هل إنشاء الأكاديميات الـكروية للربح التجاري أم لاكتشاف المواهب؟!

  • 8/3/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

هل بالإمكان تحويل أنديتنا المحلية إلى شركات وطنية؟ سؤال يرى البعض أن مجرّد طرحه ضرب من الخيال والجنون، بل البعض عنده فتوى تحريم طرحه ولا يجوز التفكير فيه وفق المعطيات الموجودة على الأرض من التركة الثقيلة التي لدى الأندية من بحور الديون مثقلة الكاهل، ما يجعل العمل صعبًا للغاية وفق هذه الظروف. ولكن نرى أنه لا بُد من طرح هذه الفرضية بشجاعة وتحليلها من كل الجوانب، حتى نصل في الأخير إلى النتيجة المرجوّة بين الموافقة والرفض لهذه الفكرة.أولاً قبل الدخول في عمق الموضوع، علينا ذكر بعض الشركات الوطنية الكبيرة التي نرى أن بإمكانها أن تتبنى الأندية وتجعلها تحت عباءتها وتستثمرها بصورة تجارية واقتصادية، ولكن مع النظر إلى تطوير هذه الأندية من البنية التحتية في كل تفاصيلها إلى تطبيق نظام الاحتراف المتكامل.هناك شركة ألبا وشركة بابكو وبتلكو وزين وبنك البحرين الوطني وبنك البحرين والكويت والبنك الأهلي والبنك الإسلامي وشركة كانو ومجموعة الحاج حسن العالي ومجموعة الحاج أحمد العالي وتشارتر بنك، وغيرها من البنوك والشركات والمؤسسات الوطنية الأخرى التي لم نذكرها ولكنها قادرة وبقوة على الدخول في استثمار المجال الرياضي وتحسين وضعه، والأخذ به نحو النجاحات المثمرة للطرفين.نحن لا نقول إن علينا تنفيذ الفكرة الآن، بل نؤكد على أن نضع اللبنات الأولى للأفكار والمقترحات عبر لجان تشكّلها الجهات المسؤولة المعنية في المجلس الأعلى للشباب والرياضة برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، وأن تقوم هذه اللجان بدراسة الفكرة دراسة وافية عبر الجلوس مع ممثلي هذه الشركات الوطنية والتحدث إليهم والاستماع إليهم عن كل تفاصيل الفكرة.نحن نعلم أن هذه الشركات تتوجّس من الدخول إلى مجال الاستثمار الرياضي وأن تكون شريكة أساسية في تطوير الرياضة بشكل عام والذهاب بها إلى بعيد. أيضًا هذه الشركات لن تدخل هذا المجال من دون أن تكون لدينا منظومة عمل إدارية متطوّرة تدير العملية الاحترافية بدقة، حتى تعطي الاطمئنان والعزيمة والإرادة لدخول هذه الشركات بقوة لتبني أنديتنا والصرف عليها، وأن تكون الربحية واضحة لهذه الشركات الوطنية.نحن نعلم صعوبة المهمة ولكن نراها غير مستحيلة، ونرى أنه لا بُد من طرح هذا الملف بجدّية ودراسته دراسة علمية وافية من قبل شخصيات اختصاصية، لتعطيك النتائج التي تقودك إلى تنفيذ هذه الفكرة أو رفضها لعدم جدواها.المهم في الأمر ألا نقف مكتوفي الأيدي في ظل هذه الظروف الصعبة ولا نحرّك ساكنًا لتغيير الوضع الرياضي الحالي، فلعل هذه الفكرة تكون المنقذة لمثل هذا الحال الصعب، أو نجد أفكارًا أخرى تصل بنا إلى الحلول الجذرية لإنقاذ أنديتنا من هذا الوضع المزري الذي قد يقودها إلى الإغلاق في نهاية المطاف، وبالتالي علينا التفكير وطرح المبادرات والأفكار المختلفة ودراستها بدقة، ولا نبقى نتباكى على وضعنا ونلوم وزارة الشباب والرياضة مرة وأخرى نلوم الاتحادات الرياضية ونحن نتفرّج بسلبية من دون تقديم أي فكرة لإنقاذ هذا الوضع.