الحزم العاصف الكاشف | لمياء باعشن

  • 4/16/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

في الشدائد تظهر معادن الناس، ورياح عاصفة الحزم أزاحت ركام المظاهر الخادعة لكثير من الوجوه الضاحكة وأخرجت عبوسها للعيان. في الأزمات يتآزر المخلصون ويزأر الخائنون، فالاختبار الحقيقي الذي يفرز المساندة الفعلية الصادقة من المساندة القولية الزائفة هووقت مواجهة الصعاب، وقت التعاون غير المشروط وغير المتردد وغير المهزوز. وعلى الرغم من بعض خيبة أمل، إلا أن المعرفة الكاشفة عن الخبايا تشكل متعة عظمى وتنير القلب والطريق. في الأيام الماضية برزت أمامنا مواقف وطنية عظيمة عبّر فيها أبناء هذا الوطن عن إيمانهم الشديد ببلادهم وحكومتهم: كان كل موقف منهم يهز الوجدان ويطمئن النفوس على قوة اللحمة الوطنية وشدة تماسكها. حين أقبلت وحدات القوات المسلحة جنوب المملكة العربية السعودية إلى مواقع المرابطة خرج إليهم بشكل جماعي رجال القبائل الجنوبية من قراهم المحاذية للشريط الحدودي مرحبين بهم، ثم قدموا لهم الذبائح وغنوا لهم الزامل تشجيعًا وتكريمًا: مرحبا وأهلين بأهل الحرايب دويهم في الحرب دوي الرعود العدوتصلاه نار ولهايب عونكم بالجيش نحمي الحدود مرحبا يا درعنا الحصن الحصين يا حماة الدار من كل طماع عنيد للملك وحدودنا حنا جنودًا جاهزين من حيي منا سعيدا ومن يقتل شهيد في هذا المشهد المؤثر والمهيب يتحول الزامل الترحيبي إلى إعلان تجديد لقسم الولاء لولاة الأمر والوقوف صفًا واحدًا في وجه من يعتدي على الوطن الغالي. دفع حب الوطن الشديد هؤلاء الرجال إلى الخروج لاستقبال الجنود ولمساندتهم والتعبير عن الاعتزاز بهم، فهم الدرع الحصين الذي يقف مدافعًا عن أمن واستقرار وطنهم الغالي. تظهر الوقفات والفزعات في ساعة اللزوم، وقد دفع ذات الحس الوطني سماحة مفتي المملكة العربية السعودية إلى الدعوة إلى التجنيد الإجباري للشباب وذلك لتهيئتهم لمواجهة الأزمات والمحن وليكونوا درعًا للوطن ضد أعدائه. وكان التفاعل الجماهيري مع هذه الدعوة مبهرًا، فقد أشاد بالاقتراح رجال كثيرون ونساء، وما كان من الشباب إلا أن أبدوا استعدادهم للانخراط في التدريب والتأهيل دون إجبار، فهم سيُبادرون من تلقاء أنفسهم للدخول في التجنيد التطوعي فور الطلب. في المشهد الثالث سجل شباب هذا الوطن أروع صور الوفاء والوطنية، ففي نهاية حفل التخرج المقام في جامعة الملك خالد برعاية صاحب السموالملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير، خلع الخريجون بشوتهم ورموها في حركة ترمز إلى تخليهم عن شهاداتهم وإلى رغبتهم في الانضمام إلى القوّات المرابطة على الحدود، والمشاركة في عمليات "عاصفة الحزم". ردد الشباب وقد غادروا مقاعدهم متجهين الى المنصة: "لبيك يا سلمان.. سمعا وطاعة سيدي". تكشف المواقف الصعبة عن اصطفاف المواطن السعودي مع قادته محققًا تلاحم الجبهة الداخلية للوطن، ومعبرًا عن حبه وولائه لأرضه، ومثبتًا للعالم انتماءه التام للوطن الغالي واستعداده للموت من أجل حمايته. وفي كل يوم من أيامها العصيبة تظهر عاصفة الحزم تكاتف أبناء السعودية والتفافهم حول حكومتهم وهم يهتفون: دمت يا وطن عزيزًا شامخًا.

مشاركة :