طالب تشكيليون الهيئة السعودية للملكية الفكرية، بضرورة توثيق الأعمال الفنية وحمايتها من الإستنساخ والتزوير والسرقة، وسن قانون يحد من التعدي عليها، مؤكدين أهمية حفظ حقوق الفنانين التشكيليين بمختلف تخصصاتهم، كونها تمثل إرث ومنجز ثقافي قيم يتطلب المحافظة عليه. وفي حديثها لـ«الحياة» أوضحت رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» الدكتورة منال الرويشد أن قرار الهيئة السعودية للملكية الفكرية أسهم بإعطاء أهمية لحفظ الحقوق للمصورين، وقياساً عليه فإن أهمية اللقطة ترتبط بأهمية توثيق اللوحة التشكيلية أو العمل الفني التشكيلي وتحديداً من خلال الصور، إذ أن بعض الفنانين التشكيليين تضرروا كثيراً من التعدي على أعمالهم، مثل نسخ الأعمال الفنية أو جزء منها وطباعة الاعمال على أغلفة الكتب واستخدامها ضمن التصاميم الطباعية أو نشرها في صحف ومجلات دون الرجوع للفنان التشكيلي واستخدامها كخلفيات في تصاميم العروض والفيديوات. وقالت الرويشد: «عندما يطبق القرار نفسه على الأعمال الفنية، سوف يحد من التعدي على الاعمال سواء بنسخ اللوحات أو طباعتها، وتوظيف صور الأعمال في التصاميم دون الرجوع للفنان التشكيلي صاحب العمل، كما سيوجد أهمية وقيمة ثقافية وفكرية وحقوقية للأعمال الفنية»، مشيره إلى أنه سيسهم في حفظ الأرث التاريخي لفنون المملكة وفنانينها وتقدير الأعمال، فالمحاسبية ستكون سبب لإيقاف التعديات على اللوحات واستخدامها المتنوع حسب احتياج كل شخص. من جانبه، عرف مدير الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» بعسير الدكتور علي مرزوق «الملكية الفكرية» بأنها تعني امتلاك أشخاص أو مؤسسات لحقوق أعمالهم ومنتجاتهم الإبداعية بهدف حمايتها من السرقة أو الاستنساخ. وأن دول العالم «سنت القوانين التي تحفظ حقوق الآخرين الفكرية والأدبية والفنية، وعالمياً هناك اتفاقية «تربس» TRIPS المتعلقة بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» WIPO في جنيف»، مضيفاً أن السعودية واحدة من هذه الدول التي «حفظت الحقوق الفكرية والأدبية والفنية للمبدع بشكل عام وللفنان التشكيلي بشكل خاص، إذ كفلت المحافظة على الملكية الفكرية للأفراد والمؤسسات، وما يتوجب على الفنان فعله تجاه حفظ حقوقه، إضافة إلى سن العقوبات الرادعة لكل من تسول له نفسه القيام بسرقة عمل إبداعي ليس له الحق في استنساخه أو تزويره أو سرقته. وقال مرزوق في حديثه لـ«الحياة»: قامت الهيئة السعودية للملكية الفكرية بسن نظام حماية حقوق المؤلف في المملكة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/11)، وتاريخ 19/5/1410هـ وقد جاء في المادة الثانية ما نصه «يتمتع بحماية هذا النظام مؤلفو المصنفات المبتكرة في العلوم والآداب، أياً كان نوع هذه المصنفات، أو طريقة التعبير عنها، أو أهميتها، أو الغرض من تأليفها»، وتشمل المادة ما جاء في رقم (5) من هذه المادة التي شملت «أعمال الرسوم وأعمال الفن التشكيلي، والعمارة، والفنون والزخرفية»، كما أن مكتبة الملك فهد الوطنية قد وضعت «نظام الإيداع» الذي صدر سنة 1412هـ بهدف جمع وحفظ وتنظيم كل ما ينشر داخل المملكة وخارجها من أوعية معلوماتية بأشكالها المختلفة، وضبط الإنتاج الفكري المحلي والإعلام عنه وإصدار الببلوجرافيا الوطنية، وتكثيف الدوريات المحلية، والضبط الفني لعملية الفهرسة أثناء النشر». وأضاف مرزوق أن أهمية المنجز الفني سواءً الأعمال الفنية المسندية، أم الخزفية، أم الجرافيكية، أم النحتية، أم غيرها من مجالات الفنون «تحتم