بريكست يلقي بظلاله على تسوية نزاع إقليم كشمير

  • 8/6/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تشابه بين قضيتي "إيرلندا الشمالية" وإقليم "جامو وكشمير" التشابه بين قضيتي "أيرلندا الشمالية"، وإقليم "جامو وكشمير"، هو أن البروتستانت المعارضين للانفصال كانوا مدعومين من المملكة المتحدة، والكاثوليك الذين خاضوا حربًا دموية تحت راية الجيش الجمهوري الإيرلندي كان لديهم دعم ضمني من جمهورية أيرلندا، التي كانت تضمر رغبة في الأمة الأيرلندية الكبرى. حتى بعد مرور 20 عامًا على الاتفاق، يقف المجتمعان منفصلين، حيث توجد مدارس وسكن ونوادٍ وأنشطة ثقافية منفصلة، وفي الواقع كل شيء منفصل، فانعدام الثقة عميق لدرجة أن مقبرة المدينة مقسمة والجدار (الفاصل) يمر تحت الأرض، لمنع حتى موتى المُجتمعَين من "التلاقي". ولكن ثمة مؤشرات واضحة على السلام أيضًا، ذكر ساتيش كومار، وهو مدرس من أصل هندي بجامعة "كوينز" المشهورة عالميًا في مدينة بلفاست، أن المنطقة اعتادت على أن تكون مليئة بالشكوك. كان مشهد الجنود البريطانيين المسلحين بعتاد المعركة، وهم يطاردون عناصر القوات الخاصة التابعة للجيش الجمهوري الأيرلندي على طرق بلفاست وتفجيرات القنابل والمواجهات من معالم الحياة اليومية. وقال كومار: "لا يوجد أي شرطي يمكن رؤيته الآن في أي مكان في الأسواق.. السلام سمح لرجال الأعمال والعقارات بالنمو"، مضيفًا أن طرق الأبواب والتفتيش في منتصف الليل كانت شائعة ولم يكن من السهل التنقل في الليل. في عام 2009، اعتبر مسلسل تلفزيوني حول أكثر المحاربين دموية، بثته قناة "ديسكفري" (أمريكية خاصة)، وقارن بين حركة "طالبان" في أفغانستان والجيش الجمهوري الأيرلندي، أن الأخير أشد فتكًا من حيث الوصول إلى الأسلحة والتكتيكات. تضم مدينة بلفاست فندق "يوروبا"، وهو أكثر الفنادق التي تعرضت للقصف في العالم، حيث استهدف 27 مرة، يقول الصحفيون إن بوابته استُهدفت مرارًا ليتصدر عناوين الصحف، حيث اعتاد استضافة معظم الصحفيين الزائرين. ووفقًا لما قاله كومار، فإن اتفاق "الجمعة العظيمة" عام 1998، وفي وقت لاحق اتفاقية "سانت أندرو" 2007، أعطت الفصائل المتحاربة شعوراً بالنصر. وبينما وقعت الاتفاقية السابقة بين حكومتي المملكة المتحدة وجمهورية أيرلندا، وقعت الاتفاقية الأخيرة بين الفصائل المتحاربة من حزب "شين فين"، و"الحزب الاتحادي الديمقراطي" البروتستانتي المتطرف، لتشكيل سلطة تنفيذية قائمة على تقاسم السلطة. كما أنهت اتفاقية "الجمعة العظيمة" النزاع البريطاني - الأيرلندي الذي استمر طيلة سبعة عقود، والذي بلغ ذروته عام 1916 مع انتفاضة عيد الفصح في دبلن. النزاع أشعل سلسلة من الأحداث، وقسّم المنطقة في نهاية المطاف، وأسفر عن تشكيل دولة منفصلة لجمهورية أيرلندا في الجنوب تضم 26 مقاطعة، بينما تم دمج ست مقاطعات في الشمال مع المملكة المتحدة. ظل الإقليم الشمالي، الذي يبلغ عدد سكانه مليوني نسمة، في حالة من الاضطراب، حيث واصل 45٪ من الأقلية الكاثوليك ويسمون "القوميين" القتال من أجل الاندماج مع جمهورية أيرلندا. أما الغالبية العظمى 55٪ من البروتستانت (اتحاديين)، الذين كان يُنظر إليهم على أنهم غرباء ومستوطنين، ففضلوا الاندماج الكامل مع المملكة المتحدة. وفي إطار عملية السلام، طُلب من المسلحين من كلا الجانبين نزع السلاح، لكن خلافًا لما حدث في الهند، كان الجانب المهم في نزع سلاح المسلحين هو أن بريطانيا لم تصر مطلقًا على أن يلقوا أسلحتهم في العلن، كما لم يضعوه شرطًا لاستئناف المفاوضات، وتم تشكيل لجنة دولية في وقت لاحق بقيادة جنرال كندي لمراقبة جمع الأسلحة. ** صيغة "مشرف" لتسوية نزاع كشمير وعملية السلام في أيرلندا الشمالية وفقًا للاتفاقية، تخلت الحكومة الأيرلندية أيضًا عن مطالبتها بأيرلندا الشمالية، في حين تم السماح للمنطقة بالبقاء جزءًا من المملكة المتحدة، فقد سمحت الاتفاقية بالحق في الانفصال، الذي ينص على احترام رغبة الانفصال الذي عبرت عنه الأغلبية. كما شكلت علاقة متداخلة بين بريطانيا، وأيرلندا، وأيرلندا الشمالية، حيث أنشأت مؤتمرًا حكوميًا بريطانيًا - أيرلنديًا لتعزيز