بريطانيا: معدل «البؤس» يتجاوز 10 %

  • 10/17/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وسط ترقب مصحوب بالقلق، يتابع البريطانيون خاصة كبار المسؤولين في مراكز صنع القرار الاقتصادي الإحصاءات الرسمية عن معدلات البطالة والتضخم، باعتبار أن أي تغيير طفيف في هذين المعدلين يعني تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة على المجتمع البريطاني. وشكل التقرير الأخير لمكتب الإحصاءات الوطني بشأن معدلات البطالة في بريطانيا مزيجاً من التفاؤل والحذر في وقت واحد، فبينما حمل التقرير بعض الأنباء الطيبة التي تشير لتراجع أعداد العاطلين عن العمل، ليصل العدد الإجمالي إلى 2.49 مليون عاطل، وانخفاض أعداد البريطانيين الذين يطالبون الحكومة بإعانة بطالة بمقدار41.700 شخص ليصل عددهم الإجمالي إلى 1.35 مليون مواطن وهو العدد الأدنى منذ عام 1997. إلا أن التقرير حمل أيضا معلومات غير إيجابية للاقتصاديين البريطانيين وخاصة في بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) فمعدلات البطالة الإجمالية لم يحدث فيها تغير إذ ظلت عن حدود 7.7 في المائة من قوة العمل من جراء دخول أعداد متزايدة من أبناء الشعب البريطاني لسوق العمل، وهو ما يعني أن على البنك المركزي الإبقاء على سعر الفائدة الراهن وهو 0.5 في المائة وهو الأدنى في تاريخ بريطانيا منذ أكثر من ثلاثة قرون. كما أن عدد الأشخاص الذين يعملون بدوام جزئي لعدم توافر دوام كامل لهم بلغ 1.5 مليون شخص وهو أعلى معدل في بريطانيا منذ عام 1992، مما يعطي مؤشرا واضحا على أن الاقتصاد البريطاني لم يستعد عافيته بعد، ولهذا لا يستطيع أصحاب الأعمال توفير فرص عمل دائمة للعمال والموظفين. باترك جبس كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا يعلق لـ "الاقتصادية" على إحصاءات سوق العمل البريطاني بأنه" لا شك أن تلك الأنباء لا تحقق ما نرمي إليه وهو زيادة سعر الفائدة، فقد اشترط محافظ البنك المركزي أن ينخفض معدل البطالة عن 7 في المائة ليقوم برفع سعر الفائدة، لكن تحليل أرقام سوق العمل تظهر تحسن في الاقتصاد الكلي البريطاني، ربما لا يكون تحسنا ضخما ولكنه يظهر أن الاقتصاد يتمتع بالقدرة على التعافي، ومرونة واضحة، وهو ما يظهر في زيادة أعداد العاملين بدوام جزئي، والأهم من هذا كله أن الأمور تسير وفقا لما يرمي إليه بنك إنجلترا". لكن الدكتورة ليزا فلار أستاذة مادة المالية العامة في مدرسة لندن للاقتصاد تعتبر أن تحليل أوضاع سوق العمل البريطاني بمفرده بمعزل عن معدلات التضخم يعوق صانع القرار الاقتصادي عن امتلاك خريطة واضحة لحقيقة الوضع الاقتصادي الراهن. وقالت لـ "الاقتصادية" إن معدل التضخم الراهن 2.7 في المائة بينما معدل ارتفاع الأجور يقارب 1 في المائة، وإذا أخذنا في الحسبان أن معدل البطالة 7.7 في المائة فإن معدل البؤس في المجتمع يتحقق من جراء جمع معدل البطالة ومعدل التضخم، ما يعني أن معدل البؤس الراهن في بريطانيا هو 10.4 في المائة، وهو رقم أعلى كثيرا مما كان عليه الوضع قبل الأزمة الاقتصادية، إذ لم يتجاوز معدل البؤس 7 في المائة. يذكر أن مؤشر البؤس يقيس معدلات البطالة وتضخم الأسعار في دول العالم. وترى فلار باختصار شديد أن الوضع الاقتصادي العام أسوأ، فالأسعار ترتفع بشدة وقطاعات متزايدة من الطبقة المتوسطة البريطانية وضعها الاقتصادي آخذ في التدهور. لكن هذه الرؤية السلبية للوضع الاقتصادي تدفع البعض إلى المراهنة على جذب الاستثمارات الأجنبية كأحد الحلول المطروحة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، ويعتقد بعض الحكوميين البريطانيين أن المضي قدما وبقوة في برنامج الخصخصة سيمنح الاقتصاد دفعة قوية للأمام للخلاص من الضائقة الاقتصادية الراهنة، ويؤكد عدد من الاقتصاديين أن التخلص من أعباء المؤسسات الحكومية والقضاء على البيروقراطية سيمنح الاقتصاد ما يقارب عشرة مليارات جنيه استرليني، وهو ما يمكنه من تحسين قدراته الراهنة. ويعتقد سبنسر ديل كبير الخبراء الاقتصاديين لدى بنك إنجلترا المركزي أن اقتصاد بريطانيا يتعافى، إذ تشير أحدث البيانات إلى أنه ينمو حاليا بمعدل سنوي يراوح بين 3 و4 في المائة، إلا أن ديل أشار إلى أن مستوى الناتج الاقتصادي بشكل عام لا يزال منخفضا بنحو 3 في المائة عن ذروته قبل الأزمة وأن البنك المركزي ليس على وشك رفع أسعار الفائدة. وتابع ديل في كلمة نشرها بنك إنجلترا المركزي "ليس لدى علم بمدى سرعة البنك في رفع الفائدة. سيعتمد ذلك بشكل مهم على مدى تعافي الإنتاجية مع زيادة الطلب، لكن النظرة المستقبلية للجنة السياسات النقدية في البنك المركزي توضح أنه بعد أسوأ ركود في تاريخ ما بعد الحرب وأضعف تعافي على الإطلاق فإنه من المرجح أن يكون الوضع مختلفا في هذه المرة، والمهم هو مستويات النمو وليس معدلات النمو.

مشاركة :