أكد مصدر رفيع في اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية، أن احتمال تغيير إسرائيل موقفها من معاهدة حظر التجارب النووية ضعيف جدًا. وقد خرجت بهذا الاستنتاج من الاجتماع الذي عقد بين الأمين العام لمنظمة المعاهدة، لاسينا جيربو، ومدير عام اللجنة الإسرائيلية، شاؤول حوريف، في تل أبيب، أمس. فقد فسر حوريف لضيفه بأن هناك أكثر من سبب يمنع إسرائيل من المصادقة على المعاهدة، وهي أن السعودية ومصر وإيران، ترفض حتى الآن، إقامة محطات مراقبة، بينما إسرائيل تقيم محطتين. كذلك غلق إيران منذ 2005 محطة المراقبة الدولية من دون أن يتأثر أحد. بالإضافة إلى أن سوريا لم توقع على المعاهدة، مع أنه تبين أنها كانت تسعى إلى إقامة مفاعل نووي (دمرته إسرائيل سنة 2007). وأخيرًا الولايات المتحدة أيضًا مثل إسرائيل، لم تصادق على المعاهدة في الكونغرس، على الرغم من أنها من الموقعين عليها. المعروف أن إسرائيل تستضيف هذه الأيام ورشة عمل دولية بمشاركة ممثلي 44 دولة، لفحص نتائج التجارب التي نفذتها المنظمة، وإلى أي مدى يمكن للأدوات القائمة حاليًا أن تكتشف وجود تجارب نووية. ولهذا الغرض كانت قد أجرت منظمة الأمم المتحدة المذكورة، تجارب تفجير نووية في الأردن في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكشف مدير منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، لاسينا زيربو، عن أن خبراء إسرائيليين وإيرانيين شاركوا، جنبًا إلى جنب، في الاجتماعات الفنية التي عقدت تحت رعاية المنظمة. وأشار المسؤول إلى أن إيران وجميع الدول العربية، شاركت إلى جانب ممثلين إسرائيليين، في اجتماع عقد في الأردن في أواخر العام الماضي. وذكر زيربو أيضًا، أن المنظمة أقامت محطات لرصد الزلازل الناجمة عن انفجارات نووية في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك محطتان في إيران وإسرائيل. وجاء مؤتمر الأردن كلقاء تمهيدي، للبحث الذي يجري هذه الأيام في إسرائيل. تأسست المنظمة عام 1996 في فيينا، وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وقعها ما مجموعه 182 دولة، وأبرمتها 155 دولة، بينها ثلاث دول نووية هي روسيا وبريطانيا وفرنسا. ويجب أن تبرم المعاهدة الدول الـ44 في العالم التي لديها تكنولوجيات نووية، لكي تصبح المعاهدة سارية المفعول. ومن أصل تلك الدول الـ44 لم تبرمها مصر وإسرائيل وإندونيسيا وإيران والصين والولايات المتحدة والهند وباكستان وكوريا الشمالية. من جهة ثانية، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، كيف تم كشف الكثير من التفاصيل المحيطة بالنشاطات الإسرائيلية النووية. وقالت إن الباحثين في التاريخ النووي، أفنير كوهين وبيل بور، نشرا مجموعة جديدة من الوثائق القديمة القيمة، في الموقع الإلكتروني لأرشيف الأمن القومي لجامعة جورج واشنطن في العاصمة الأميركية، وتلقي الضوء على زوايا جديدة للموضوع. أحد هذه الأمور الجديدة التي تم الكشف عنها، هو الدور الذي لعبه ريتشارد كيري (والد وزير الخارجية الأميركي الحالي جون كيري)، والحكاية التي ترددت بأن مفاعل ديمونة النووية في إسرائيل كان مصنعًا للنسيج فقط. وكشف كوهين، وهو أستاذ في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري، عن أن النرويج وافقت على بيع الماء الثقيل الضروري لتشغيل المفاعل لإسرائيل، وذلك بعد موافقة بريطانيا التي أرادت التخلص مما تخزنه في النرويج. ثم كان هنالك هدف ثانوي، وهو إخفاء كل شيء عن عيون الأميركيين، إلى أن أصبح مفاعل ديمونة حقيقة ثابتة. وقد استغرق الأمر ما يقرب من أربع سنوات طويلة، بين عامي 1957 و1960، وقد تكللت محاولات إخفاء المشروع في ديمونة بالنجاح، إما بسبب الخطوات التي اتبعتها إسرائيل وفرنسا لحماية المعلومات، وإما بسبب فشل الاستخبارات الأميركية في جمع وتحليل وتنسيق مشترك مع مختلف الوكالات والشخصيات السياسية في واشنطن. وكانت النتيجة النهائية، أن الأميركيين كانوا يشكون ويحاولون استطلاع الأمور، ولكنهم بقوا على غير يقين مما لديهم من مؤشرات. كما أن إدارة إيزنهاور فوجئت أثناء الحملة العسكرية سيناء - السويس من عام 1956، بعمق التعاون الإسرائيلي - الفرنسي. وكما في مرات سابقة، ففي أواخر عام 1960، أي قريبًا من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقعت مفاجأة أخرى، على الرغم من اقتراب إيزنهاور من نهاية فترة رئاسته الثانية، ولم يكن يسعى لإعادة انتخابه. وتواصل إسرائيل الرسمية حتى اليوم، أي على مدار 45 عامًا، عدم الكشف عن بناء منشأة ديمونة النووية، فيما كان هدفها المعلن - ولا يزال - ضبابيًا، يتلخص في «أن هذه المنشأة هي جزء من جهد وطني لتطوير النقب، وبحث مستفيض ودراسة ونشاط تطبيقي يهدف إلى توسيع المعارف الأساسية وإلى مزيد من التنمية الاقتصادية». وعندما دار الحديث عن أن الأمر يتعلق بمصنع للنسيج، كغطاء لمشروع ديمونة، حاول باحثون في أرشيف الأمن القومي، العثور على أي معلومة مهما كانت عما يجري في ديمونة، لدرجة أن السفير الأميركي أوغدن ريد، استقل مروحية وتجول في النقب للاطلاع على ما يجري، ولكنه عاد بلا نتائج. وكانت الإدارة الأميركية تمارس الضغط الشديد، في هذه الأثناء، على حكومة بن غوريون، لاطلاعها على ما يجري في النقب. وكانت تلوح بالتضييق الاقتصادي على إسرائيل، مثل وقف المعونات المالية من أبناء الجالية اليهودية في أميركيا المعفية من الرسوم الضريبية. واضطر السفير الإسرائيلي، في هذه الأثناء، إلى تقديم توضيحات للإدارة الأميركية، بتلفيق مفاده أنه يتم التخطيط لتطوير منطقة النقب، وأن هذا عبارة عن مصنع للألياف في ديمونة يقع على بداية الطريق السريع ديمونة - إيلات، أي أنه مصنع للنسيج.
مشاركة :