هل يكون العشاء الأخير

  • 4/17/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في تاريخ العرب المعاصر، أصبحت المنطقة العربية متعودة ودائما المرور بمنعطفات حادة ومصيرية، وتحديدا منذ نكبة فلسطين والفشل العربي الجماعي في علاجها، صار كل فصيل ثم نظام ثم دولة، يلقي بتبعة الفشل على الغير، ولما استنفد قميص فلسطين أغراضه، صار العرب يتفننون في تخليق المنعطفات المصيرية في حياة الأمة المولدة لصراعاتها ومآسيها. تتمخض هذه الصراعات عن حروب عسكرية تارة، وبعض يكتفى فيه بحروب باردة بطلها الإعلام، منذ الحرب اليمنية الأولى ستينات القرن الماضي، مرورا بحروب الكويت والعراق ثم سورية ثم السودان ثم ليبيا، لن أسالكم هل لاحظتم اختفاء اسم فلسطين؟ لأنه لم يختف تماما، ظل البيان الأول لكل حرب يذكر أنه الطريق لتحرير فلسطين والأقصى، لكن سأسأل هل لاحظتم الحضور الأمريكي الطاغي في كل تلك الحروب؟ ولأن هذا ليس حديث اليوم، أتجاوزه إلى العودة الجديدة للحرب العربية الباردة التي أفرزتها عاصفة الحزم، في الستينات كان مفهوما أن «النظم» العربية خلف هذه الحرب؛ لذا لم تكن تجد رواجا شعبيا، صحيح أن حرب تحرير الكويت أعادت إلى الأذهان حرب الثقافة العربية فيما سمي بثقافة الصحراء وثقافة الماء، ثقافة الثروة وثقافة الثورة، بل تمادى البعض بتسميتها ثقافة البداوة وثقافة الحضارة، وجميعها مسميات مغلوطة امتطت الأيديولوجيا للتسرب إلى مسامات الجلد العربي لتظهر على سطحه كنتوءات جلدية، وفي كل مرة لا يتم تنظيفها وتعقيمها وإنما تلف وتطوى إلى حين. لذا لم استغرب عودة هذه النغمة النشاز على هامش عاصفة الحزم من مثقفين يعانون أزمة انتماء حقيقية لهذه الأمة الواحدة، أو ربما جهل مركب، فالجزيرة العربية، الموصوفة ثقافتها بالبداوة والتصحر، عرفت قبل الإسلام وبعده حضارات سامقة إن تعامى عنها البعض فصفحات التاريخ العالمي ما زالت تحتفظ بها، ولن ألوم هؤلاء الموتورين والواجب تركهم كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، لكن اللوم على من تصدى لهم في الحوارات التلفازية، ممن سموا أنفسهم مثقفين ومستشارين إعلاميين ومحللين سياسيين وخبراء حضارة واجتماع، كيف تلعثموا أمام أباطيل هؤلاء، كيف يذهب الواحد منهم للنقاش دون مراجعة تعينه وتعرفه على بغية هؤلاء. مع اللوم أسجل فخري بالوعي الجماهيري العربي الذي تبدى في وسائل التواصل الاجتماعي ضد طرح عفن كهذا، قديما كان الأيديولوجيون، سياسيا ودينيا، يمررون طروحاتهم فلا تتعرض للنقاش والفحص من الجموع، وسائل التواصل بالنت، وهي برلمان العرب الجديد، وفرت المساحة المطلوبة لنقاش ودحض هذه الآراء العنصرية المريضة.

مشاركة :