ينبغي على الموسيقي الذي يرغب في العزف على البيانو العمودي العملاق في لاتفيا، الصعود في البداية إلى شرفة قاعة الحفلات وتسلق السلالم ثم اعتلاء منصة قبل أن يجلس إلى كرسيه الصغير قبالة لوحة المفاتيح. ويبلغ الإطار المعدني الكامل لهذه الآلة ستة أمتار. ويقول مصممه الألماني من أصل لاتفي، دافيد كلافينز، إنه الأكبر في العالم. وهو مثبت بشدّة إلى جدار قاعة الحفلات الجديدة في مدينة فينتسبيلس (شمال غرب البلاد). والبيانو مجهز بحبال يبلغ أطولها 7.4 أمتار ويصدر صوتا عميقا وقويا وفريدا من نوعه. وأوضح كلافينز “أكثر الأعمال التي تناسب هذه الآلة هي المقطوعات التعبيرية جدا مثل أعمال رخمانينوف وسكريابين فضلا عن سوناتا بيتهوفن التي تصدح بطريقة مختلفة من خلال هذا البيانو. في النهاية سيكون الجمهور هو الحكم في ما يحب، لكن بنظري هذه الآلة مناسبة خصوصا للموسيقى الكلاسيكية البحتة”. ولم تؤخذ بعد مقاسات رسمية للبيانو لإدراجه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. وكرّس كلافينز (65 عاما) غالبية حياته لآلات البيانو مدفوعا برغبة في تحسين أداء هذه الآلة التي اخترعها الإيطالي بارتولوميو كريستوفوري في حدود العام 1700. وأفاد “في سن السادسة عشرة غادرت المدرسة لأتدرّب على ترميم آلات البيانو وأنا أحاول أن أغوص في مفاهيم ومبادئ جديدة تنشأ من صناعة البيانو بالذيل التقليدي التي تعود إلى 140 سنة”.وقد صنع كلافينز أول بيانو في العام 1985. والآن يصمم في مشغله “بيانو مانوفاكتورا” في مدينة فاتس المجرية آلات بيانو عمودية مميزة. ووفقا لكلافينز، فهو لا يتميز فقط بحجم البيانو الجديد الذي صممه، فغياب الصندوق الخشبي يسمح للجمهور الجالس في القاعة برؤية حباله الفولاذية الطويلة. ويسمح ذلك لعشاق الموسيقى بـ”الاستماع إلى كل تدرجات الصوت من دون حاجز”، وأقيمت أولى الحفلات الجمعة في افتتاح المركز الموسيقي الجديد “لاتفيا” في فينتسبيلس الذي يضم أكاديمية للموسيقى إلى جانب قاعتين تتسعان لألف شخص. ولفت كلافينز إلى أن “آلات البيانو التقليدية يمكن أخراجها وإدخالها من القاعات أما التصميم العمودي فيجب أن يثبت في بنية المبنى”. وتابع “حجم البيانو وطول الحبال ليس الهدف منهما تحطيم الأرقام القياسية بل توفير أفضل صوت يمكن تصوره للعازفين والمستمعين”. ويفيد ميكس ماغون، المسؤول الفني للقاعة الجديدة، بأن الآلة تثير الحماس. وأضاف “المؤلفون والعازفون من العالم بأسره يرغبون في العزف يوما على بيانو كلافينز ما يفتح لهم الباب أمام سبل جديدة للتعبير الفني”. وسيكون عازف البيانو الكندي، لوبومير ميلينيك، المعروف بالتقنية القائمة على سلسلة سريعة جدا من النوتات من أوائل العازفين الذين سيجربون هذه الآلة. ويأمل رئيس بلدية فينتسبيلس، إيفارس لمبيرغس، بأن يساهم البيانو المحطم لكل الأرقام القياسية في جعل المدينة الساحلية البالغ عدد سكانها 40 ألف نسمة مقصدا سياحيا “يستقطب أيضا عشاق الموسيقى من الأجانب”
مشاركة :