وسائل التواصل الاجتماعي تغتال الحقيقة وتغذي التباعد

  • 8/3/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

ميرفت الخطيب، محمود محسن الفضاء الواسع، الأفق المتجدد، العالم الافتراضي مسميات ومصطلحات تشكلت وتلونت بها وسائل التواصل الاجتماعي كونها تواكب معترك الحياة الحديثة ومتطلباتها، أمر واقع فرض نفسه على أجيال كاد أن يعفو عنها الزمان، طالتهم وأجبرتهم على الانخراط في دوائرها الإلكترونية بين تطبيقاتها وأخبارها، ألعابها وشائعاتها، وبالرغم من إيجابيتها واستخدامها كقنوات للتواصل مع العالم أجمع واجتياحها للعالم الواقعي، إلا أننا لا نستطيع أن نجزم أنها وسائل مفيدة وإيجابية على المطلق، فسهولة استخدامها وسرعة ودقة وصولها للهدف المراد الوصول إليه، جعل منها أداة استغلت في الخروج عن الإطار المعهود، في تزييف الحقائق ونشر المعلومات المغلوطة، لتصبح سلاحاً بأقل الإمكانيات قادراً على الفتك بأمم وشعوب، ولتصبح في حال ساء استخدامها إلى وسائل «التباعد الاجتماعي» إيجاد البديل المفيد والمسلي، حظر ومنع الاستخدام، المشاركة في المشاهدة، المراقبة غير المباشرة، إخضاعها لبرنامج الوقاية.. وأخيراً الحل الأمثل بيد الأسرة.آراء متنوعة لكيفية التقليل أو الحد من المشاكل الناتجة عن استخدام وسائل التواصل الحديثة التي أصبح معظم الأولاد مدمنين عليها، وهي حقيقة يجب الاعتراف بها، للوصول إلى حل جذري، بسبب عدم قدرة معظم الأهالي على اتباع أسلوب صحيح للحد من إقبال الجيل الجديد عليها. مروان بن جاسم السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، يرى أن الزمن تغير وأننا نعيش في عالم مختلف ويتغير بين الحين والآخر، والتكنولوجيا أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية، وجميع الأولاد من دون استثناء متعلقون بالوسائل الحديثة، ومن بينهم بناتي 12 و7 سنوات، وصولاً إلى ابنتي الصغيرة والبالغة من العمر 5 أعوام متعلقة أكثر من شقيقاتها بمواقع التواصل الاجتماعي.لذا، أحرص أنا ووالدتهم على متابعة ما يشاهدونه، وهناك برامج حديثة تجعلك قادراً على التعرف إلى ما يراه ابنك على الموبايل، خاصة لسن ما قبل المراهقة. وبرأيي أن الطفل الذي يصل إلى سن المراهقة لا يمكن أن تراقبه بشكل مستمر بل الأفضل أن تنصحه، لأنه في هذه السن يجب أن نتعامل معه بثقة وبالحوار كي تدعه يقول لك عن اهتماماته ومشاهداته وماذا رأى من برامج. الإعلانات المصاحبة للألعاب بدرية آل علي، مديرة مبادرة «لغتي»، قالت إنها تخاف على أولادها من الألعاب الإلكترونية واستخدام الهواتف المتنقلة للانتقال إلى عالم افتراضي قد يؤثر في سلوكياتهم ومفاهيمهم ويشكل فكراً جديداً لديهم بعيداً عن ثقافتنا ولغتنا، وأشارت إلى أن المشكلة- أنه ومع مراقبة الأهالي لما يشاهده الطفل أو المراهق- تكمن في وجود الإعلانات التي تقطع أي مشاهدة وتكون غير متوقعة وأيضاً تحمل رسائل أو صوراً أو ألفاظاً نابية وغير لائقة، والإعلانات غير «مفلترة»، والأمر الآخر المخيف أن الولد وهو يشاهد أفلاماً كرتونية باللغة الإنكليزية على سبيل المثال، تظهر له إعلانات بالأجنبية لا علاقة لها بالطفل فيها صور لا تناسب سنه، وأحياناً أخرى تظهر كلمة تنزيل خلال مشاهدتهم للكرتون فيضغط عليها الطفل بسبب الفضول وحب المعرفة والاطلاع فتكون غير مناسبة له، كما حدث في لعبة «مومو» الخطيرة. غذاء يومي الدكتورة شريفة المرزوقي، أستاذ مساعد كلية الاتصال جامعة الشارقة ومدير المركز الإعلامي