"غاندو".. مسلسل تلفزيوني يكشف صراع النفوذ في إيران

  • 8/5/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يتداول الإعلام الإيراني رسالة من وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، بعثها إلى المرشد علي خامنئي، على خلفية الضجة التي أثارها مسلسل “غاندو”. وتعرض القناة الثالثة الإيرانية الحكومية منذ يونيو الماضي مسلسل ”غاندو“ والذي يعني ”التمساح المجّار“، حيث يناقش ملفا أمنيا حساسا؛ وهو عملية تبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والتي تتمركز على عملية تبادل الصحافي الإيراني-الأميركي جيسون رضائيان، المتهم بالتجسس لصالح واشنطن. وكانت الصحافة الإيرانية قد أشارت إلى أن ”فكرة مسلسل غاندو المكون من 30 حلقة تتمحور حول التنافس بين قوات الحرس الثوري وحكومة الرئيس حسن روحاني“، فضلا عن أنه يكشف تفاصيل أمنية حول علاقة رضائيان مع بعض المسؤولين الإيرانيين، من بينهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وألقي القبض على رضائيان في إيران في يوليو 2014 وأُدين بالتجسس عام 2015. ثم أطلق سراحه في 16 يناير 2016 مع ثلاثة مواطنين أميركيين آخرين مقابل إطلاق سراح سبعة إيرانيين اتُهموا أو أُدينوا بانتهاك العقوبات.وعبّر ظريف في رسالته لخامنئي عن “تردده حيال الاستمرار في منصبه وزيرا لخارجية إيران”، معتبرا أن “العمل في وزارة الخارجية لا يجوز شرعا”، خصوصا في حال “إثبات صحة جزء من هذا التخريب”، على حد قوله. الرسالة نقلتها أولا قناة “تلغرام” الخاصة بالصحافي الإيراني، محمد جواهري، قبل أن يؤكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، صحتها، ويشرح خلفياتها بالقول إن “هذا المسلسل سعى نحو إظهار وزير الخارجية كشخصية سلبية وغير فعالة ومستسلمة”، معربا في الوقت ذاته عن قناعته بأن “دولة بحجم إيران إذا كان من المقرر أن يكون لديها مثل هذا الوزير الذي يصوّره هذا المسلسل، فإن بقاءنا وبقاء وزير الخارجية ووزارة الخارجية غير مسموحين بهما”. وأضاف موسوي، خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي لوزارته، أنه “من الناحية الشرعية يجب على وزير الخارجية أن يكون شخصا يضع الكرامة والمنفعة والحكمة نصب عينيه، وأن يحظى بالقوة ليكون لسان حال هذه الأمة”. ولم يغفل الناطق باسم الخارجية الإيرانية، أثناء حديثه، الإشارة إلى السبب الذي دفع ظريف إلى توجيه الرسالة إلى المرشد خامنئي مباشرة، فأوضح أن “هيئة الإذاعة والتلفزيون من المؤسسات التي يُشرف عليها المرشد، الأمر الذي يحتم توجيه الشكوى إليه”. ولم يغفل خامنئي، من جهته، بحسب تسريبات محمد جواهري، الشكوى القادمة إليه من رئيس الدبلوماسية، فأكد “عدم رضاه بالمطلق عن تلقي ظريف لأدنى إهانة”. لكن هذه الدعوة لا تزال عاجزة عن اختراق آذان المسؤولين عن بثّ هذا المسلسل، حيث ظهر ظريف في أحداث المسلسل شخصية مخترَقة، تميل إلى الغرب. في الوقت نفسه، خرجت وزارة الخارجية في المسلسل بصورة تشي بأنها جهاز يعمل ضد المؤسسات الأمنية والمصالح الوطنية للبلاد. وكان ظريف رفض التعليق على المسلسل سابقا، وبرر ذلك بالقول “أنا لا أشاهد التلفزيون عادة”. لكنه كتب في تويتر ساخرا “ليس لدينا المال لعمل فیلم دعائي”، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة لحل التوترات الأخيرة من جهة، وإلى إنتاج مسلسل “غاندو” برعایة الحرس الثوري من جهة ثانية. وأنتجت هذه السلسلة شركة “Owj Media”، وهي شركة تابعة للحرس الثوري، ومشهورة بتزويد بلدية طهران بالملصقات الإعلانية المناهضة للولايات المتحدة. وشارك في السلسلة أكثر من 140 ممثلا. وتم تصويرها في إيران وتركيا والصين. كما أدى عدد من الممثلين الصينيين والأتراك أدوارا فيه. من جانبها طرحت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ”ايرنا“، في تقرير، تساؤلا ضمن بحثها عن أسباب قرار واشنطن فرض عقوبات على ظريف، بعنوان ”هل هيأ غاندو المجال لفرض عقوبات على ظريف؟“، حيث ألمحت فيه إلى تورط المسلسل التلفزيوني الشهير.ودللت الوكالة على رأيها السابق بتصريح خرج به مسؤول أميركي مؤخرا لم يكشف عن هويته، حيث قال فيه ”إذا تقرر أن نتواصل رسميا مع إيران فإننا نريد شخصا مهما يكون من متخذي القرار، وفي رأيي فإن ظريف الذي أرسل رسالة احتجاجية لقائد الجمهورية الإسلامية بسبب الصورة غير اللائقة التي أظهرته في مسلسل تلفزيوني ليس الخيار المفضل للرئيس دونالد ترامب لإجراء اتصال“. وعلقت الوكالة الإيرانية على التصريح السابق بقولها ”إن هذا التصريح يشير إلى أن مسلسل غاندو كان له تأثير مخرب في إضعاف وزير الخارجية“. يذكر أن المسلسل يحظى بدعم من التيار المحافظ. إذ أشاد الجنرال بهمن كاركر رئيس مؤسسة حفظ آثار قيم الدفاع المقدس بهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني ب، واصفا المسلسل بأنه أظهر قدرة البلاد على العمل الاستخباري وكشف الستار عن مؤامرات أعداء إيران. وشكك مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الثقافية والإعلامية حسام الدين آشنا، بمقاصد مسلسل ”غاندو“ ومصادر تمويله، وقال في تغريدة ”لا تمتلك الحكومة المال لصناعة مسلسل يروّج لها، ولكن يبدو أنّ هناك مكانا آخر به أموال كثيرة لتقويض مؤسساتالدولة“. وقررت الحكومة الإيرانية إيقاف المسلسل الذي لم تكتمل بعد حلقاته المتبقية بسبب خلاف شديد بين فريق الرئيس حسن روحاني وخصومه من المتشددين.

مشاركة :