علينا توثيقها ضمن مصنف إبداعي لحمايتها من السرقات الفنية، وحفظ حقوق مبدعيها. إلا أن غالبية الفنانين التشكيليين للأسف لا يمتلكون ثقافة «الملكية الفكرية» وأهميتها بالنسبة للمبدع، والمتلقي، والمقتني على حد سواء، كما أنه لا يعرف أين يتجه لتوثيق أعماله لحفظها، وأرشفتها، وإصدار شهادة ملكية ومنشأ لها. ولكي تنافس الحركة الفنية التشكيلية السعودية نظيراتها في دول العالم لابد على وزارة الثقافة كونها الجهة المعنية بالفنون والأدب والثقافة أن تقوم بدورها والإفادة من خبرات الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» كونها المعنية بالفنون التشكيلية وتعمل تحت مظلتها». واقترح الدكتور مرزوق على وزارة الثقافة أن تقوم، بإجازة الأعمال الفنية التشكيلية، وحفظ حقوق المبدعين بإصدار شهادات ملكية لأعمالهم، إضافة لعقد ورش تدريبية حول مفهوم الملكية الفكرية، وأرشفة وتوثيق المنجزات الفنية التشكيلية، وتسجيلها رسمياً، واعتماد توقيع مخصص لكل فنان معتمد عند الوزارة، والإفادة من الخبراء والنقاد والقيمين للأعمال الفنية. في حين ترى الفنانة التشكيلية علياء الدقس أهمية وجود قانون يحفظ للفنان التشكيلي حقوقه الإبداعية من السرقة أو الاقتباس والنقل البسيط أو الكلي بكافة أشكاله، مضيفه أن تسجيل الأعمال الفنية للفنان بشهادة موثوقية وأصل تثبت ملكية العمل ومواصفاته وتاريخ إنتاجه يعتبر توثيق لهذا الإبداع للفنان، وأيضا حماية للمقتني الذي بدوره يستثمر ماله في لوحة أصلية غير مقلدة أو منتحلة. وأكدت الدقس لـ«الحياة» أن ظاهرة سرقة أو انتحال الأعمال الفنية «ليست بالشيء الجديد أو النادر، بل هي ظاهرة خطيرة منتشرة بشكل كبير بالذات في عصر تطور التكنولوجيا، فقد تم قبل فترة القبض على عصابة إسبانية تقلد أعمال الفنان العالمي بيكاسو وبيعها بملايين الدولارات، و قرار المملكة بتطبيق حماية الملكية الفكرية للصور، ونتمنى أن يشمل الأعمال الفنية لأنه قرار يدل على نضج ووعي ثقافي كبير تشهده المملكة في ظل حكومتنا الرشيدة، وصدوره سيسعد الفنانين السعوديين في الساحة التشكيلية، لأن أعمالنا وإبداعاتنا ستوثق لدى جهة متخصصة في هذا الشأن، حينما تحفظ الأشياء تبقى، واللوحة التشكيلية للفنان بمثابة إرث يورّث عبر الأجيال، ويجب حمايته والمحافظة عليه من الضياع و السرقة». بدوره ذكر الفنان التشكيلي محمد الشنيفي لـ«الحياة» أن تطبيق القرار لحفظ حقوق الفنانين التشكيليين «سيحفظ حقوق الفنانين على اختلاف تخصصاتهم، ويمنع التعديات التي تجري على سبيل الإستفادة من الوسائط المنتشرة، على الرغم أن الفنون التشكيلية وخصوصا التصوير التشكيلي يتجه في أهم أساليبه إلى النقل من بداية تاريخ الفنون، إلا أنه يجب أخذ الإذن المسبق من مالك هذه الوسائط اللي يتم الاستفادة منها من خلال النقل والتمشيق». وأضاف أنه يجب على أصحاب النتاج الفني أن يشيروا إلى ذلك فيما يخص الحقوق الفكرية، «ومن خلال الإقتباس الجزئي نجد كبار الفنانين أيضا بقومون بذلك في كثير من أعمالهم، وفي هذه الحالة لابد من نشر الوعي حول هذا الموضوع بين الطرفين، وبأهمية تلك الوسائط وأنها لاتوفر على سبيل الهبه المجانية، مما يجب على كل مستفيد وخصوصا شركات الدعاية والاعلان، وخصوصا شركات الطباعة أن تعيد النظر فيما يخص الحقوق واحترام حقوق المصورين والفنانين التشكيليين والوعي بأهمية ما ينتجون، وفي حال تطبيق القرار ستتضح الرؤية حول الفن والفنانين، وسيتألق المبدعون وسط أجواء خالية من المتسلقين وأصحاب الفكر المحدود».
مشاركة :