وبالتالي، نحن -بوصفنا إعلاميين- علينا طرح مثل هذه المبادرات والأفكار لدراستها دراسة علمية، فإن نجحت فذلك أمر جيد؛ لأننا شركاء في التطوير ودورنا البحث عن الحلول. ليس هناك مستحيل في العالم الإنساني، وعندما تجتمع الكلمة بالعلم سنتوصّل إلى الأفكار التي تقودنا إلى الحلول الجذرية.ولا نقصد بتبني هذه الشركات الوطنية للأندية رعايتها مقابل قمصان للعب، أو رعاية مالية التي قد لا تلبّي طموحات الأندية في التطوير، بل ما نعنيه وتقصده هنا أن يكون النادي تحت مظلة هذه الشركة ويُعد اللاعبون موظفون فيها لهم استحقاقات مالية شهرية وجزاءات، وأن تكون للنادي إدارة خاصة بالشركة من رئيس وباقي أعضائها تحدد أسماءهم الشركة الأم، وهذا ما كنّا نهدف إليه وندعو إلى تنفيذه مستقبلاً.] هل إنشاء الأكاديميات الكروية للربح التجاري أم لاكتشاف المواهب؟هناك جدل واسع يُثار بشأن الأكاديميات الكروية هنا في البحرين وأسئلة كثيرة تحوم بشأنها، فهل تم تأسيسها من أجل الربح التجاري أم أنها وُجدت لتكتشف المواهب الصغيرة لتصقلها وتسلمها الأندية جاهزة لتُكمل مسيرتها؟هذا الجدل المُثار لن يتوقف ما دامت هذه الأكاديميات تواصل عملها بالصورة التجارية، من فرض رسوم على كل اللاعبين الصغار الذين يرغبون في أن ينضموا إلى هذه الأكاديميات الكروية. ] نسأل هل كل هذه الأكاديميات فكرها وتوجّهاتها تجارية بحتة؟أي بمعنى آخر، أنا أفتح هذه الأكاديميات ولا يهمّني من يأتي إليها بقدر ما يهمّني العدد لزيادة الربحية فيها، وبالتالي لا يهمّ صاحب هذه الأكاديميات أن هؤلاء الصغار تعلموا أو لم يتعلموا أساسيات الكرة، فهذا لا يهمّ ما دام هؤلاء الصغار يدفعون الرسوم المالية المطلوبة عند كل شهر، وبالتالي كلما زاد العدد كلما حصل صاحب الأكاديمية على الربحية!هل كل أصحاب الأكاديميات من هذه النوعية التي لا يخلد إلى فكرها تعليم أساسيات كرة القدم بمهاراتها وفنياتها، أم هناك أكاديميات تقودها أجهزة فنية متمكنة تمتلك الرؤية في صناعة النجوم من المواهب الصغيرة، وبالتالي حتى مع تسديد الاشتراكات من قبل اللاعبين الصغار -وهذا حق مكتسب لهذه الأكاديميات مقابل أن يصل اللاعب الصغير إلى تنمية موهبته بالطرق السليمة- عبر مدربين متخصصين في اكتشاف المواهب المتميزة؟هناك إشكالية أخرى تُثار من أن أصحاب بعض هذه الأكاديميات غير رياضيين، وبالتالي هم قرأوا الوضع التجاري في البحرين فوجدوا إنشاء الملاعب الصغيرة بالترتان وإنشاء معها أكاديمية كروية باشتراكات مالية محددة، ومع حسابات بسيطة تخرج الفوائد والأرباح لهذه الشريحة من الناس التي لا يهمّها ان اكتسب الصغار الموهوبون مهارات كرة القدم أم لم يكتسبوا، فهو لا يعي ولا يدرك هذا الأمر؛ لأن مشروعه قائم على الربحية التجارية في المقام الأول، ومثل هذه النوعية من الناس تمثل خطرًا على الصغار الذين لن يستفيدوا شيئًا؛ لأن هذه النوعية لن تجلب من المدربين الاختصاصيين المتميزين، وبالتالي سيضم من المدربين الذين يمتلكون الشهادات التدريبية المعترف فيها آسيويًا ودوليًا، ولكن هذه الشريحة من المدربين ليس بالضرورة تمتلك القدرة المهارية الفنية في صوغ نجوم من المواهب الصغيرة، وبالتالي تضيع هذه المواهب في ظل هذه الأفكار من هذه التوجّهات التجارية البحتة.] نحن هنا نسأل مع انتشار الأكاديميات الكروية على مستوى المملكة، كم موهوبًا خرّجتهم هذه الأكاديميات وسلمتهم للأندية ليواصلوا مسيرتهم وتصقل موهبتهم؟