اجتمع ممثلون عسكريون عن بريطانيا والولايات المتحدة الأربعاء، في البحرين لمناقشة إمكانية تشكيل بعثة دولية للقيام بمهمة حماية الملاحة البحرية في مضيق هرمز، بعد تكرر عمليات القرصنة الإيرانية للناقلات النفطية وتهديدها المستمر للملاحة الدولية عبر المضيق الاستراتيجي الذي يمر منه خمس إمدادات العالم من النفط. وأكدت وزارة الدفاع البريطانية ومتحدث باسم الأسطول الخامس لمشاة البحرية الأميركية الثلاثاء أن الاجتماع سيكون مغلقا، حيث رفضت الوزارة تقديم تفاصيل حول جدول أعمال الاجتماع، لكنها قالت إن “العديد من الشركاء الدوليين” سوف يشاركون، فيما ينتظر أن يتم الإعلان عن تفاصيل الاجتماع الخميس. وذكرت صحيفة الغارديان، الثلاثاء، إن بريطانيا دعت ممثلين عسكريين من الولايات المتحدة وفرنسا ودول أوروبية أخرى، لحضور اجتماع في البحرين، “في محاولة لإنشاء مهمة دولية لحماية الشحن عبر مضيق هرمز”. وأكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن استضافة هذا الاجتماع تأتي تأكيدا للدور الفاعل الذي لطالما قامت به مملكة البحرين وتحرص على استمراره وتعزيزه بالعمل المشترك والتعاون مع الأشقاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والحلفاء والشركاء الدوليين، لتأمين ممرات التجارة والطاقة، وحرية الملاحة الدولية، وتعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية من العالم. وشدد الوزير، في بيان نشرته وزارة الخارجية البحرينية في موقعها الإلكتروني، على أن المرحلة الراهنة وما بها من تحديات وتهديدات لأمن المنطقة، تستوجب ضرورة تكاتف كافة الجهود الإقليمية والدولية واضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لردع كل ما يهدد الأمن والسلم الدوليين.وتسعى بريطانيا والولايات المتحدة إلى تشكيل بعثة للقيام بمهمة منع إيران من الاستيلاء على المزيد من ناقلات النفط، بعد أن احتجزت طهران الناقلة “ستينا إمبيرو” التي ترفع العلم البريطاني والناقلة “أم.تي رياح” التي ترفع علم بنما في منتصف يوليو الماضي في مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي استراتيجي بين إيران وسلطنة عمان. وأعربت عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي عن اهتمامها بالاقتراح من أجل ضمان المرور الآمن للشحنات. ووفقا لمصادر دبلوماسية في بروكسل، أعربت بلدان مثل الدنمارك وبولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد عن اهتمامها. وفي المقابل، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأربعاء، إن إيران ستقلص المزيد من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي ما لم يتحرك شركاؤها الأوروبيون لحمايتها من العقوبات الأميركية. وأضاف ظريف “في ظل الظروف الحالية وما لم يتخذ (الأوروبيون) تحركا، سنتخذ الخطوة المقبلة (في خفض الالتزامات)” مشيرا إلى ضرورة أن يضمن شركاء إيران الأوروبيون تمكنها من بيع النفط والحصول على عائداته. وقالت إيران إنها ستقلص التزامها بالاتفاق النووي على مراحل بل وقد تنسحب منه ما لم يجد الأوروبيون سبلا لحماية اقتصادها من العقوبات الأميركية. وفي 22 يوليو الجاري، اتفق وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا على “العمل سويا من أجل ضمان أمن الملاحة البحرية بمضيق هرمز”، وصدر بيان مشترك لوزراء خارجية الدول الثلاث، نُشر على موقع وزارة الخارجية البريطانية. وتصاعدت حدة التوتر بالمنطقة في 19 يوليو، بعد إعلان إيران احتجاز ناقلة نفط بريطانية بالمضيق، “لخرق لوائح تتعلق بالمرور”، عقب ساعات من إعلان محكمة في جبل طارق، تمديد احتجاز ناقلة نفط إيرانية لـ30 يوما. والاثنين الماضي، جدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اعتزام بلاده تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة في الخليج، ومضيق هرمز. وتصاعد التوتر، مؤخرا، بين الولايات المتحدة ودول خليجية من جهة، وإيران من جهة أخرى، إثر تخفيض طهران بعض التزاماتها بموجب الاتفاق النووي متعدد الأطراف، المبرم في 2015. واتخذت طهران تلك الخطوة، مع مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وفرض عقوبات مشددة على طهران، لإجبارها على إعادة التفاوض بشأن برنامجها النووي، إضافة إلى برنامجها الصاروخي. واقترحت بريطانيا أن يشترك الشركاء الأوروبيون في تشكيل “قوة حماية بحرية” لضمان مرور السفن بسلام في مياه الخليج، لكن مثل هذه القوة يمكن أن تكشف عن اعتماد بريطانيا المستمر على حلفائها في الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يسعى فيه جونسون إلى إخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي بأيّ طريقة في 31 أكتوبر. وخيار جونسون، المقرب من واشنطن، الآخر هو إشراك بريطانيا في تحالف تقوده الولايات المتحدة طرحته إدارة دونالد ترامب في اجتماع حلف شمال الأطلسي الشهر الماضي.وحتى لو قرر جونسون المضي قدما في الجهود الأوروبية لتأمين مضيق هرمز الذي يعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحاما بناقلات النفط، فلا يزال يتعين التنسيق عليه مع القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة المحيطة بإيران. وفي حال اختار جونسون التحالف الأميركي، يمكن أن يعزز ذلك فرص لندن في إحياء الجهود المتوقفة للتوصل إلى اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة لفترة ما بعد بريكست، لكن ذلك يمكن أن يخلق خطرا على السفن العسكرية البريطانية إذ يمكن أن تصبح مضطرة إلى الالتزام بقواعد الاشتباك الأميركية الأكثر عدوانية والتي لا تدعمها لندن حاليا. ولا يمكن لإيران من الناحية القانونية أن تغلق الممر المائي لأن جزءا منه يقع في المياه الإقليمية لسلطنة عمان، لكن السفن تمر في مياه إيرانية تحت مسؤولية سلاح البحرية بالحرس الثوري الإيراني. وفي 2016 استجوب الحرس الثوري واحتجز بحارة أميركيين أثناء الليل بعد أن دخلوا إلى المياه الإقليمية الإيرانية في منطقة أخرى بالخليج. وقالت البحرية الأميركية إنه في الفترة بين يناير 2016 وأغسطس 2017 وقع بمعدل 2.5 حادث تداخل “غير آمن” أو “غير احترافي” شهريا بين البحرية الأميركية وقوات بحرية إيرانية، بما في ذلك تحليق طائرة إيرانية دون طيار بالقرب من سفينة للبحرية الأميركية، حيث اتهمت طهران قوات أميركية بالاستفزاز. وجاء في تقرير المكتب الأميركي للمخابرات البحرية العام الماضي أن القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني حصلت على زوارق هجومية سريعة وزوارق صغيرة وصواريخ كروز وألغام مضادة للسفن. وأضاف أن تلك القدرات لا يمكنها منافسة التكنولوجيا الغربية. وقالت الولايات المتحدة إنها ستستخدم كاسحات ألغام وسفنا حربية مرافقة وربما ضربات جوية لحماية حرية تدفق التجارة لكن إعادة فتح المضيق قد تكون عملية تستغرق وقتا طويلا خصوصا إذا قام الحرس الثوري بزرع ألغام في مياهه.
مشاركة :