من خلال صور تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي برفقة فنانين أو أشخاص عاديين يصادفونه أُثناء تنقلاته خارج المملكة. ورث محمد السادس عرش المغرب قبل عشرين سنة إثر وفاة والده الملك الحسن الثاني في 23 يوليو 1999. وطبع عهده بقدر كبير من الاستقرار في منطقة تهزها التحولات السياسية. ويتم التركيز على هذا المعطى غالبا في إقناع المستثمرين الأجانب والسياح للمجيء الى المغرب، وتمتين العلاقات مع البلدان الحليفة. وشهد عهده أيضا تبني سياسة أمنية مشددة تحت شعار مكافحة الإرهاب، منذ هجمات الدار البيضاء ومراكش وعلى إثر هذه الهجمات، تبنى المغرب قانونا مثيرا للجدل لمكافحة الإرهاب يعزز إلى حد كبير صلاحيات الشرطة في هذا المجال. ويحتفظ الملك محمد السادس بسلطة القرار في ميادين السياسة الخارجية والدفاع والشؤون الأمنية والقطاعات الاقتصادية الأساسية. ويحرص العاهل المغربي باستمرار على إطلاق ورش المشاريع الكبرى، مثل ميناء طنجة المتوسط (شمال)، ومحطة "نور" الضخمة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في وارزازات (جنوب)، أو خط القطار الفائق السرعة "تي جي في" بين طنجة والدار البيضاء (غرب).وهو الذي يرسم التوجهات الإستراتيجية الكبرى للدولة ويشرف على تنفيذها، مثل التوجه نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء والعودة الى منظمة الاتحاد الإفريقي في 2017. وقد عاد المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي في 2017 بعد 30 سنة من الغياب بسبب قضية الصحراء المغربية، مدشنا بذلك توجها جديدا نحو القارة السمراء. وتحظى قضية الصحراء المغربية بالأولوية في الدبلوماسية المغربية. واقترحت الرباط في 2007 منح المنطقة حكما ذاتيا تحت سيادتها. ويسيطر المغرب منذ 1975 على 80 بالمئة من مساحة هذه المستعمرة الاسبانية السابقة. وتواصل الدبلوماسية المغربية تحت إشراف العاهل المغربي بذل الجهود من أجل إقناع المجتمع الدولي بمقترح "الحكم الذاتي" تحت السيادة المغربية للصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية سابقا التي يتنازع المغرب مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر السيادة عليها. وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، وهو المقترح الذي يلقى دعما غربيا كبيرا لاسيما من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. على المستوى الاجتماعي، أطلق الملك دعوة للتفكير في صياغة نموذج تنموي جديد على خلفية حركات احتجاجية شهدتها المملكة سنتي 2017 و2018 في الريف (شمال) وجرادة (شرق). وسجل العاهل المغربي في خطاب ألقاه في أكتوبر 2017 أن النموذج التنموي الحالي أصبح "غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات... وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية".ويظل تبني قانون جديد للأسرة سنة 2004 من أبرز الإصلاحات التي شهدها المغرب على الصعيد المجتمعي، بعد صراع محتدم بين الإسلاميين ودعاة التحديث، يعزز دور المرأة داخل الأسرة مع منحها حقوقا جديدة وتقييد تعدد الزوجات وتسهيل الطلاق. لكن القانون لم يستجب لكافة مطالب الحركة الحقوقية. وأطلق العاهل المغربي أيضا ورشا لإصلاح الحقل الديني محوره خطاب "وسطي معتدل"، مؤكدا ضمان حرية المعتقد للمغاربة اليهود والمسيحيين الأجانب. ويتخذ الملك بصفته "أمير المؤمنين" سلطة القرار في الشأن الديني، ويرأس المجلس العلمي الأعلى الموكول إليه الإفتاء. وتذكر سيرته الرسمية بتوليه "منذ ريعان شبابه مسؤوليات جسيمة" كلفه بها والده، مشيرة إلى أنه "يزاول أنشطة رياضية عدة". وبات لاحقا يظهر بشكل منتظم في أنشطة رسمية، بينما أضحت صور "السيلفي" التي يلتقطها مع مشاهير نادرة على مواقع التواصل الاجتماعي. وأحدث العاهل المغربي قطيعة مع التقاليد المتوارثة بظهوره على مدى سنوات مع زوجته السابقة لالة سلمى، ولهما ابن هو الأمير مولاي حسن المولود في 2003 وابنة هي الأميرة لالة خديجة المولودة في 2007. ويظهر ولي العهد الأمير مولاي الحسن بشكل متزايد في الأنشطة والزيارات الرسمية إلى الخارج، منذ سن الثالثة عشر.

مشاركة :