في الجامعة، أشارت إلى أن مسألة وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مثل الغذاء اليومي الذي نتناوله في حياتنا اليومية ونحن نعيش معه اليوم كأي شيء آخر، نستفيد منه من خلال المعلومات التي يغذينا بها، لكن حينما نأتي للأبناء وعلاقتهم بها فهنا لابد من وجود نوع من السيطرة والمراقبة عليهم دون المنع والحظر، بل يكون توجيههم بطريقة سلسة وواقعية. سرعة انتشار المعلومات يقول عمر جودة: أمر لا أستطيع إنكاره هو أن علاقتي بوسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت جزءاً من علاقاتي مع أصدقائي وأفراد عائلتي، كما أن هناك بعض الإيجابيات والسلبيات، خاصة فيما يتعلق بسرعة انتشار المعلومات والأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وسيلة ضغط ومن جهتها تقول سارة طارق: التواصل الاجتماعي كلمة تطرق الأذان كثيراً منذ سنوات عدة، وأجد أن لها الكثير من الفوائد، أولها تقريب المسافات، فهي من أهم عناصر العولمة؛ حيث جعلت من العالم قرية صغيرة، سهلت على الأشخاص التواصل والتعارف، إضافة إلى دورها في نشر الأخبار المحلية والعالمية، وتأثيرها الملحوظ، فأصبحت وسيلة ضغط على المسؤولين، كما أدرجت في حسابات الحكومات وأصحاب القرار. التعريف بأخلاقيات المهنة تقول شيرين علي موسى، أستاذ مساعد في كلية الإعلام، تخصص الصحافة المطبوعة والإلكترونية بجامعة عجمان: تلعب الأخبار المزيفة في التأثير على المجتمعات من خلال خلق حالة من التشويش، عبر ما تقدمه من رسائل ومضامين يراد بها بث الجوانب السلبية والخاطئة، فيما تعمد بعض الجهات الموجهة الترويج للأخبار الخاطئة والمزيفة عن بعض الفئات والمؤسسات وكذلك الأشخاص، وأيضاً حول القضايا المطروحة. وهنا يكون التشويش الواقع على المتلقي غرضه عدم تمكينه من تكوين موقف أو رأي محدد، وبالتالي قد يتبنى آراء خاطئة نتيجة لكم التزييف في الحقائق، ويكون أخطر أنواع التزييف في الحقائق، الحملات المقصودة والموجهة، من خلال نشر مجموعة من الأخبار بهدف لفت الانتباه بعيداً عن الموضوع الرئيسي أو القضية الأساسية.وكوننا أكاديميين، فإننا نعمل دائماً على تعريف الطلبة بأخلاقيات العمل في مجال الإعلام، وضرورة أن يتحلى العاملون في المجال بمسؤولية كاملة؛ حيث تقتضي المهنية أداء العمل وفق معايير الدقة والموضوعية وخدمة المجتمع، وأن لا يهتم بتحقيق السبق الصحفي على حساب التأكد من المعلومات قبل نشرها، لما في ذلك من فرصة للوقوع في الخطأ من خلال تقديم أخبار غير حقيقية، ينجم عنها انعدام المصداقية والمساهمة في ترويج الشائعات، وهو ما يتسبب بالإخلال بالمسؤولية تجاه المجتمع. عصر الحقيقة الضائعة يقول د. محمد فراس النائب عميد العلاقات العامة والإعلان في كلية المدينة الجامعية بعجمان: الحقيقة أولى ضحايا عصر عولمة التكنولوجيا، زمن تزييف الحقائق، عناوين قد يكون مبالغاً فيها بعض الشيء، لكنها تصدق للأسف في كثير من الأحيان إذا علمنا أنها نتاج واقع فرضته عولمة «اللامحدود» في جميع المجالات؛ حيث وإن كنا لا نستطيع إنكار مقدار فائدتها في العديد من الحقول المعرفية والثقافية والفنية والرياضية والتكنولوجية.