أصدر نادي جدة الأدبي كتاب بعنوان (صوت المهمشين تحليل خطاب قصص الصعاليك ) للمؤلفة أ. د. صلوح مصلح السريحي، ويقع الكتاب في 150 صفحة حيث تناولت الدكتورة صلوح في مقدمة الكتاب بقولها: “فرضت الحياة القبلية على أفرادها نظاماً سلطوياً يذوب فيه الفرد داخل الجماعة، يحمل اسمها، وينتمي إليها، ويحتمي بها، ويحميها؛ شريطة أن يكون ارتباطه بها من خلال صلة الدم التي يترتب عليها نقاء العرق واللون؛ فإذا ما اختلط الدم العربي بغيره وصم بالهجنة، وحرم من شرف الانتساب للقبيلة وحمل اسمها، ووضع في قائمة المهمشين فيها ليقوم على خدمتها، ارتضت مجموعة منهم هذه الحياة الذليلة ورفضته مجموعة أخرى وكان في رفضها تمرداً على القبيلة وأعرافها، وخروجاً عليها، انضمَّ لهذه الفئة مجموعة من الخلعاء ليتكون من هؤلاء جميعاً ما عرف باسم الصعاليك ،تبنَّى هؤلاء خطاباً ثورياً متمرداً ليقابل خطاب القبيلة السلطوي، ويكشف هذا الخطاب المتمرد عن أيدولوجياتهم (أفكارهم، معتقداتهم، دوافعهم…) التي انفردوا بها عن القبيلة وطرحوا من خلال هذه الأيدولوجية أسلوب حياتهم المبنية على الثورة والتمرد، وما يترتب عليها من خوف وقلق وتوتر وترقب، دفعتهم هذه الحياة إلى الاعتماد على السرعة والتنقل وعدم الاستقرار؛ مما جعل ارتباطهم بالمكان ارتباطاً سريعاً عابراً، كما تركت هذه الحياة القلقة المتوترة تأثيراً على الزمن أيضاً”. وقالت: استمرت ظاهرة الصعاليك منذ العصر الجاهلي إلى العصور التالية له، وأطلق عليهم مسميات عدة نحو الشطار والعيارين ، وتبنَّى الصعاليك في العصر الجاهلي فكراً أيدولوجياً واحدا نتيجة للظروف المحيطة بهم، واستمر هذا المفهوم للصعلكة حتى آخر عصر بني أمية على الرغم من تغير الظروف المحيطة بهم، – وهؤلاء هم من ستقف عليهم الدراسة – ثم اتخذت هذه الظاهرة (الصعاليك) في العصور التالية للعصر الأموي مفهوماً، ومسميات مختلفة فقد أطلق عليهم مسمى العيارين والشطار، وتجاوز بعض المؤرخين وأطلق عليهم مسمى الصعاليك ولعل ذلك يعود لاختلاف ظروفهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقالت “صلوح”: دراسة الخطاب في قصص الصعاليك تهدف إلى الوصول إلى غاية ذات بعدين: البعد الأول: يتمثل في اختيار مجموعة من قصص الصعاليك التي وردت في تراثنا العربي القديم متناثرة في بطون أمهات كتب الأدب والتاريخ والسير والمعاجم… وهي لم تحظ بكتاب يجمعها ولم تتم دراستها على الرغم من تعدد الدراسات التي تناولت شعر الصعاليك وشخصياتهم من جوانب عدة فنية وموضوعية وتاريخية. البعد الثاني: توظيف الخطاب وآلياته وصيغة المتعددة السردية والوصيفة والحوارية مع ما يتمثل في الخطاب من الأماكن والأزمنة للكشف عن القيمة الفنية والموضوعية لقصص الصعاليك لتقديم رؤية متكاملة عن سمات هذه الفئة التي تبنت فكراً متمرداً على سلطة القبيلة وأيدولوجياتها وصنعت لذاتها خطاباً مضاداً لخطاب القبيلة السلطوي.
مشاركة :