كان في المجتمع من ينكر المنكر وينهي عن الظلم وأكل أموال الناس بالباطل ، ويوقف الظالم عند حده ويحمي الضعفاء منه بكل الوسائل المتاحة ، فإن لم يستطع تغيير المنكر ووقف الظلم بيده فبلسانه عن طريق فضح الأفعال المنكرة والسلوك المشين والظلم الوخيم ، ثم دبّ الوهن في قلب المجتمع حتى أصبح يكتفي بإنكار المنكر والظلم بقلبه ويقول بينه وبين نفسه دون أن يسمعه أحد " سبحانك هذا بهتان عظيم " ومنكر وظلم وغطرسة وسوء سلوك ، مكتفياً بأضعف الإيمان وأدنى درجات القوة والرجولة ، معتذراً بأنه لا يطيق غير ذلك حتى لا يتعرض للأذى والجرجرة لو انه صدح بالحق وأنكر المنكر وحارب الظلم باللسان وكانت مواقف " اضعف الإيمان " لا تروق لمن وقع عليه الظلم أو لحقهم أذى الأفعال المنكرة والسلوك المشين لأنهم كانوا يريدون من المجتمع أن يكون أقوى وأن يرتقي في تصديه للأعمال السيئة إلى درجة أعلى تجعله يستهجن المنكر والظلم بلسانه ويُغَّيِره إن أمكنه ذلك بيده ، ولكن يبدو أنه قد جاء الوقت الذي أصبح فيه المجتمع عاجزاً أو متخاذلاً عن إنكار المنكر بقلبه فقد عزِّ حتى أضعف الإيمان في هذا الزمان وبات المجتمع يرى المنكر فلا ينكره ولا يغيره بل يدعم أصحابه ويقدمهم ويصفهم بأوصاف تجعلهم في مصاف الأتقياء والأنقياء وأصحاب المكانة مع التغاضي عن منكرهم وظلمهم والتماس الأعذار لهم وإلقاء اللوم على ضحاياهم بأنهم لم يحسنوا التصرف معهم وأنه كان عليهم وضع رؤوسهم مع البقية تحت أحذيتهم حتى يأمنوا شرهم ويدرأو مكرهم ، وهكذا أصبح الإنكار بالقلب غير موجود ناهيك عن الإنكار باللسان أو باليد ، فلماذا لا يزداد الظلم وتتسع مساحات المنكر ويصبح أصحاب السلوك السيئ قدوة لغيرهم من المنحرفين وضعاف النفوس وعديمي التربية ما دام أن المجتمع بعضه أو كله قد فقد أهم عناصر الحياء وأسس الحياة وقد لعن الله أقواماً قبلنا لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه ، فإذا بالمجتمع يصل في هذه الأيام إلى مرحلة أدنى من عدم النهي عن المنكر ألا وه --- أكثر
مشاركة :