التعاون الثنائي ومؤتمرًا وزاريًا بين الشمال والجنوب يشرف فيه أعضاء السلطة التنفيذية والحكومة الأيرلندية الشمالية على التعاون عبر الحدود. كما سُمح لسكان أيرلندا الشمالية بالحفاظ على جنسيات مزدوجة، حيث يحملون جوازات سفر أيرلندية وبريطانية. وهذه الاتفاقية لا تُلزم النواب الجدد في الجمعية التشريعية (البرلمان) لأيرلندا الشمالية بأداء يمين بالولاء للسيادة البريطانية، أو بدء جلسات الجمعية بالنشيد البريطاني "عاشت المملكة". من جانبه، يعتقد المؤلف والخبير القانوني البارز، إيه جي نوراني، أن نقطة التحول في النزاع الأيرلندي كانت عام 1990، عندما قال وزير خارجية أيرلندا الشمالية آنذاك بيتر بروك، إن الحكومة البريطانية ليس لديها مصلحة أنانية استراتيجية أو اقتصادية في أيرلندا الشمالية. وأضاف بروك: "دورنا هو مساعدة وتمكين وتشجيع هدف بريطانيا، إنها لا تستهدف احتلال أو اضطهاد أو استغلال؛ ولكن ضمان حوار ديمقراطي وخيار حر". لقد فتح تصريحه الأبواب أمام الجيش الجمهوري الأيرلندي للمشاركة في المفاوضات. ويؤكد الخبراء في الهند وباكستان، أن جزءًا كبيرًا مما يسمى بـ"صيغة" الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، لتسوية قضية كشمير كان يستند إلى اتفاق "الجمعة العظيمة أو اتفاق بلفاست". وفي هذا الصدد، أقر خورشيد محمود قصوري، الذي كان وزيرًا لخارجية باكستان في عهد مشرف، بأنه تم استخلاص دروس من عملية السلام في أيرلندا الشمالية أثناء صياغة خطة تسوية لقضية كشمير. وقال قصوري إن مستشار الأمن القومي الباكستاني طارق عزيز، ووزير الخارجية، رياض محمد خان، آنذاك أجريا مناقشات استمرت أكثر من 200 ساعة مع ساتيندر لامبا، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الهندي السابق، مانموهان سينغ من عام 2003 إلى عام 2008. ** ملامح تسوية "كشمير" المقترحة قال قصوري، إن المحاورين الهنود والباكستانيين عقدوا أكثر من 30 اجتماعًا في دبي، وكاتماندو لصياغة خطة من تسع نقاط تشبه إلى حد ما اتفاقية "الجمعة العظيمة". وكانت الصيغة المكونة من تسع نقاط؛ تشمل الحد من العنف من خلال التحكم في تحركات المسلحين عبر الحدود وتفكيك البنية التحتية للإرهاب، ونزع السلاح والحكم الذاتي وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتوقيع معاهدة سلام وأمن وصداقة بعد معالجة القضايا المعلقة إلى جانب نقاط أخرى. وقال "لامبا" إن مانموهان سينغ، كلفه بالعمل على جعل الحدود غير ذات صلة بالقضية، وتمكين التجارة والاتصالات والتواصل وتنمية الشعب الكشميري من كلا الجانبين، وإنهاء دورة العنف دون إعادة رسم الخريطة أو تبادل السيادة. من جانبه، حذر السناتور الأمريكي السابق جورج ميتشل، الذي كان له دور فعال في صياغة اتفاق 1998، من أن أي تراجع عن الاتفاق ربما يؤجج عودة العنف في أيرلندا الشمالية. وقال إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي سيؤدي إلى إقامة مراكز جمركية على الحدود، ليس من مصلحة أحد. وأضاف في تصريحات لصحيفة "أيريش نيوز" ومقرها بلفاست، أن "الحدود الصارمة بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية ستضر كليهما". بدوره يعتقد نوراني، الذي كتب باستفاضة حول عمليات السلام في أيرلندا الشمالية وكشمير، أن الموقف البريطاني الحالي سيقوّض كل المكاسب وسيضع علامة استفهام حول نجاح عملية السلام في إيرلندا الشمالية. كما أنه سيضر بقضية أولئك الذين يحاولون إبرازها كنموذج يحتذى لتسوية النزاعات الأخرى. وعلى غرار الحوار الحالي بين الولايات المتحدة، وحركة "طالبان" لإحلال السلام في أفغانستان، أعطت عملية أيرلندا الشمالية درسًا مهمًا للعالم منذ وقت طويل، مفاده أنه بينما تستطيع الحكومات التعايش مع المعتدلين وإشراكهم في المناقشات، فإن المتطرفين وحدهم في نهاية المطاف هم الذين يجعلون الاتفاقات تصمد. المشكلة الوحيدة مع الحكومات والشعوب في جميع أنحاء العالم هي أن ذاكرتهم قصيرة العمر، وأنهم يميلون إلى تكرار السير على الدروب المعهودة، والبدء في إعادة رسم الدائرة من جديد. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :