المواطن الإيراني دفع ثمناً باهظاً من قوت يومه لتحقيق أطماع قيادته التوسعية

  • 4/16/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نقرأ عن أيام حكم الشاه محمد رضا بهلوي ونبكيها. نستعرض الصور الحياتية ما قبل 1979 ونذهل. ونطرح التساؤلات، كيف تحولت إيران الثقاقة، والازدهار، والمساواة، والتعليم والإبداع والإنتاج إلى دولة سادية، شوفينية، يعيش المواطن فيها مسحوقاً، مسلوب الفكر، والوعي، والحرية، والحقوق الطبيعية والاساسية. لست من الذين يصدقون كل ما ينقل أو يكتب في الاعلام الغربي لانني أدرك تماماً أن بعض الكتاب والصحافيين الغربيين لا يستوعب دول المنطقة وثقافتها وطريقة عيشها. ولم تحصل لي الفرصة لزيارة إيران للتعرف عليها عن كثب في محاولة لاستيعاب سياستها وثقافتها ونسيجها الاجتماعي. لذا أجد نفسي في معظم الأحيان أنجذب الى الروايات والكتب السياسية الايرانية، والنقاشات التي تدور حول الجغرافيا . عندما كنت أدرس شهادة البكالوريوس في لندن في العلوم السياسية، درست مادة "حكومات وسياسة الشرق الاوسط". كنا كل أسبوع نتناول بلداً معيناً. نتمعن في كل تفاصيله. نعيش ماضيه، وحاضره، ومستقبله. وجاء اسبوع "إيران"، لتدخل على المحاضرة إحدى البروفسورات الايرانيات في الجامعة، تنتمي البروفسورة الى أحد أعرق العائلات الايرانية والمثقفة والمتعلمة، أتت لإلقاء محاضرة عن الثورة الايرانية. لماذا؟ ، ليس لأنها إيرانية. وليس لأنها متخصصة في الشؤون الإيرانية. بل لأنها من الذين شاركوا في التظاهرات التي أدت إلى رحيل الشاه وقدوم الخميني وبالتالي نجاح الثورة عام 1979 لتجد نفسها وعائلتها بعد ثلاث سنوات بين مصر ولندن، ولبنان وسويسرا. خدعنا الخميني بعد انتهائها من أخذنا في رحلة لإيران أيام العصر الذهبي الذي شهد نهضة تعليمية وثقافية وانتعاشا اقتصاديا وتطوير للبنية التحتية والمنشآت الترفيهية والرياضية وإلى قيام الثورة وتجمعاتهم في الجامعات وتنظيمهم للتظاهرات والاحتجاجات وما بعد وصول الخميني توقفت وبصوت مقهور وعيون حزينة قالت: " لكن خدعنا الخميني". كانت البروفسورة تنتمي إلى الحركات اليسارية التي تحالفت مع الخميني لتحقيق وعده بدولة ديمقراطية شرعية يشارك فيها جميع المواطنين وتمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي والاقتصادي والاجتماعي. بالفعل خدعهم الخميني.. وأصبح هذا الخداع أحد أعمدة السياسة الايرانية. بدأت الثورة الايرانية حركة ديمقراطية شعبية، وانتهت مع تأسيس أول دولة إسلامية في العالم. حولت الثورة المجتمع الإيراني إلى قطيع مسلوب الإرادة تمارس عليه أبشع أنواع القهر والظلم والاستبداد، وأصبحت هذه الثورة إحدى اللحظات الحاسمة في القرن العشرين. توقف التعليم المجاني. أقفلت الجامعات. سجن كل من عارض مبادئ الدولة الاسلامية. عذب واغتصب وأعدم كل من كانت عليه ولو علامة استفهام صغيرة على يد الحرس الثوري في سجون إيفين وغيرها. استعملت كل اساليب الإرهاب النفسي والجسدي والعقلي على "المثقفين" وغيرهم ممن شكك في الثورة وولاية الفقيه. أنهت الثورة الإيرانية حكم الشاه محمد رضا الذي أقصى القوى الدينية والسياسية القوية واستبدلها ببرنامج التطوير والتحديث. كانت الفكرة السائدة أن الشاه هو أساس المشاكل في ايران، بحيث كانت الفكرة أنه من خلال التخلص من نظامه، كانوا سيتخلصون من جميع مشاكلهم. ولكن بعد مرور 36 عاماً على الثورة الاسلامية (بالاسم فقط) واجه الشعب الايراني المشاكل، والمتاعب، والعذاب، والمصائب الكبرى. الدخل النفطي الذي كان يصرف بعضه على التعليم وتأسيس الدولة تم إعادة توجيهه لرعاية المد الثوري، وخلق الجماعات الارهابية، وتكريس التطرف عند بعض الطائفة الشيعية الكريمة، وزعزعة أمن واستقرار الدول المجاورة في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الايراني مسحوق الحياة والقرار. مشروع إيران الفارسي في التوسع وفرض هيمنتها وسياساتها الراديكالية على شعوب المنطقة أهم من المواطن الايراني بدون شك والا لكانت رضخت لمطالب المجتمع الدولي بعدم تطوير برنامجها النووي. التعليم المجاني توقف.. الجامعات أقفلت وسجن كل من عارض مبادئ الملالي البطالة والفقر مظهران حسب ما ورد في تقرير البنك العالمي، تملك إيران ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا بعد المملكة، وهي كذلك ثاني أكبر بلدان المنطقة بعد مصر من حيث عدد السكان إذ بلغ عدد السكان بها نحو 77.3 مليون نسمة في عام 2013. ويتميز الاقتصاد الايراني بقطاع محروقات كبير، وصغر قطاعي الزراعة والخدمات، وحضور ملحوظ للدولة في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات المالية. وتحتل إيران المركز الثاني في العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي والمركز الرابع في احتياطيات النفط الخام المثبتة. ومع هذا، يظل معدل البطالة مرتفعا، حيث بلغ وفق تقديرات المصادر غير الرسمية معدل البطالة نحو 20 في المئة واكثر من مليون شخص يعيشون دون خط الفقر وخسارة بنحو 150 الف شاب سنوياً للهجرة إلى بلدان أخرى بحثا عن رغد العيش ومستقبل اقتصادي أفضل. إيران ما زالت تعاني من آلام العقوبات المالية التي أثقلت كاهل الاقتصاد منذ عام 1979 فضلا عن فرض مزيد من العقوبات التي تستهدف القطاعات المالية والنفطية والبتروكيماويات بسبب دعم إيران للإرهاب الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان ورفض التعاون مع الوكالة الذرية. مع اقتصاد ينزف تبقى طموحات ايران الفارسية الثورية مقيدة ولهذا وبعد أعوام من المفاوضات بين إيران ومجموعة 5+1 بقيادة الولايات المتحدة شهدنا اتفاق لوزان النووي. دور إيران في المنطقة يأخذ في الاتساع في حين أن الاقتصاد يتقلص وبالتأكيد هذا يمثل الدافع القوي للنظام الايراني لتوقيع اتفاق النووي. أكثر من مليون شخص يعيشون دون خط الفقر و 150 ألف شاب يهاجرون سنوياً إرهاب إيراني في العراق، تلعب طهران دور العراب للجماعات المسلحة الشيعية، وفي سورية، وقيادة الحرس الثوري الإيراني هو الشريك الأكثر فعالية لحكومة الأسد، وفي اليمن هي الحليف الرئيسي للمتمردين الحوثيين، وهي الصانعة والداعمة لحزب الله في لبنان والمسيطرة على حماس في غزة، لأنها تسعى إلى توسيع نفوذها لإحياء القومية الفارسية، وإخضاع العرب في كل جغرافيا المنطقة إلى خدمة أهدافها الهدامة. قال جون برينان مدير وكالة المخابرات المركزية في حوار له في جامعة هارفارد، إنه ليس متوقعا أن تغير إيران من سلوكياتها في المنطقة بعد الاتفاق. وعن سبب موافقة القيادة الإيرانية على اتفاق النووي المبدئي قال إن الرئيس الإيراني استطاع إقناع المرشد الاعلى علي خامنئي، أن اقتصاد بلادهم سيتدهور اكثر إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق مع الغرب. واضاف "اعتقد مع مرور الوقت ان روحاني كان قادرا على الشرح لخامنئي مدى صعوبة البيئة الاقتصادية في إيران في الوقت الراهن، واستعدادها للتدهور اكثر." كما ألمح برينان حسب توقعاته ان الاتفاق لن يغير في سلوك إيران في المنطقة، بما في ذلك رعاية الإرهاب. وأقر بأن زيادة الإيرادات لإيران ستدعم هذه الجهود. العالم يشهد على محاولات إيران في الماضي القريب على خلق الفوضى في داخل الجغرافيا العربية والاسلامية من لبنان إلى البحرين، ومن مصر إلى الكويت، وحماقاتها في ما حاولت أن تثيره في العوامية من المنطقة الشرقية في المملكة، وهو عمل بائس وعبثي مكشوف. الهلال الشيعي تحذيرات الملك عبدالله الثاني ملك الأردن حينما قال قبل سنوات من هلال شيعي تعمل إيران على إقامته ليمتد من سواحل الأبيض المتوسط إلى أفغانستان وباكستان مروراً بسورية والعراق نشهدها اليوم على ارض الواقع. لكن السؤال: هل سيسمح الشعب الايراني لولاية الفقيه بالقيام بذلك والاستمرار بخداع وغش واستغلال المواطن الايراني؟ في صيف عام 2009 بعد ثلاثين عاما على قيام الثورة، نزل مئات الآلاف من الإيرانيون مرة أخرى الى شوارع طهران مطالبين بحكومة ديمقراطية حرة وإنهاء طغيان ولاية الفقيه. التظاهرات والاحتجاجات جاءت نتيجة تراكمِ معاناة، مع رفضٍ لفكر ورؤى وأنماط ثقافة فرضتها الثورة الخمينية، وكرسها أصحاب العمائم السوداء للمصالح الإيرانية تحت شعارات ملتبسة أحياناً تتمظهر بالدين والوحدة الإسلامية، في الوقت الذي تعمل إيران فيه على إحباط كل توجّه عربي إسلامي. وبعد.. هذا هو حكم الملالي في إيران أنتج شعباً جائعاً مسحوقا عاطلاً يبحث عن الرغيف والدواء وبدد ثروة إيران ومداخيل إيران على الإرهاب وزعزعة أمن الشعوب وتصدير الثورة البائسة.

مشاركة :