الآلاف من سكان الرمادي يلجأون إلى بغداد سيرا على الأقدام

  • 4/17/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار أكبر المحافظات العراقية، أوسع موجة نزوح لسكانها البالغ عددهم مليون نسمة تقريبا، إلى خارج المدينة، حيث تشير الأرقام إلى نزوح عشرات الآلاف من العائلات بعد سلسلة الهجمات التي شنها مسلحو تنظيم داعش الذين يحاصرون المدينة منذ 5 أشهر ويسيطرون على ما نسبته 90 في المائة من مساحة المحافظة، التي كانت آخرها الاستيلاء على 7 من أهم المناطق التابعة لمدينة الرمادي حيث دخل مسلحو «داعش» إلى مناطق البو فراج والبو ذياب والبو عيثة ومناطق الصوفية والبو سود والبو غانم شمالي المدينة. مسلحو تنظيم داعش وبعد استيلائهم على هذه المناطق الحيوية أصبحوا يحيطون بمدينة الرمادي من كل جانب واقتربوا من وسط المدينة التي صارت بمرمى نيران أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة حيث لا تبتعد فوهات بنادقهم عن المبنى الحكومي في وسط الرمادي سوى مائتي متر من جهة منطقة الحوز وقرابة 2 كم عن جانبها الشمالي. بينما تتساقط قذائف الهاون التي يطلقها المسلحون باتجاه الأحياء السكنية والمباني الحكومية بشكل يومي ومستمر، مما أرعب المدنيين العزل الذين سقط كثير منهم جراء موجات القصف التي طالت حتى محافظ الأنبار صهيب الراوي بعد أن سقطت قرب موكبه. الأنباء التي يتناقلها الجميع هنا في داخل مدينة الرمادي تشير إلى انسحاب كثير من القطعات التابعة للقوات الأمنية التي ابتدأت بانسحاب قوات الحشد الشعبي من مواقع تموضعها في الأنبار وتحديدًا في الرمادي وضواحيها تلتها انسحابات لقوات تابعة للجيش والشرطة مما ساهم في احتلال مناطق جديدة من قبل مسلحي تنظيم داعش. هذا الانسحاب أفزع أهالي الرمادي الذين قرروا النزوح من المدينة والهروب من الموت بعد أن شاهد الجميع المجازر التي يرتكبها مسلحو تنظيم داعش عند دخولهم لأي مدينة، فكانت سلسلة الإعدامات التي نفذها المسلحون بحق أبناء مناطق البو فراج والبو غانم، دافعًا قويًا للهروب الجماعي لسكان الرمادي من الموت على يد المسلحين. عشرات الآلاف من سكان الرمادي اتجهوا صوب العاصمة بغداد سالكين طريق المخاطر باتجاه منطقة الخالدية مرورًا بمنفذ الصديقية وصولاً إلى عامرية الفلوجة 60 كم شرق الرمادي ثم الاتجاه إلى العاصمة بغداد. النازحون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، التي واكبت موجة النزوح الكبرى لأهالي مدينة الرمادي التي لم يشهد تاريخها أن تعرض سكانه لمثل هذا النزوح الجماعي والقسري. وقال مثنى محمد صالح أحد النازحين من مدينة الرمادي «هذا ماكسبناه من أكاذيب السياسيين وسارقي أموال الشعب والمتاجرين بأرواحنا ودمنا، اليوم أنا أخرج من بيتي بعد معاناة أشهر من الجوع وضنك المعيشة وحصار من قبل المسلحين، واليوم أحمل أطفالي على ظهري وأسير بهم على أقدامي إلى العاصمة بغداد هربًا من الموت». وأضاف: «أنتم الآن تشاهدون هذه الطوابير من البشر الذين يسيرون معنا هربًا من الموت، كيف لنا أن نثق بحكومة لا تستطيع حتى من توفير وسائل نقل لتنقذ مواطنيها من الموت، كيف لنا أن نثق بعد الآن بأنهم سيدافعون عنا، وهم أصلاً عاجزين حتى على توفير وسائل نقل لآلاف العائلات التي تركت منازلها». التدريسية في ثانوية الرمادي، وسن كمال محمد، من سكان منطقة الجمعية وسط مدينة الرمادي، قالت: «إن ما شهدته مدن الأنبار من حال سيئ كله بسبب متاجرة حكومة الأنبار وسياسيوها الذين باعوا الأرض والضمير وهربوا إلى عمان وإربيل وسكنوا الفنادق الفارهة هم وعوائلهم وتركونا نحن البسطاء نواجه الموت بين مطرقة (داعش) وسندان الحكومة الفاسدة». وأضافت قائلة: «خرجنا من بيوتنا ولم نتمكن من حمل أي شيء، خصوصًا وأننا نتجه إلى العاصمة سيرًا على الأقدام، وأساسًا كنا لا نملك في البيت خزينًا من المواد الغذائية بعد الحصار على المدينة الذي قارب 6 أشهر.، أنا الآن أسير ولا أعرف إلى أين أتجه وماذا سأطعم أطفالي، إنها عملية إبادة جماعية وجريمة اشترك بها كل السياسيون ومن دون استثناء». أما ماجد خلف الشيحان من أهالي منطقة البو فراّج التي استولى عليها مسلحي تنظيم داعش قبل أيام وارتكبوا فيها سلسلة من الجرائم تمثلت بإعدام عائلات بأكملها بمجرد انتماء بعض أفرادها إلى الأجهزة الأمنية، قال: «منذ 4 أيام مضت وأنا أفترش الأرض مع أطفالي وزوجتي وأمي العاجزة ونتوسل بالقوات الأمنية من أجل السماح لنا بالخروج من المدينة والاتجاه شرقًا صوب العاصمة بغداد على الرغم من المخاوف التي نسمع عنها هناك بأن البعض يتهم شبابنا بالانتماء لـ(داعش) وتعرضهم للخطف والموت جراء هذا الاتهام». وأضاف الشيحان: «الآن، أنا كما تراني لا أمتلك سوى رحمة الله، وعائلتي هذه، وفي مخيلتي أنني هربت بعائلتي من موت محقق إلى موت مجهول ومخاطر أخرى قد تصيبني أنا، ولكن هدفي هو حماية عائلتي، وعتبي على الحكومة التي تخلت عنا وباعتنا وقبضت الثمن». الرمادي التي كانت تزدحم بأهلها وبالنازحين إليها من بلدات الأنبار الأخرى، بدت وكأنها مدينة أشباح، الشوارع خالية والدور مؤثثة بالفراغ والهجران.

مشاركة :