إلا أن هذه الأخيرة أقحمتنا في مجهول نسب الأخبار التي تدس أحياناً كالسم في الدسم خدمة لغايات وأجندات غير نبيلة تحاول أن تكون معول هدم في المجتمع، ومن جهة أخرى بدوافع الحماقة أو الأفعال الصبيانية التي لا تدرك أو تستسيغ «في كلا الحالتين» مقدار الأذى الفكري والتلوث النفسي الذي تسببه للسلم الأهلي والثقافي. فتنتها تعيق نمو المجتمع وفي هذا الشأن يقول الدكتور رشاد سالم، مدير الجامعة القاسمية: وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة ومتنوعة فيها خيراً، لكن شرها كثير، خاصة إذا كان هذا الشر مفسداً للأخلاق وهادماً لقيم المجتمع، وصارت أخطر على الكبار أحياناً من المخدرات نفسها، لأن أدوات التواصل الآن في متناول الجميع صغاراً وكباراً، شيوخاً وشباباً رجالاً ونساء، وذلك يحتاج إلى الكثير من التوعية، من فوق المنابر وعبر أجهزة الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية، لكي يحذرها الناس. وسوء استخدام تلك الوسائل يؤدي إلى السلبية القاتلة من خلال انكباب الناس عليها، وبهذا تعد فتنة خطيرة تقف عائقاً في وجه نمو المجتمع الذي يحتاج إلى الإيجابية لنموه، ويصعب ذلك في ظل انشغال الناس بها بشكل دائم صباحاً ومساء، فكثيرها غث وقليلها ثمين، حتى باتت تشغل الموظفين والعاملين عن أعمالهم وتأدية وظائفهم، فمن أين للمجتمعات أن تنمو وتتطور وترتقي؟ وإذا جاز هذا الأمر في أي مكان آخر فلا يليق أبداً بمجتمع مسلم قوامه الأخلاق والعمل؛ إذ إن الاستخدام السيئ يوقع في المحظور، ويقف عائقاً أمام نمو المجتمع، فالإنسان بيده أن يتجه لاختيار ما ينتفع به من مواضيع ومواد هادفة وبناءة، وأيضاً قادر بذاته على اختيار الهدامة منها، لذا يجب أن نحكم العقل ولابد إدراك ما ينفعنا وما يضرنا، ولو كان الإنسان يتابع مواقع التواصل من باب عرفت الشر لا للشر لكن لتتقيه، لهان الأمر، وعليه يجب تحذير مستخدميها ونشر الوعي خاصة بين فئة الشباب، بكيفية الاستفادة منها، والوقاية من مخاطرها، وكل ما يعود بالضرر على الفرد والمجتمع بما يخالف تعاليم الإسلام، لكي يكون المجتمع إيجابياً منتجاً. مواجهة التحديات والتصدي لها تحقيقاً للدور الرقابي في محاربة سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسها الأخبار المضللة والكاذبة، عمل المجلس الوطني للإعلام جنباً إلى جنب مع مختلف الهيئات الاتحادية والقطاع الإعلامي، لحماية المجتمع، والتأكد من أن جميع المواطنين والمقيمين يعيشون في بيئة سعيدة وآمنة، خاصة أن أهم التحديات التي تواجه القطاع الإعلامي العالمي في السنوات القليلة الماضية، انتشار الأخبار المضللة، لاسيما مع الانتشار الكبير لمنصات التواصل، وارتفاع نسبة الاعتماد على هذه المنصات مصدراً رئيسياً للحصول على الأخبار والمعلومات، وتكمن الخطورة، في أن نشر الأخبار المغلوطة، قد يحمل أبعاداً سياسية، عندما ينشر فرد أو جهة معلومات مضللة، لإلحاق الضرر بأفراد أو جهات أخرى، كما يمكن أن تكون لها أبعاد اقتصادية أيضاً، وفي النهاية ومهما اختلفت الأبعاد تبقى الحقيقة هي الضحية، إن الاعتماد على الأخبار غير الموثوقة، قبل التحقق من صدقيتها، يمكن أن تكون لها آثار سلبية في الأفراد والمجتمعات.لذا كان لابد من مواجهة تلك التحديات والتصدي لها، ومن هنا بدأ المجلس الوطني للإعلام، وشركة «فيسبوك»، في التعاون وعمل شراكة هدفها التعريف والحد من انتشار الأخبار المضللة والكاذبة والتصدي لها، من خلال حملة مشتركة في الصحف الإماراتية و«فيسبوك»، من شأنها نشر إعلانات توعية لتثقيف الجمهور ومساعدته على تقييم مصداقية الأخبار والمعلومات المنشورة في وسائل التواصل، كما سيضيف «فيسبوك» إرشادات على صفحة الأخبار تساعد مستخدميه في دولة الإمارات على تمييز الأخبار الصحيحة من المضللة.

مشاركة :