بعد مضي ثلاث سنوات على إحدى أكبر المعارك التي شهدتها سوريا، لا يزال الدمار منتشراً في الجزء الأكبر من أسواق حلب التجارية، التي تمّ بناؤها قبل قرون، ولكن أقساماً صغيرة منها تمّ ترميمها مؤخراً، فيما تعود الحياة إليها شيئاً فشيئاً. حتى كانون الأول/ديسمبر من العام 2016، موعد دخول الجيش السوري إلى المدينة، شهد المركز التاريخي لحلب أعنف المعارك التي تخللت الحرب السورية الدائرة منذ ثمانية أعوام. ومع أن قبب بعض الأبنية لا تزال مهدمة، والجدران كذلك، ومع أن متاجر كثيرة فقدت كلّ ما فيها تقريباً، إلا أن السلام الذي دفع السوريون فاتورته باهظة جداً، دفع ببعض الحرفيين والتجار إلى العودة لأسواق حلب، وترميم متاجرهم وبدء الأعمال فيها بانتظار عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة. بعد انتهاء المعارك الطاحنة في المدينة، قدّرت منظمات أممية أن نحو ثلاثين بالمئة من المدينة القديمة تدمّر، فيما تعرَّضت مبانٍ أثرية معروفة عالمياً، منها الجامع الأموي، وقلعة بنيت في القرن الثالث عشر، وأبنية أثرية أخرى، لأضرار كبيرة.سوق السقطية لم يتعرض سوق السقطية، كأسواق أخرى، لدمار كبير وقد يفسّر هذا الأمر وقوع الاختيار عليه أوّلاً للبدء في عملية الترميم، التي دامت نحو ثمانية أشهر، وجاءت مدعومة، مادياً، من مؤسسة آغا خان الدولية (غير الربحية) ووكالات تنموية دولية أخرى. والسوق الذي يضمّ 53 متجراً، وتحدّه بوابتان خشبيتان كبيرتان، اشتهر في الماضي بالملاحم والمتاجر التي تبيع المكسرات (الفستق الحلبي) والحبوب على أنواعها. ويقول صالح أبو دان، اللحام الذي ورث ملحمة العائلة التي افتتحت في العام 1947 إن غرفة التجارة أبلغته بنيّتها ترميم السوق مضيفاً أنه كان سعيداً بالخبر. وكان أبو دان يبيع لحم البقر والجمل قبل انتشار السلاح في المدينة قبل 2012، وهو يخطط لإعادة بيع لحم الغنم، أحد القطاعات التي تضررت كثيراً خلال الحرب. خلال حديثه إلى الوكالة، يشير أبو دان إلى أنه لا يزال بحاجة للمال لشراء البرادات ويقول إن الهيئات الدولية دعمته وساعدته في ترميم السقف والأرضية والبنى التحتية بشكل عام، كما أن المؤسسة المعنية تكفلت بتغيير أبواب المتجر الخشبية وإمداده بالطاقة الشمسية. والسقطية ليس إلا قسماً من أسواق حلب التي يعتقد أنها أقدم أسواق مغطاة (مسقوفة) في تاريخ العالم، واعتاد السوريون والسياح من العالم كلّه زيارتها سنوياً، بهدف شراء منتجات اشتهرت بها المنطقة مثل التوابل والنسيج والزيوت والصابون وغيرها من المنتجات التي صنّعها حرفيّو حلب عبر امتداد القرون. وتواجه الحكومة السورية مسألة عويصة لناحية تمويل عمليات الترميم، إذ تصطدم بالعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها، وذلك على الرغم من توفّر المال والجهات الداعمة أحياناً. ويعتبر افتتاح السقطية – وهو سيتمم رسمياً في آب/أغسطس الحالي - ثالث عملية افتتاح في الأسواق الحلبية، التي تكافح لجذب الزبائن، بعد "خان الجمرك"، حيث يباع النسيج، وسوق النحاس، العام الماضي."خان الجمرك" أقدم أسواق حلب ينفض غباره ويفتح أبوابهحلب تنفض غبار الحرب وعودة تدريجية للحياة في عاصمة سوريا الاقتصادية
مشاركة :