هل هناك تعاون جدي بين الأندية وهذه الأكاديميات لتقدم المساعدة اللوجستية والفنية لها للاستفادة من المواهب الصغيرة في هذه الأكاديميات؟هل هناك خطة عمل لدى الأندية في تشكيل لجنة فنية متخصصة لاكتشاف المواهب، بتعاونها مع هذه الأكاديميات وضمها للفئات العمرية الصغيرة في الاندية؟ نحن قد نجزم القول من خلال المعطيات على أرض الحدث إنه لا توجد مثل هذه الأمور ولا بنسبة مئوية صغيرة. هناك موهوبون من الصغار عندما ينضمون إلى هذه الأكاديميات ويثبتون وجودهم في (كورس) معيّن فإنهم لا يستطيعون الاستمرارية؛ بسبب عدم وجود المال لدى أولياء أمورهم، وبالتالي تضيع هذه المواهب من دون رعاية ولا اهتمام. فهنا نسأل هل تأخذ الأكاديمية ظروف أولياء الأمور المالية بعين الاعتبار والاهتمام، وتجعل هذه المواهب تواصل مسيرتها في الأكاديمية لأن هدفها في المقام الأول اكتشاف المواهب؟] كم أكاديمية لديها مثل هذا التوجّه؟ما جعلني أثير هذا الموضوع الحسّاس هو مشاركة أكاديمية «أوليه» في بطولة الأكاديميات الخليجية والفوز بها من بين 6 أكاديميات في الخليج، ما يؤكد أن المواهب في هذه الأكاديمية قد نمت قدراتها المهارية والفنية بشكل سليم جعلتها تنافس الأخريات في الخليج وتحقق بطولتها، بعدما نافست في العام الماضي على بطولتها. الأمر المفرح أن هناك ثلاثة لاعبين من هذه الأكاديمية تم اختيارهم للمنتخب الوطني للصغار، وبالتالي حققت هذه الأكاديمية الهدف من إنشائها، وإن كانت هناك رسوم مالية للاشتراكات فيها من قبل الصغار.من خلال حديثي مع المدير الفني في الأكاديمية اللاعب السابق لنادي المنامة سعيد مرتضى وجدت أن هناك اهتمامًا كبيرًا بصقل المواهب الصغيرة ورعايتها بالصورة السليمة، بوجود 10 مدربين متخصصين يمتلكون القدرة على صناعة مواهب متميزة عبر إرسالها إلى المعسكرات الخارجية مع مدربين أوروبيين لرفع القدرات المهارية والفنية، ولا نعتقد أن هناك أكاديمية أخرى تقوم بمثل هذا التوجّه الذي ينمّ عن وعي وإدراك بهذه المهمة لصناعة نجوم للمستقبل الكروي. نحن هنا ليس قصدنا الترويج لأكاديمية على حساب أخرى، وإنما نرصد واقعًا قامت بها هذه الأكاديمية على الرغم من رصد رسوم اشتراكات إلا أن مردودها في تخريج المواهب إلى الواقع الكروي إيجابي، وبالتالي تستحق هذه الأكاديمية الذكر والثناء والشكر على ما قاموا به من جهد للمحافظة على هذه المواهب وتقديمها جاهزة للأندية المحلية ولمنتخباتنا الوطنية الصغيرة. وما تكريم اتحاد الكرة لهذه الأكاديمية بعد تحقيقها البطولة الخليجية عن طريق الأمين العام للاتحاد الكروي إبراهيم البوعينين إلا دليل على ما ذهبنا إليه لإيجابية هذه الأكاديمية، والتي نامل أن تواصل بالوتيرة نفسها من الحماس والعزيمة والإرادة. وفي المقام الآخر، نتمنى من المسؤولين على الرياضة في المملكة أن ينظروا بعين الاهتمام والرعاية لمثل هذه الأكاديميات، والتعاون معها وتسهيل مهامها ودعمها ماليًا ومعنويًا؛ لكي نصل جميعًا إلى الهدف الأكبر في تحقيق الإنجازات الوطنية في المحافل الخارجية.

مشاركة :